الديمقراطية والتعددية والعلمانية تهتز في الهند

| عبدالنبي الشعلة

أحرص‭ ‬دائمًا‭ ‬على‭ ‬زيارة‭ ‬الهند‭ ‬بانتظام،‭ ‬وقد‭ ‬قضيت‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬يناير‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬مومباي‭ ‬العاصمة‭ ‬التجارية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬لها،‭ ‬وأقضي‭ ‬الآن‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬أخر‭ ‬في‭ ‬عاصمتها‭ ‬السياسية‭ ‬نيودلهي،‭ ‬التي‭ ‬وصلتها‭ ‬بتاريخ‭ ‬30‭ ‬من‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه‭ ‬وهي‭ ‬تحتفل‭ ‬فيه‭ ‬بـ‭ ‬“يوم‭ ‬الشهداء”‭ ‬الذي‭ ‬يقام‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬تخليدًا‭ ‬لذكرى‭ ‬اغتيال‭ ‬المهاتما‭ ‬غاندي‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬1948‭.‬

لقد‭ ‬قُتل‭ ‬المهاتما‭ ‬غاندي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أحد‭ ‬الغلاة‭ ‬المتطرفين‭ ‬الهندوس،‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يقبلوا‭ ‬دعواته‭ ‬للأغلبية‭ ‬الهندوسية‭ ‬باحترام‭ ‬حقوق‭ ‬الأقلية‭ ‬المسلمة،‭ ‬واعتبروا‭ ‬تلك‭ ‬الدعوات‭ ‬خيانة‭ ‬عظمى،‭ ‬كما‭ ‬كانوا‭ ‬يؤمنون‭ ‬بأن‭ ‬غاندي‭ ‬ضحى‭ ‬بمصالح‭ ‬ومكتسبات‭ ‬الهندوس‭ ‬لصالح‭ ‬المسلمين؛‭ ‬فقرروا‭ ‬التخلص‭ ‬منه‭ ‬وتصفيته‭.‬

في‭ ‬مومباي‭ ‬ونيودلهي‭ ‬التقيت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬ورجال‭ ‬السياسة‭ ‬والأعمال‭ ‬والإعلام‭ ‬وفعاليات‭ ‬نافذة‭ ‬أخرى،‭ ‬وأحسست‭ ‬بما‭ ‬يشعرون‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬قلق‭ ‬وتخوف‭ ‬حول‭ ‬مستقبل‭ ‬الديمقراطية‭ ‬في‭ ‬بلادهم،‭ ‬ورأيت‭ ‬الهند‭ ‬في‭ ‬هاتين‭ ‬الزيارتين‭ ‬وهي‭ ‬تسبح‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬موجات‭ ‬من‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬والمظاهرات،‭ ‬وفي‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬معهودة‭ ‬من‭ ‬الانقسام‭ ‬والاحتقان‭ ‬الطائفي،‭ ‬وتغير‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬المزاج‭ ‬العام‭ ‬لمختلف‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭ ‬الهندي‭ ‬نتيجةً‭ ‬لاستخدام‭ ‬حزب‭ ‬“بهاراتيا‭ ‬جناتا”‭ ‬الحاكم،‭ ‬وهو‭ ‬حزب‭ ‬يميني‭ ‬هندوسي‭ ‬متطرف،‭ ‬سياسات‭ ‬شعبوية‭ ‬عرقية،‭ ‬وأساليب‭ ‬عنصرية‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬تأجيج‭ ‬الطفرة‭ ‬القومية‭ ‬الهندوسية،‭ ‬وإلى‭ ‬خلق‭ ‬توترات‭ ‬قومية‭ ‬وإثنية‭ ‬ودينية،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬الدفع‭ ‬إلى‭ ‬الأمام‭ ‬بأجندته‭ ‬السياسية‭ ‬المعلنة‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحويل‭ ‬الهند‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬دينية‭ ‬هندوسية‭ ‬“هندو‭ ‬راشترا”‭ ‬وتقليص‭ ‬نفوذ‭ ‬ووجود‭ ‬المسلمين‭ ‬فيها‭.‬

هذه‭ ‬السياسات‭ ‬والممارسات‭ ‬أصبحت‭ ‬الآن‭ ‬تشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬حقيقيًا‭ ‬مباشرًا‭ ‬للمبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬الدستورية‭ ‬التي‭ ‬أرساها‭ ‬ورسخها‭ ‬الآباء‭ ‬والقادة‭ ‬المؤسسون،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسهم‭ ‬المهاتما‭ ‬غاندي‭ ‬والباندت‭ ‬جواهر‭ ‬لال‭ ‬نهرو،‭ ‬والتي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعلمانية‭ ‬والتعددية‭ ‬والتسامح‭.‬

