رجل الأمن... مثالا

| زهير توفيقي

سعدت‭ ‬كثيرًا‭ ‬وأعجبت‭ ‬أكثر‭ ‬بما‭ ‬رأيته‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬فنية‭ ‬رائعة‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتي‭ ‬مؤخرا‭ ‬معرض‭ ‬البحرين‭ ‬السنوي‭ ‬للفنون‭ ‬التشكيلية‭ (‬النسخة‭ ‬‮٤٦‬‭)‬،‭ ‬وكل‭ ‬الشكر‭ ‬لهيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬لجهودها‭ ‬المضنية‭ ‬والحثيثة‭ ‬التي‭ ‬بذلتها‭ ‬لظهور‭ ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬في‭ ‬أوج‭ ‬صوره،‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬غريبا‭ ‬عليها‭ ‬وبشهادة‭ ‬الجميع‭ ‬فإن‭ ‬الهيئة‭ ‬برئاسة‭ ‬الشيخة‭ ‬مي‭ ‬بنت‭ ‬محمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬تستحق‭ ‬العلامة‭ ‬الكاملة‭ ‬وأبلت‭ ‬بلاءً‭ ‬حسنًا‭ ‬في‭ ‬تنظيم‭ ‬وتطوير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬والفعاليات‭ ‬الثقافية‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬الحبيبة‭.‬

وتأتي‭ ‬إقامة‭ ‬هذا‭ ‬المعرض‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬حدثًا‭ ‬فنيًا‭ ‬ومستدامًا‭ ‬برعاية‭ ‬كريمة‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬الموقر‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬الذي‭ ‬يحرص‭ ‬على‭ ‬افتتاحه‭ ‬شخصيًا‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬وذلك‭ ‬إيمانًا‭ ‬من‭ ‬سموه‭ ‬بقدرة‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬إبراز‭ ‬مواهبه‭ ‬الفذة‭ ‬وحرصه‭ ‬على‭ ‬المنافسة‭ ‬والتطور‭. ‬

وكما‭ ‬تعلمون،‭ ‬إن‭ ‬الفكر‭ ‬الفني‭ - ‬والقدرة‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬الإبداع‭ - ‬الذي‭ ‬يمتلكه‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬جعله‭ ‬ينطلق‭ ‬إلى‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إمكانياته‭ ‬المادية‭ ‬المتواضعة‭. ‬

وبعد‭ ‬هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬التي‭ ‬أعتبرها‭ ‬واجبة‭ ‬الذكر‭ ‬بأن‭ ‬أعطي‭ ‬أصحابها‭ ‬حقهم،‭ ‬أود‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أن‭ ‬أنوه‭ ‬إلى‭ ‬ملاحظة‭ ‬مهمة‭ ‬جدًا‭ ‬شاهدتها‭ ‬أثناء‭ ‬تجوالي‭ ‬في‭ ‬المعرض‭. ‬رجل‭ ‬أمن‭ ‬بحريني‭ ‬قام‭ ‬بجهود‭ ‬مشكورة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترحيبه‭ ‬بنا‭ ‬في‭ ‬المعرض‭ ‬وتقديم‭ ‬شرح‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬معين‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬المعروضة،‭ ‬كما‭ ‬قدم‭ ‬لنا‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬الكتيب‭ ‬التعريفي‭ ‬الفاخر‭ ‬لأعمال‭ ‬الفنانين‭ ‬وقام‭ ‬بالشيء‭ ‬نفسه‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬حاضرًا،‭ ‬وللأمانة‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬يستحق‭ ‬التكريم‭ ‬اللائق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الهيئة‭ (‬حتى‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬ضمن‭ ‬الهيكل‭ ‬التنظيمي‭ ‬للهيئة‭) ‬لأنه‭ ‬قام‭ ‬بعمل‭ ‬جبار‭ ‬وهو‭ ‬يعلم‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬اختصاصه،‭ ‬لكن‭ ‬بسبب‭ ‬حبه‭ ‬وولائه‭ ‬لوطنه‭ ‬أولا‭ ‬ولعمله‭ ‬ثانيًا،‭ ‬حرص‭ ‬بأن‭ ‬يقوم‭ ‬بعمل‭ ‬المرشد‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متواجدا‭ ‬طوال‭ ‬فترة‭ ‬وجودنا‭ ‬لمدة‭ ‬ساعتين‭ ‬كاملتين،‭ ‬فهذا‭ ‬الرجل‭ ‬حرص‭ ‬كل‭ ‬الحرص‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ينقذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬المرشد‭ ‬المعني‭.‬

وأنا‭ ‬هنا‭ ‬أود‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬المسؤولون‭ ‬بتكريمه،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬قدوة‭ ‬للغير‭ ‬وذلك‭ ‬لأن‭ ‬الإدارة‭ ‬فن‭ ‬وإذا‭ ‬جعلنا‭ ‬منه‭ ‬شخصًا‭ ‬مخلصًا‭ ‬وأنموذج‭ ‬الولاء‭ ‬والإخلاص،‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬يخلق‭ ‬رمزًا‭ ‬ومثالًا‭ ‬للغير،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬بيدي‭ ‬لاخترته‭ ‬الموظف‭ ‬المثالي‭. ‬

أود‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬أؤكد‭ ‬بأننا‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬نملك‭ ‬أفضل‭ ‬الخامات‭ ‬والكفاءات‭ ‬المخلصة،‭ ‬نحتاج‭ ‬فقط‭ ‬أن‭ ‬نضمهم‭ ‬ونعطيهم‭ ‬الثقة،‭ ‬ومع‭ ‬الأسف‭ ‬الشديد‭ ‬نفتقد‭ ‬إلى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬فنون‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬مؤسساتنا،‭ ‬وأنا‭ ‬على‭ ‬ثقة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬القصص‭ ‬الناجحة‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬وبنات‭ ‬هذا‭ ‬الوطن‭ ‬الغالي‭ ‬ولم‭ ‬تجد‭ ‬من‭ ‬يستغلها‭ ‬الاستغلال‭ ‬الأمثل‭. ‬والله‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬القصد‭.‬