عتقُ التعليم العالي!

| د. جاسم المحاري

يأتي‭ ‬إنشاء‭ ‬وزارات‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‭ ‬في‭ ‬أيّة‭ ‬بقعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬–‭ ‬في‭ ‬أدنى‭ ‬مستوياته‭ ‬–‭ ‬انطلاقاً‭ ‬من‭ ‬تأكيد‭ ‬المعنيين‭ ‬إعطاء‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬ومتعلقاته‭ ‬البحثية،‭ ‬كبير‭ ‬الاهتمام‭ ‬ومزيدا‭ ‬من‭ ‬الرعاية؛‭ ‬ابتغاء‭ ‬زيادة‭ ‬فاعليته‭ ‬وتوسيع‭ ‬عوارضه‭ ‬التعليميـة‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬المحيط‭ ‬الديمغرافي‭ ‬لتلك‭ ‬الجغرافيا‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬والارتقــاء‭ ‬به‭ ‬عبر‭ ‬وضع‭ ‬الأُطُر‭ ‬والبرامج‭ ‬والسياسات‭ ‬والخطط،‭ ‬والإشراف‭ ‬عليها‭ ‬بعد‭ ‬الإعداد‭ ‬الجيد‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر؛‭ ‬بما‭ ‬يُسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬تلك‭ ‬القوى‭ ‬البشرية‭ ‬وتشجيـع‭ ‬حركة‭ ‬البحث‭ ‬العلمي‭ ‬بين‭ ‬مختلف‭ ‬هيئات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬التعليم‭ ‬وسعيها‭ ‬لتحقيق‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المدخلات‭ ‬وتلبيتها‭ ‬متطلبات‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ومواءمتها‭ ‬لما‭ ‬يُتاح‭ ‬من‭ ‬نواتج‭ ‬التعليم‭ ‬والتدريب،‭ ‬ويُحدِّثُ‭ ‬باستمرار‭ ‬في‭ ‬المناهج‭ ‬والعلوم‭ ‬الحديثة‭ ‬ويُحسّن‭ ‬في‭ ‬بيئات‭ ‬العمل‭ ‬ويُحفز‭ ‬على‭ ‬الإبداع‭ ‬ويستقطب‭ ‬الكوادر‭ ‬البشرية‭ ‬حتى‭ ‬يرتفع‭ ‬بمستويات‭ ‬الجودة‭ ‬التعليمية‭ ‬والتدريبية‭ ‬ويُنصف‭ ‬في‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الملحة‭ ‬والمتطلبات‭ ‬الماسة‭.‬

في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬بان‭ ‬في‭ ‬الأفق‭ ‬وضوحاً‭ ‬ما‭ ‬لأهمية‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬Higher Education‭ ‬على‭ ‬متنوع‭ ‬الصُعُد،‭ ‬والذي‭ ‬يستوجب‭ ‬انتهاج‭ ‬السياسات‭ ‬التطويرية‭ ‬والتعاطي‭ ‬المرن‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬والمستجدات‭ ‬الملحّة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التفعيل‭ ‬للأدوار‭ ‬وفق‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬المرامي‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ - ‬وفق‭ ‬أُولى‭ ‬الأولويات‭ - ‬إعداد‭ ‬الكفاءات‭ ‬المؤهلة‭ ‬علمياً‭ ‬وفكريًّا‭ ‬تأهيلاً‭ ‬عالي‭ ‬الأداء‭ ‬لما‭ ‬يُناط‭ ‬بهم‭ ‬من‭ ‬واجبات‭ ‬ريادية‭ ‬تخدم‭ ‬الأوطان‭ ‬وتنهض‭ ‬إيجابيا‭ ‬بها‭ ‬ضمن‭ ‬ديناميكية‭ ‬الإنتاج‭ ‬العلمي‭ ‬والبناء‭ ‬الحضاري‭ ‬الذي‭ ‬ينبري‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬الثروة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفاعلة‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬البحثي‭ ‬والإنجاز‭ ‬الفكري‭ ‬الذي‭ ‬يقتضي‭ ‬الفهم‭ ‬الواعي‭ ‬والوجود‭ ‬الملتزم‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الدوافع‭ ‬والمبررات‭ ‬المُحققة‭ ‬للصدارة‭ ‬وربطها‭ ‬بمتطلبات‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬الشاملة‭.‬

نافلة‭:‬

بات‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬القضايا‭ ‬وأكثرها‭ ‬إلحاحاً‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬المحلي‭ ‬عتقُ‭ ‬سوق‭ ‬التعليم‭ ‬العالي‭ ‬بوجود‭ ‬وزارة‭ ‬للتعليم‭ ‬العالي‭ ‬Ministry of Higher Education‭ ‬بعدما‭ ‬شهدت‭ ‬بلادنا‭ ‬العزيزة‭ ‬نقلة‭ ‬في‭ ‬الكمّ‭ ‬والكيف،‭ ‬أضحى‭ ‬فيها‭ ‬التنافس‭ (‬شرسا‭!) ‬بعد‭ ‬افتتاح‭ ‬جامعات‭ ‬أجنبية‭ ‬عريقة‭ ‬قِبال‭ ‬الجامعات‭ ‬الوطنية‭ ‬والأهلية‭ ‬التي‭ ‬رفدت‭ ‬بما‭ ‬تزخر‭ ‬به‭ ‬مجتمعةً‭ ‬بالاختصاصات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المتنوعة‭ ‬وتخريجها‭ ‬حملة‭ ‬الألقاب‭ ‬العلمية‭ ‬الذين‭ ‬أضحوا‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬آلة‭ ‬تحريك‭ ‬وصقل‭ ‬وتنمية‭ ‬للقدرات‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬جوانبها‭ ‬العلمية‭ ‬والعملية‭ ‬والفنية‭ ‬وزيادة‭ ‬طاقة‭ ‬العمل‭ ‬المعرفي‭ ‬وحجم‭ ‬الإنتاج‭ ‬البحثي‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬تحقيق‭ ‬القفزات‭ ‬النوعية‭ ‬التي‭ ‬ساعدت‭ ‬على‭ ‬توسيع‭ ‬قاعدته‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬المستويات‭ ‬باعتباره‭ ‬أحد‭ ‬المنافذ‭ ‬الرئيسة‭ ‬في‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القدرة‭ ‬والكفاءة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬النماء‭ ‬بمؤشراته‭ ‬الكمية‭ ‬والنوعية‭ ‬العالمية‭.‬