وفي‭ ‬زياراتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬للهند‭ ‬رأيت‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬المتعصبين‭ ‬الهندوس‭ ‬نجحوا‭ ‬بالفعل‭ ‬في‭ ‬استثمار‭ ‬الأعمال‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬باسم‭ ‬الدين‭ ‬الإسلامي‭ ‬بعض‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتأسلمة،‭ ‬ونجحوا‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬استيراد‭ ‬بضاعة‭ ‬أو‭ ‬عدوى‭ ‬الإسلامفوبيا‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬لإشعال‭ ‬وتأجيج‭ ‬مشاعر‭ ‬العداء‭ ‬والكراهية‭ ‬للمسلمين‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وتضييق‭ ‬الخناق‭ ‬حولهم‭.‬

كما‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬الحزب‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬لا‭ ‬يعارض،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬يشجع‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والتصرفات‭ ‬ويستغل‭ ‬الظروف‭ ‬والأجواء‭ ‬الناتجة‭ ‬عنها‭ ‬لصد‭ ‬وتحويل‭ ‬اهتمام‭ ‬الناس‭ ‬عما‭ ‬يواجهه‭ ‬من‭ ‬إخفاقات‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأداء‭ ‬الاقتصادي‭ ‬وتحقيق‭ ‬المكاسب‭ ‬التي‭ ‬وعد‭ ‬بها‭ ‬منتخبيه‭. ‬والمعروف‭ ‬بهذا‭ ‬الصدد‭ ‬أن‭ ‬علم‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬المدرسة‭ ‬الميكيافيلية‭ ‬ينصح‭ ‬القادة‭ ‬المستبدين‭ ‬بأنه‭  ‬في‭ ‬حالة‭ ‬إخفاقهم‭ ‬وفشلهم‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬ما‭ ‬وعدوا‭ ‬به‭ ‬شعوبهم؛‭ ‬ما‭ ‬عليهم‭ ‬إلا‭ ‬تشتيت‭ ‬وإبعاد‭ ‬وتحويل‭ ‬اهتمام‭ ‬شعوبهم‭ ‬عن‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬فشلوا‭ ‬في‭ ‬تحقيقها؛‭ ‬وتحويل‭ ‬أنظارهم‭ ‬إلى‭ ‬مجالات‭ ‬وقضايا‭ ‬أخرى،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬خلق‭ ‬عداوات‭ ‬وخلافات‭ ‬وتهديدات‭ ‬خارجية‭ ‬أو‭ ‬الأفضل‭ ‬افتعال‭ ‬انشقاقات‭ ‬وتوترات‭ ‬داخلية‭.‬

ومنذ‭ ‬أن‭ ‬نالت‭ ‬الهند‭ ‬استقلالها‭ ‬قبل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬سبعين‭ ‬عامًا‭ ‬وأصبحت‭ ‬عضوًا‭ ‬فعالًا‭ ‬في‭ ‬الأسرة‭ ‬الدولية،‭ ‬والعالم‭ ‬يتابع‭ ‬ويراقب‭ ‬بكل‭ ‬توجس‭ ‬وتقدير‭ ‬وإعجاب‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬الفريدة‭ ‬التي‭ ‬تواصل‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬النمو‭ ‬والتطور‭ ‬والعدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬لشعبها‭ ‬في‭ ‬أطر‭ ‬وقوالب‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وعلى‭ ‬أسس‭ ‬ومبادئ‭ ‬التعددية‭ ‬والعلمانية،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬والتحديات‭ ‬التي‭ ‬واجهتها‭.‬

