ريشة في الهواء

وجه الصحافة الآخر

| أحمد جمعة

عندما‭ ‬نتوقف‭ ‬ونتأمل‭ ‬الأداء‭ ‬الوظيفي‭ ‬لكل‭ ‬وزارة‭ ‬أو‭ ‬مسؤول‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬بالضبط‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬النيل‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬أو‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬كما‭ ‬يعتقد‭ ‬البعض‭ ‬ممن‭ ‬يتحسس‭ ‬من‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الذين‭ ‬يتلمسون‭ ‬هموم‭ ‬الناس‭ ‬ويقتربون‭ ‬من‭ ‬معاناتهم،‭ ‬بل‭ ‬بعضهم‭ ‬يعيش‭ ‬ذات‭ ‬المعاناة‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الناس‭ ‬الذين‭ ‬يتنفسون‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ما‭ ‬يكتب‭ ‬عنهم‭ ‬وعن‭ ‬معاناتهم،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يعاني،‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬ومن‭ ‬المرض‭ ‬ومن‭ ‬هضم‭ ‬الحقوق،‭ ‬وهناك‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬يتخيل‭ ‬المعاناة‭ ‬وهناك‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬يتصنع‭ ‬المعاناة‭ ‬لأجل‭ ‬أغراض‭ ‬دعائية،‭ ‬لكن‭ ‬يظل‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وزمان‭ ‬عرضة‭ ‬للمعاناة،‭ ‬لذلك‭ ‬أتمنى‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬والوزراء‭ ‬ومن‭ ‬في‭ ‬حكمهم‭ ‬ألا‭ ‬يتحسسوا‭ ‬مما‭ ‬نكتب‭ ‬أو‭ ‬نعبر،‭ ‬لأنهم‭ ‬بحكم‭ ‬مواقعهم‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬منها‭ ‬خدمة‭ ‬وطنهم‭ ‬ومواطنيهم‭ ‬أن‭ ‬يتقبلوا‭ ‬النقد‭ ‬وليس‭ ‬التجريح‭ ‬بالطبع،‭ ‬بروح‭ ‬وطنية‭ ‬مبعثها‭ ‬ليس‭ ‬النقد‭ ‬للنقد‭ ‬فقط،‭ ‬إنما‭ ‬كشف‭ ‬المستور‭ ‬ومعالجة‭ ‬المشكلة‭ ‬لكي‭ ‬لا‭ ‬تتضخم‭ ‬وتصبح‭ ‬عصية‭ ‬على‭ ‬الحل‭.‬

أحيانًا‭ ‬يتم‭ ‬الإعلان‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬عن‭ ‬إنجازات‭ ‬ويتوقع‭ ‬المسؤولون‭ ‬من‭ ‬الصحافة‭ ‬الإشادة‭ ‬بهذه‭ ‬الدوائر،‭ ‬وربما‭ ‬يكون‭ ‬ذلك‭ ‬حقهم‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الصحافة‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬معنية‭ ‬بالكشف‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬وليس‭ ‬الجري‭ ‬وراء‭ ‬الإشادات،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يشيد‭ ‬بالإنجازات،‭ ‬لكن‭ ‬المشكلة‭ ‬أن‭ ‬البعض‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬أية‭ ‬محاولة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬لمعالجة‭ ‬مشكلة‭ ‬أو‭ ‬ظاهرة‭ ‬يشكو‭ ‬منها‭ ‬الجميع‭ ‬وتتكرر‭ ‬باستمرار‭ ‬مثل‭ ‬اختفاء‭ ‬بعض‭ ‬السلع‭ ‬أو‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬تصميم‭ ‬بيوت‭ ‬الإسكان‭ ‬أو‭ ‬تفاقم‭ ‬البطالة،‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬والمشكلات‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬وهي‭ ‬ظواهر‭ ‬متعلقة‭ ‬بنمو‭ ‬المجتمع‭ ‬وديناميكيته،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المجتمع‭ ‬يتحرك‭ ‬وينمو‭ ‬وإلا‭ ‬ما‭ ‬برزت‭ ‬تلك‭ ‬الظواهر،‭ ‬لذلك‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬عين‭ ‬الصحافة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر،‭ ‬وأن‭ ‬تتلمس‭ ‬الأخطاء‭ ‬والإخفاقات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬البلد‭ ‬أية‭ ‬سلبيات،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يسعد‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬البناء‭ ‬والتنمية‭ ‬والازدهار‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬فقط‭ ‬الإشادة،‭ ‬كما‭ ‬يظن‭ ‬البعض،‭ ‬لكن‭ ‬ملاحقة‭ ‬ما‭ ‬يرافق‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬من‭ ‬عقبات‭ ‬وإشكالات،‭ ‬ومثلما‭ ‬هناك‭ ‬سلطة‭ ‬تشريعية‭ ‬تحاسب‭ ‬كذلك‭ ‬هناك‭ ‬سلطة‭ ‬صحافية‭ ‬تلاحق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬سلطة‭ ‬تنفيذية‭ ‬تعمل‭ ‬وتنجز،‭ ‬وهذه‭ ‬علمية‭ ‬تكاملية‭ ‬يتوجب‭ ‬تفهمها‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الجميع‭.‬

هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬كثيرة‭ ‬مثل‭ ‬قطاع‭ ‬الإسكان،‭ ‬وقطاع‭ ‬الصحة‭ ‬والبلديات‭ ‬والأشغال‭ ‬والتربية،‭ ‬والتجارة‭ ‬والمرور،‭ ‬كلها‭ ‬قطاعات‭ ‬خدمية‭ ‬بحاجة‭ ‬لمتابعة‭ ‬ورقابة‭ ‬صحافية‭ ‬لأنها‭ ‬ذات‭ ‬علاقة‭ ‬بالمواطن،‭ ‬والمواطن‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الوجوه‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المرافق،‭ ‬فأرجو‭ ‬وآمل‭ ‬ألا‭ ‬يعتبر‭ ‬المسؤولون‭ ‬أنفسهم‭ ‬أمرا‭ ‬مقدسا‭!.‬

 

تنويرة‭:

‬قد‭ ‬تملك‭ ‬“العبد”‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬روحه‭.‬