المُباح وغير المُباح في ندوة سيّار

| رضي السماك

نظّم‭ ‬مركز‭ ‬كانو‭ ‬الثقافي‭ ‬ندوة‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“علي‭ ‬سيار‭.. ‬الذاكرة‭ ‬والموقف”،‭ ‬استضاف‭ ‬فيها‭ ‬الزملاء‭ ‬د‭. ‬حسن‭ ‬مدن‭ ‬وعلي‭ ‬صالح‭ ‬وعقيل‭ ‬سوار،‭ ‬الذين‭ ‬عملوا‭ ‬في‭ ‬مجلة‭ ‬“صدى‭ ‬الأسبوع”‭ ‬تحت‭ ‬إدارة‭ ‬الراحل‭ ‬الفقيد‭ ‬الأستاذ‭ ‬علي‭ ‬سيار،‭ ‬وجاءت‭ ‬أوراقهم‭ ‬حافلة‭ ‬بما‭ ‬كشفوه‭ ‬من‭ ‬أسرار‭ ‬في‭ ‬بلاط‭ ‬“صاحبة‭ ‬الجلالة”‭ ‬حتى‭ ‬قيل‭ ‬في‭ ‬بعضها‭ ‬المُباح‭ ‬وغير‭ ‬المُباح،‭ ‬ومنها‭ ‬معلومات‭ ‬مُثيرة‭ ‬بحاجة‭ ‬في‭ ‬تقديرنا‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬التوثيق‭ ‬والتدقيق،‭ ‬مادام‭ ‬الشاهد‭ ‬الأهم‭ ‬عنها‭ ‬غائبا‭ ‬ورحل‭ ‬عن‭ ‬دنيانا،‭ ‬ومادامت‭ ‬وقائع‭ ‬أخرى‭ ‬تتصل‭ ‬ببعض‭ ‬رجالات‭ ‬دولة‭ ‬الاستقلال‭ ‬الذين‭ ‬قد‭ ‬يعزفون‭ ‬عن‭ ‬الإدلاء‭ ‬بتعليقهم‭ ‬عليها‭.‬

ومع‭ ‬أن‭ ‬كاتب‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭ ‬لم‭ ‬يسبق‭ ‬له‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬“صدى‭ ‬الأسبوع”‭ ‬تحت‭ ‬رئاسة‭ ‬الفقيد‭ ‬سيار،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬بوسعه‭ ‬ككاتب‭ ‬فيها‭ ‬باسم‭ ‬مستعار،‭ ‬وكقارئ‭ ‬ومتابع‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬يكتبه‭ ‬الراحل‭ ‬فيها،‭ ‬وكزميل‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬“أخبار‭ ‬الخليج”‭ ‬لاحقاً،‭ ‬إبداء‭ ‬الملاحظتين‭ ‬التاليتين‭ ‬فيما‭ ‬أثير‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭ ‬في‭ ‬الندوة‭: ‬الأولى‭: ‬ينبغي‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الراحل‭ ‬سيّار‭ ‬حينما‭ ‬انتقد‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬له‭ ‬أحد‭ ‬المواسم‭ ‬الدينية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬“إلى‭ ‬متى‭ ‬هذا‭ ‬الحزن‭ ‬المدمر؟”‭ ‬لم‭ ‬ينطلق‭ ‬البتة‭ ‬من‭ ‬دوافع‭ ‬طائفية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬منطلقات‭ ‬دينية‭ ‬مستنيرة‭ ‬وفق‭ ‬رؤى‭ ‬ثقافته‭ ‬الذاتية‭ ‬العلمانية‭ ‬الليبرالية‭ ‬القومية،‭ ‬ولو‭ ‬افترضنا‭ ‬جدلاً‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العُرف‭ ‬الديني‭ ‬يتصل‭ ‬بالمكون‭ ‬الذي‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬لما‭ ‬تردد‭ ‬عن‭ ‬كتابته،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬التُهمة‭ ‬التي‭ ‬اُلحقت‭ ‬به‭ ‬جزافاً‭ ‬تركت‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬جرحاً‭ ‬غائراً‭ ‬في‭ ‬نفسه،‭ ‬ولربما‭ ‬انعكست‭ ‬بشكل‭ ‬ما‭ ‬على‭ ‬كتاباته‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الصحافة‭ ‬اليومية‭. ‬ثمة‭ ‬إشارة‭ ‬هنا‭ ‬جديرة‭ ‬بالذكر،‭ ‬ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬قررت‭ ‬فيه‭ ‬الجهة‭ ‬الرسمية‭ ‬المعنية‭ ‬إيقاف‭ ‬الجريدة‭ (‬بحجم‭ ‬التابلويد‭ ‬حينئذ‭) ‬لعددين‭ ‬قادمين‭ ‬أو‭ ‬ثلاثة،‭ ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬فيه‭ (‬حينذاك‭) ‬صحافتنا‭ ‬تحظر‭ ‬على‭ ‬كتّابها‭ ‬أية‭ ‬إشارة‭ ‬إلى‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬المكونين‭ ‬الكريمين‭ ‬درءاً‭ ‬لحساسيات‭ ‬غير‭ ‬مأمونة‭ ‬العواقب،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يفهم‭ ‬لماذا‭ ‬تحللت‭ ‬أغلب‭ ‬صحافتنا‭ ‬تدريجياً‭ ‬بعدئذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الالتزام‭ ‬منذ‭ ‬التسعينيات‭ ‬حتى‭ ‬بلغ‭ ‬أوجه‭ ‬في‭ ‬عقدنا‭ ‬الراهن‭!‬

الثانية‭: ‬ليس‭ ‬أقسى‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الأستاذ‭ ‬الراحل‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يحلم‭ ‬بامتلاك‭ ‬وإدارة‭ ‬صحيفة‭ ‬يومية‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يبيع‭ ‬مجلته‭ ‬إلى‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬شريطة‭ ‬أن‭ ‬يرأس‭ ‬تحريرها،‭ ‬كما‭ ‬قيل،‭ ‬ثم‭ ‬اضطراره‭ ‬لاحقاً‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬بانتظام‭ ‬مقالا‭ ‬صحافيا‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الصحف‭ ‬اليومية‭ ‬ويخضع‭ ‬لمقاييس‭ ‬هامشها‭ ‬الصحافي‭ ‬وهو‭ ‬الأستاذ‭ ‬الكبير،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬حجب‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬من‭ ‬مقالاته،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يمثل‭ ‬دلالة‭ ‬عظيمة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬عشقه‭ ‬الجنوني‭ ‬المتيم‭ ‬للكتابة‭ ‬الصحافية‭. ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬فقيدنا‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬الزميل‭ ‬والأستاذ‭ ‬علي‭ ‬سيّار‭.‬