لقد‭ ‬ولدت‭ ‬الهند‭ ‬الحديثة‭ ‬بعد‭ ‬مخاض‭ ‬عسير‭ ‬وكفاح‭ ‬طويل‭ ‬مع‭ ‬الاستعمار‭ ‬البريطاني،‭ ‬ونالت‭ ‬استقلالها‭ ‬بعد‭ ‬نضال‭ ‬مضنٍ‭ ‬ومعاناة‭ ‬مريرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬أراضيها،‭ ‬لكن‭ ‬قادتها‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬من‭ ‬هندوس‭ ‬ومسلمين‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬بدًا‭ ‬أو‭ ‬مفرًا‭ ‬أو‭ ‬خيارًا‭ ‬آخر‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬إلا‭ ‬الرضوخ‭ ‬لمطالب‭ ‬المسلمين،‭ ‬بقيادة‭ ‬محمد‭ ‬علي‭ ‬جناح،‭ ‬وإصرارهم‭ ‬على‭ ‬فصل‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬الهندية‭ ‬ذات‭ ‬الأغلبية‭ ‬المسلمة‭ ‬وتخصيصها‭ ‬لتأسيس‭ ‬وطن‭  ‬قومي‭ ‬منفصل‭ ‬لمسلمي‭ ‬الهند،‭ ‬فانقسمت‭ ‬شبه‭ ‬القارة‭ ‬الهندية‭ ‬أو‭ ‬الهند‭ ‬البريطانية‭ ‬إلى‭ ‬جمهورية‭ ‬الهند‭ ‬العلمانية‭ ‬وجمهورية‭ ‬الباكستان‭ ‬الإسلامية‭ (‬بشقيها‭ ‬الشرقي‭ ‬والغربي‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭)‬،‭ ‬وصارت‭ ‬عملية‭ ‬التقسيم‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬مرعبة‭ ‬راح‭ ‬ضحيتها‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬الهنود‭ ‬من‭ ‬الهندوس‭ ‬والمسلمين‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬أرواحهم‭ ‬وممتلكاتهم،‭ ‬وغادر‭ ‬معظم‭ ‬الهندوس‭ ‬أراضي‭ ‬الباكستان‭ ‬إلى‭ ‬الهند،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭ ‬نزح‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬الهنود‭ ‬إلى‭ ‬جمهوريتهم‭ ‬الوليدة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ملايين‭ ‬آخرين‭ ‬منهم‭ ‬اختاروا‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬جمهورية‭ ‬الهند‭ ‬العلمانية،‭ ‬وكانت‭ ‬أصوات‭ ‬كثيرة‭ ‬من‭ ‬الهندوس،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬المتعصبين‭ ‬منهم،‭ ‬ارتفعت‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت‭ ‬مطالبة‭ ‬بترحيل‭ ‬من‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬إلى‭ ‬الباكستان،‭ ‬وبأن‭ ‬تكون‭ ‬الهند‭ ‬دولة‭ ‬هندوسية،‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الباكستان‭ ‬الإسلامية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المؤسسين‭ ‬بحكمتهم‭ ‬وحنكتهم‭ ‬وإرادتهم‭ ‬أصروا‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬وضمان‭ ‬سلامتهم‭ ‬وحقوقهم،‭ ‬مع‭ ‬الالتزام‭ ‬بقيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتعددية‭ ‬والعلمانية‭.‬

فاستقرت‭ ‬أوضاع‭ ‬الهند‭ ‬السياسية‭ ‬وبرزت‭ ‬مكانتها‭ ‬الدولية‭ ‬المرموقة،‭ ‬وتوسع‭ ‬وتطور‭ ‬التعليم‭ ‬فيها،‭ ‬ونما‭ ‬اقتصادها‭ ‬وتطورت‭ ‬صناعاتها،‭ ‬وتفوقت‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬عديدة‭ ‬مثل‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬وغيرها،‭ ‬ونمت‭ ‬قوتها‭ ‬العسكرية‭ ‬وأضحت‭ ‬دولة‭ ‬نووية،‭ ‬وتكدس‭ ‬مخزونها‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬المتعلمة‭ ‬التي‭ ‬تدير‭ ‬عجلة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬والتي‭ ‬غزت‭ ‬أسواق‭ ‬العالم،‭ ‬وأصبح‭ ‬لها‭ ‬وجود‭ ‬ونفوذ‭ ‬محسوس‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والخدمية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬وصار‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬كبريات‭ ‬الشركات‭ ‬العالمية‭ ‬يقودها‭ ‬ويديرها‭ ‬هنود‭ ‬في‭ ‬المهجر،‭ ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬لرجال‭ ‬الأعمال‭ ‬الهنود‭ ‬حضور‭ ‬بارز‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العالمي‭ ‬وفي‭ ‬قوائم‭ ‬أكبر‭ ‬مليونيرات‭ ‬ومليارديرات‭ ‬العالم‭.‬

