ستة على ستة

صحتنا في خطر

| عطا السيد الشعراوي

لدى‭ ‬الكثير‭ ‬هوس‭ ‬متابعة‭ ‬الأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالصحة‭ ‬والتغذية‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬سليمة‭ ‬ووجبة‭ ‬آمنة‭ ‬وطعام‭ ‬خال‭ ‬من‭ ‬الضرر،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هؤلاء‭ ‬يجدون‭ ‬مشقة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الاستقرار‭ ‬على‭ ‬نموذج‭ ‬للحياة‭ ‬والطعام‭ ‬بسبب‭ ‬التضارب‭ ‬الواضح‭ ‬والشديد‭ ‬بين‭ ‬الدراسات،‭ ‬فما‭ ‬يلبث‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬الشخص‭ ‬أسلوبا‭ ‬لمعيشته‭ ‬وفقا‭ ‬لدراسات‭ ‬أعجبته‭ ‬وتوافقت‭ ‬مع‭ ‬رغبته،‭ ‬إلا‭ ‬ويصطدم‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بدراسات‭ ‬تحمل‭ ‬معها‭ ‬خلاصات‭ ‬مغايرة‭.‬

الخلاف‭ ‬أو‭ ‬التناقض‭ ‬بين‭ ‬الدراسات‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مقبولا‭ ‬طالما‭ ‬بني‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬علمي‭ ‬وأبحاث‭ ‬جادة‭ ‬ومستفيضة‭ ‬في‭ ‬الموضوع،‭ ‬فهنا‭ ‬قد‭ ‬يعزى‭ ‬لضعف‭ ‬أو‭ ‬قصور‭ ‬اعترى‭ ‬الدراسة‭ ‬السابقة‭ ‬أو‭ ‬لتطور‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬جعلها‭ ‬في‭ ‬تعداد‭ ‬الماضي‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬تجاوزه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأمر‭ ‬المؤسف‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الخلاف‭ ‬والتناقض‭ ‬تبعا‭ ‬لأهواء‭ ‬ومصالح‭ ‬أفراد‭ ‬أو‭ ‬جهات‭ ‬معينة‭ ‬تتحكم‭ ‬في‭ ‬العلم‭ ‬وتوجه‭ ‬نتائجه،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬صحتنا‭ ‬وحياتنا‭. ‬

فقد‭ ‬وجه‭ ‬جون‭ ‬شارب‭ ‬عميد‭ ‬جامعة‭ ‬“تكساس‭ ‬إيه‭ ‬أند‭ ‬أم”‭ ‬الأميركية‭ ‬الكبيرة‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬لورنس‭ ‬بايكو‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬العريقة‭ ‬يشكو‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬تصريحات‭ ‬أساتذة‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬شككوا‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬بصحة‭ ‬دراسة‭ ‬تقلل‭ ‬نتائجها‭ ‬من‭ ‬أخطار‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء،‭ ‬حيث‭ ‬أكدت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأخطار‭ ‬ضعيفة‭ ‬لدرجة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬كمبرر‭ ‬للتوصيات‭ ‬الصادرة‭ ‬عن‭ ‬وكالات‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬بضرورة‭ ‬تقليص‭ ‬استهلاك‭ ‬اللحوم‭ ‬الحمراء‭ ‬والمقددة،‭ ‬واتهم‭ ‬أساتذة‭ ‬هارفارد‭ ‬معدي‭ ‬الدراسة‭ ‬بأنهم‭ ‬لم‭ ‬يكشفوا‭ ‬عن‭ ‬صلاتهم‭ ‬ببرنامج‭ ‬جامعي‭ ‬ممول‭ ‬جزئيًا‭ ‬من‭ ‬مجموعة‭ ‬الضغط‭ ‬الخاصة‭ ‬بقطاع‭ ‬إنتاج‭ ‬لحم‭ ‬البقر‭.‬

وقال‭ ‬شارب‭ ‬في‭ ‬رسالته‭ ‬“باستطاعتي‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬لكم‭ ‬أن‭ ‬دراسة‭ ‬جامعة‭ ‬تكساس‭ ‬إيه‭ ‬أند‭ ‬أم‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬علمية‭ ‬بحتة،‭ ‬وأن‭ ‬الباحثين‭ ‬في‭ ‬هارفرد‭ ‬قاموا‭ ‬بأعمال‭ ‬منافية‭ ‬للأخلاق”‭.‬

ودون‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬أكثر‭ ‬حول‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬وما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬شد‭ ‬وجذب‭ ‬بين‭ ‬الجامعتين‭ ‬الأميركيتين،‭ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬تؤكد‭ ‬لنا‭ ‬ضرورة‭ ‬أخذ‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬وعدم‭ ‬الانسياق‭ ‬وراء‭ ‬أية‭ ‬دراسة‭ ‬دون‭ ‬تفكير‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬الرجوع‭ ‬لأهل‭ ‬الاختصاص‭ ‬لتبين‭ ‬حقيقتها‭ ‬ومدى‭ ‬صحة‭ ‬نتائجها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تضيع‭ ‬صحتنا‭ ‬بين‭ ‬مصالح‭ ‬أشخاص‭ ‬وشركات‭ ‬تلهث‭ ‬وراء‭ ‬مصالحها‭ ‬دون‭ ‬وازع‭ ‬أو‭ ‬رادع‭.‬