المواطنة حقوق وواجبات

| عبدعلي الغسرة

نظم‭ ‬مجلس‭ ‬الدوي‭ ‬بمنطقة‭ ‬الحالة‭ ‬بالمحرق‭ ‬وبحضور‭ ‬الوجيه‭ ‬الأستاذ‭ ‬إبراهيم‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭ ‬الدوي‭ ‬وجمع‭ ‬غفير‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬المجلس‭ ‬الكرام‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬محافظات‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬محاضرة‭ ‬بعنوان‭ ‬“البُعد‭ ‬الفلسفي‭ ‬والتاريخي‭ ‬للمواطنة”،‭ ‬تحدثت‭ ‬فيها‭ ‬د‭. ‬شرف‭ ‬المزعل‭ ‬التي‭ ‬عرفت‭ ‬بشكل‭ ‬مفصل‭ ‬مفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬ومحطاتها‭ ‬التاريخية‭ ‬ونظرياتها‭ ‬والبُعد‭ ‬الفلسفي‭ ‬لها،‭ ‬ومفهوم‭ ‬المواطنة‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬شرح‭ ‬طويل،‭ ‬وله‭ ‬رؤية‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬وثقافية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬فهو‭ ‬مفهوم‭ ‬مُتعدد‭ ‬الأبعاد‭ ‬ويرتبط‭ ‬أكثر‭ ‬بسلوك‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬وطنه‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬ويتمتع‭ ‬بعضويته‭ ‬وما‭ ‬يستحق‭ ‬من‭ ‬حقوق‭ ‬وما‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬واجبات،‭ ‬وهي‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬تلتزم‭ ‬بها‭ ‬بلاده‭ ‬تجاهه‭ ‬وواجباته‭ ‬التي‭ ‬يلتزم‭ ‬بها‭ ‬تجاهها،‭ ‬وبموجب‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬فإن‭ ‬المواطن‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬وطنية‭ ‬تجاه‭ ‬بلاده‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬يتعايش‭ ‬معهم‭ ‬حيث‭ ‬تتحقق‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ ‬وغاياتهم‭ ‬المشتركة‭.‬

وللمواطنة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أبعاد‭ ‬أساسية‭: ‬البُعد‭ ‬المدني‭ ‬والسياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فأولهما‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬بحرية‭ ‬الإيمان‭ ‬والاعتقاد‭ ‬وحرية‭ ‬الرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬وحق‭ ‬التملك‭ ‬والعدالة‭ ‬والمساواة‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬الذين‭ ‬يتعايش‭ ‬معهم‭. ‬وثانيهما‭ ‬أن‭ ‬يتمتع‭ ‬بحق‭ ‬المشاركة‭ ‬السياسية‭ ‬كونه‭ ‬عنصرًا‭ ‬فاعلًا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬الشؤون‭ ‬العامة‭ ‬ببلاده‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الترشح‭ ‬والانتخاب،‭ ‬وثالثهما‭ ‬توفير‭ ‬حاجاته‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وما‭ ‬يحتاجه‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬التعليم‭ ‬والصحة‭ ‬والسكن‭ ‬والتوظيف‭ ‬والأمن،‭ ‬فهذه‭ ‬الأبعاد‭ ‬الثلاثة‭ ‬تجعل‭ ‬كل‭ ‬كائن‭ ‬بشري‭ ‬متمتعًا‭ ‬بالمواطنة‭ ‬التي‭ ‬تحقق‭ ‬له‭ ‬مصالحه‭ ‬المتناغمة‭ ‬مع‭ ‬مصلحة‭ ‬الآخرين‭ ‬وفقًا‭ ‬للمصلحة‭ ‬العامة‭ ‬وقوانين‭ ‬البلاد‭.‬

إن‭ ‬الوعي‭ ‬بالمواطنة‭ ‬يعني‭ ‬أولا‭ ‬أهمية‭ ‬الإنسان‭ ‬المواطن‭ ‬تجاه‭ ‬نفسه‭ ‬وتجاه‭ ‬بلاده‭ ‬ومسؤولياته‭ ‬تجاهها،‭ ‬وثانيًا‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدولة‭ ‬تجاه‭ ‬مواطنيها،‭ ‬فالمواطنة‭ ‬الحقة‭ ‬تشكل‭ ‬شخصيتي‭ ‬الدولة‭ ‬والفرد‭ ‬وتعظم‭ ‬من‭ ‬ولائه‭ ‬وتعزز‭ ‬من‭ ‬انتمائه‭ ‬لأرضه‭ ‬وترابها،‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬ينتمي‭ ‬فقط‭ ‬إليها‭ ‬ولادة‭ ‬بل‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬الدفاع‭ ‬عنها‭ ‬ضد‭ ‬الأخطار،‭ ‬فكلمة‭ ‬المواطن‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬الإنسان،‭ ‬والمواطنة‭ ‬جاءت‭ ‬من‭ ‬انتماء‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬وطنية‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬تامة‭.‬

ويحتاج‭ ‬الوعي‭ ‬بالمواطنة‭ ‬إلى‭ ‬“ثقافة‭ ‬المواطنة”‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استيعاب‭ ‬الإنسان‭ ‬أهميته‭ ‬ودوره‭ ‬في‭ ‬مجتمعه،‭ ‬ودور‭ ‬الدولة‭ ‬بالتقيد‭ ‬بالقوانين‭ ‬والمواثيق‭ ‬والعهود‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬فعلاقة‭ ‬الإنسان‭ ‬بوطنه‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬المواطنة،‭ ‬فلا‭ ‬مواطنة‭ ‬بدون‭ ‬وطن‭ ‬ولا‭ ‬مواطنة‭ ‬بدون‭ ‬حقوق‭ ‬وواجبات‭ ‬ولا‭ ‬مواطنة‭ ‬بدون‭ ‬تشريعات‭ ‬وقوانين‭ ‬تنظم‭ ‬هذه‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬وترعاها‭.‬