هذه‭ ‬الاختراقات‭ ‬والإنجازات‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتحقق‭ ‬لولا‭ ‬تمسك‭ ‬الشعب‭ ‬الهندي‭ ‬بوحدته‭ ‬ووطنيته،‭ ‬ولولا‭ ‬إصرار‭ ‬قادته‭ ‬وساسته‭ ‬على‭ ‬التمسك‭ ‬بقيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والعلمانية‭ ‬والتعددية‭ ‬والمساواة،‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الشعب‭ ‬لن‭ ‬يضحي‭ ‬بالتأكيد‭ ‬بكل‭ ‬هذه‭ ‬المكاسب‭ ‬والمنجزات‭ ‬ولن‭ ‬يتخلى‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬والمبادئ‭ ‬التي‭ ‬ترسخت‭ ‬في‭ ‬كيانه‭ ‬ووجدانه،‭ ‬وقد‭ ‬رأيت‭ ‬أن‭ ‬قطاعات‭ ‬واسعة،‭ ‬وخصوصًا‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬ومن‭ ‬مختلف‭ ‬أطياف‭ ‬ومكونات‭ ‬المجتمع،‭ ‬يتقدمهم‭ ‬هندوس،‭ ‬قد‭ ‬هبَّت‭ ‬وسارعت‭ ‬معربة‭ ‬عن‭ ‬قلقها‭ ‬وخوفها‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬محتجة‭ ‬ومعترضة‭ ‬ومتصدية‭ ‬لمحاولات‭ ‬إذكاء‭ ‬النعرات‭ ‬القومية‭ ‬والدينية‭ ‬ولسياسات‭ ‬التفرقة‭ ‬والتهميش‭ ‬وتمزيق‭ ‬الأمة،‭ ‬وقد‭ ‬أخذوا‭ ‬بالتدفق‭ ‬بالآلاف‭ ‬وبأعداد‭ ‬متزايدة‭ ‬إلى‭ ‬ميادين‭ ‬مختلف‭ ‬المدن‭ ‬الهندية‭ ‬رافعين‭ ‬صور‭ ‬غاندي‭ ‬وشعاراته‭ ‬الداعية‭ ‬إلى‭ ‬الوحدة‭ ‬والتعاون‭ ‬والتعايش‭ ‬ونبذ‭ ‬التفرقة‭ ‬والانقسام‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬لن‭ ‬يظل‭ ‬صامتًا‭ ‬أو‭ ‬يقف‭ ‬مكتوف‭ ‬الأيدي‭ ‬حيال‭ ‬هذه‭ ‬التطورات،‭ ‬فهذه‭ ‬مجلة‭ ‬الإيكونومست‭ ‬العريقة‭ ‬الواسعة‭ ‬الانتشار‭ ‬تستعرض‭ ‬في‭ ‬عددها‭ ‬الأخير‭ ‬سياسات‭ ‬وممارسات‭ ‬حزب‭ (‬بهاراتيا‭ ‬جناتا‭) ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬القوانين‭ ‬الإقصائية‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬الحكومة‭ ‬والتي‭ ‬تستهدف‭ ‬المسلمين‭ ‬وتنال‭ ‬من‭ ‬حقوقهم‭ ‬الأساسية،‭ ‬وحذرت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬والإجراءات‭ ‬ستتحول‭ ‬إلى‭ ‬“سموم‭ ‬سياسية”‭ ‬قاتلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للهند‭ ‬وقد‭ ‬تغرقها‭ ‬في‭ ‬“حمامات‭ ‬من‭ ‬الدم”،‭ ‬وأكدت‭ ‬المجلة‭ ‬أن‭ ‬“محاولات‭ ‬خلق‭ ‬الانقسام‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬حول‭ ‬الدين‭ ‬والهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الإيحاء‭ ‬بأن‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬الهند‭ ‬يشكلون‭ ‬طابورا‭ ‬خامسا‭ ‬خطيرا،‭ ‬قد‭ ‬جعلت‭ ‬الحزب‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬حيوية‭ ‬قاعدته‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتحويل‭ ‬الأنظار‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬الركود‭ ‬الاقتصادي”‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬الهند‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭.‬

إننا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬تامة‭ ‬بأن‭ ‬صديقتنا‭ ‬وشريكتنا‭ ‬الهند‭ ‬ستتمكن‭ ‬من‭ ‬التغلب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭ ‬الوطنية‭ ‬ومن‭ ‬تخطي‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬المصيرية‭ ‬بسلام‭.‬