ومضة قلم

قاسم حداد والجائزة

| محمد المحفوظ

لم‭ ‬يكن‭ ‬فوز‭ ‬شاعر‭ ‬البحرين‭ ‬المتميز‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬بجائزة‭ ‬ملتقى‭ ‬القاهرة‭ ‬للشعر‭ ‬في‭ ‬دورته‭ ‬الخامسة‭ ‬مفاجأة‭ ‬لجمهور‭ ‬الشعر‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬والوطن‭ ‬العربي،‭ ‬فقد‭ ‬سبق‭ ‬أن‭ ‬فاز‭ ‬بجائزة‭ ‬سلطان‭ ‬بن‭ ‬العويس‭ ‬الثقافية‭ ‬وجائزة‭ ‬الشاعر‭ ‬أحمد‭ ‬عبدالمعطي‭ ‬حجازي‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الفائتة‭.‬

قاسم‭ ‬حداد‭ ‬شاعر‭ ‬متفرد‭ ‬ومختلف‭ ‬دائماً‭ ‬ويتحدث‭ ‬وكأنّه‭ ‬يقرأ‭ ‬من‭ ‬كتاب،‭ ‬إنه‭ ‬مترع‭ ‬بالشعر‭ ‬ومتشبع‭ ‬بالبلاغة،‭ ‬الاستماع‭ ‬إليه‭ ‬يجعلك‭ ‬تحلق‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬الشعر‭ ‬الأرحب،‭ ‬تجربته‭ ‬الشعرية‭ ‬تجاوزت‭ ‬الخمسين‭ ‬عاماً،‭ ‬وطوال‭ ‬هذه‭ ‬العقود‭ ‬كان‭ ‬وفيّا‭ ‬للشعر‭ ‬إلى‭ ‬أبعد‭ ‬الحدود،‭ ‬كما‭ ‬أكد‭ ‬حضوره‭ ‬وموهبته‭ ‬الشعرية‭ ‬عبر‭ ‬العشرات‭ ‬من‭ ‬الإصدارات‭ ‬الشعرية‭ ‬والنثرية،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أنّه‭ ‬كان‭ ‬مبدعا‭ ‬في‭ ‬ميداني‭ ‬الشعر‭ ‬والنثر‭ ‬معا‭ ‬وهذه‭ ‬المكانة‭ ‬لم‭ ‬تتأت‭ ‬إلا‭ ‬لقلة‭ ‬من‭ ‬الأدباء‭ ‬العرب‭ ‬كالشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬نزار‭ ‬قبّاني‭ ‬وأمين‭ ‬نخلة‭.‬

إنّ‭ ‬تجربة‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬الشعرية‭ ‬كانت‭ ‬دائما‭ ‬محط‭ ‬اهتمام‭ ‬واحتفاء‭ ‬الشعراء‭ ‬والنقاد‭ ‬العرب،‭ ‬وحسبنا‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬شاعر‭ ‬كبير‭ ‬هو‭ ‬الراحل‭ ‬غازي‭ ‬القصيبيّ‭ ‬بحق‭ ‬إحدى‭ ‬كتابات‭ ‬حداد‭ ‬الرائعة‭ ‬عبر‭ ‬ديوانه‭ ‬“سيرة‭ ‬المجنون”‭ ‬قائلاً‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬شاعر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬البحرين‭ ‬إلاّ‭ ‬أنه‭ ‬ينزع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يفهمه‭ ‬العامة‭ ‬من‭ ‬أمثالي‭.. ‬وأنا‭ ‬كنت‭ ‬دوما‭ ‬من‭ ‬أنصار‭ ‬“لم‭ ‬تقول‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يفهم”‭. ‬إنّ‭ ‬قاسم‭ ‬كتب‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬الجميل‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬العشق‭ ‬وفيه‭ ‬يروي‭ ‬قصة‭ ‬مجنون‭ ‬ليلى‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ويعترف‭ ‬بأنّه‭ ‬ينقلها‭ ‬ويروي‭ ‬لنا‭ ‬طريقة‭ ‬التأليف‭ ‬“فانتخبنا‭ ‬من‭ ‬غواياتهم‭ ‬وتبادلنا‭ ‬معهم‭ ‬الأنخاب‭ ‬وزدنا‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كما‭ ‬نهوى‭ ‬فطاب‭ ‬للمجنون‭ ‬ذلك‭ ‬واستحليناه”‭.‬

لا‭ ‬أظنّ‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يختلف‭ ‬حول‭ ‬الدور‭ ‬الريادي‭ ‬الذي‭ ‬أسهم‭ ‬به‭ ‬الشاعر‭ ‬الكبير‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بمعنى‭ ‬الخروج‭ ‬على‭ ‬أعراف‭ ‬الكتابة‭ ‬السائدة‭ ‬وربط‭ ‬التجارب‭ ‬الشعرية‭ ‬الخليجية‭ ‬بحركات‭ ‬التجديد‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المركز‭ ‬كالقاهرة‭ ‬وبغداد‭ ‬ودمشق‭.‬

الذي‭ ‬يجدر‭ ‬ذكره‭ ‬ونحن‭ ‬بصدد‭ ‬سيرة‭ ‬الشاعر‭ ‬قاسم‭ ‬حداد‭ ‬أنّه‭ ‬كان‭ ‬أحد‭ ‬المؤسسين‭ ‬لأول‭ ‬كيان‭ ‬أدبيّ‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬هو‭ ‬أسرة‭ ‬الأدباء‭ ‬والكتاب،‭ ‬حيث‭ ‬تمر‭ ‬الذكرى‭ ‬الخمسون‭ ‬لتأسيسها‭ ‬هذه‭ ‬الأيام،‭ ‬ويحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نفخر‭ ‬بهذه‭ ‬القامة‭ ‬الشعرية‭ ‬المتوهجة‭ ‬إبداعا‭ ‬وتميزا‭ ‬وبمنجزه‭ ‬الشعري،‭ ‬ونتمنى‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬التكريم‭ ‬الذي‭ ‬يليق‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬المهتمين‭ ‬بشؤون‭ ‬الثقافة‭ ‬والأدب‭.‬