ما وراء الحقيقة

الشعوبيون الجدد... قصة تدمير سوريا (3)

| د. طارق آل شيخان الشمري

على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ندا‭ ‬قويا‭ ‬لتطلعات‭ ‬وأحلام‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الصفويين‭ ‬الكسرويين‭ ‬في‭ ‬احتلال‭ ‬سوريا‭ ‬وضمها‭ ‬لمشروعهم‭ ‬القذر‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬احتلال‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬المسلمة‭ ‬وأراضيها‭ ‬وشعبها،‭ ‬كانت‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة‭ ‬متساهلة‭ ‬جدا‭ ‬معهم،‭ ‬وتغاضت‭ ‬عن‭ ‬اللوبي‭ ‬الشعوبي‭ ‬الإيراني‭ ‬بسوريا‭ ‬حتى‭ ‬تمكنوا‭ ‬من‭ ‬التغلغل‭ ‬بمفاصل‭ ‬الدولة،‭ ‬وأظهروا‭ ‬للقيادة‭ ‬السورية‭ ‬تفانيهم‭ ‬بالتصدي‭ ‬لمؤامرة‭ ‬الربيع‭ ‬العربي،‭ ‬التي‭ ‬أشعلوها‭ ‬وأداروها‭ ‬ونفذوها‭ ‬بأنفسهم‭ ‬بالبلاد‭ ‬العربية‭ ‬الأخرى،‭ ‬بمساعدة‭ ‬أبناء‭ ‬عمومتهم‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الطغرليين‭ ‬القوقاز،‭ ‬وبدعم‭ ‬من‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬الشعوبية‭.‬

ومع‭ ‬الأسف،‭ ‬فإن‭ ‬البعض‭ ‬ساند‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة‭ ‬ودعمها،‭ ‬لكن‭ ‬ليس‭ ‬بالإيمان‭ ‬بما‭ ‬تحويه‭ ‬من‭ ‬مشروع‭ ‬احتلال‭ ‬الشعوبيين‭ ‬للأمة‭ ‬العربية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التصدي‭ ‬للتغلغل‭ ‬الإيراني‭ ‬بسوريا،‭ ‬وقد‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالمعارضة‭ ‬السورية‭ ‬والجيش‭ ‬الحر‭ ‬في‭ ‬صراعهم‭ ‬مع‭ ‬القيادة‭ ‬السورية،‭ ‬فهؤلاء،‭ ‬أي‭ ‬المعارضة‭ ‬والجيش‭ ‬الحر،‭ ‬كانوا‭ ‬أدوات‭ ‬قطرية‭ ‬وتركية‭ ‬وتقاسموا‭ ‬أدوار‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة‭ ‬القذرة،‭ ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬تتظاهر‭ ‬بقتالها‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالثورة‭ ‬السورية‭ ‬والضحايا‭ ‬طبعا‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬السنة،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬تسمى‭ ‬بالمعارضة‭ ‬السورية‭ ‬والجيش‭ ‬الحر‭ ‬والتنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬كالنصرة‭ ‬وبقية‭ ‬الميليشيات‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الطغرليين‭ ‬ومن‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية،‭ ‬كانت‭ ‬تتظاهر‭ ‬بقتالها‭ ‬التحالف‭ ‬السوري‭ ‬الصفوي‭ ‬الشعوبي،‭ ‬والضحايا‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬السوريين‭ ‬السنة‭. ‬وبهذا،‭ ‬تستمر‭ ‬عملية‭ ‬تدمير‭ ‬سوريا‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬التحالف‭ ‬الشعوبي‭ ‬الصفوي‭ ‬الطغرلي،‭ ‬والمدعوم‭ ‬ماليا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وإعلاميا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬سياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬الموالية‭ ‬للشعوبيين‭.‬

وما‭ ‬زاد‭ ‬الطين‭ ‬بلة‭ ‬قرار‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬تجميد‭ ‬مقعد‭ ‬سوريا‭ ‬بالجامعة‭ ‬العربية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬اعتبره‭ ‬الصفويون‭ ‬هبة‭ ‬من‭ ‬السماء‭ ‬لأنه‭ ‬أقنع‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬بأن‭ ‬الصفويين‭ ‬هم‭ ‬الحلفاء،‭ ‬كما‭ ‬اعتبره‭ ‬الشعوبيون‭ ‬الطغرليون‭ ‬أعظم‭ ‬فرصة‭ ‬لهم‭ ‬لاحتلالهم‭ ‬الشمال‭ ‬السوري،‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬فصل‭ ‬سوريا‭ ‬عن‭ ‬العرب،‭ ‬وأعطى‭ ‬الطغرليين‭ ‬إمكانية‭ ‬تدخلهم‭ ‬بسوريا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المكونات‭ ‬السنية‭ ‬وهي‭ ‬المعارضة‭ ‬والجيش‭ ‬الحر‭ ‬وداعش‭ ‬والقاعدة‭ ‬وكلهم‭ ‬كانوا‭ ‬موالين‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬الطغرليين‭ ‬وسياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬تجميد‭ ‬مقعد‭ ‬سوريا‭ ‬أقنع‭ ‬القطريين‭ ‬بأن‭ ‬مخططهم‭ ‬لتدمير‭ ‬الأنظمة‭ ‬العربية‭ ‬وتسليمها‭ ‬لحلفائهم‭ ‬الشعوبيين‭ ‬الصفويين‭ ‬والطغرليين‭ ‬يسير‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬له،‭ ‬وسط‭ ‬ابتسامة‭ ‬قطرية‭ ‬قائلة‭ ‬“سيأتي‭ ‬الدور‭ ‬عليكم‭ ‬يا‭ ‬مصريين‭ ‬ويا‭ ‬سعوديين‭ ‬وإماراتيين‭ ‬وبحرينيين”‭. ‬وللقصة‭ ‬بقية‭.‬