الرؤية “2030”.. ليست “أهزوجة”!

| سعيد محمد

ما‭ ‬إن‭ ‬تجد‭ ‬تصريحًا‭ ‬لأحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬أو‭ ‬النواب‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعض‭ ‬الهيئات‭ ‬الحكومية‭ ‬والأهلية‭ ‬إلا‭ ‬وتجد‭ ‬فيه‭ ‬عبارات‭ ‬من‭ ‬قبيل‭: ‬”تماشيًا‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030”‭.. ‬”تطبيقًا‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬2030”‭.. ‬”استنادًا‭ ‬إلى‭ ‬بنود‭ ‬الرؤية‭ ‬2030”،‭ ‬وكأنها‭ ‬أصبحت‭ ‬أهزوجة‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬يكررها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬تصريح‭ ‬صحافي‭ ‬ومقابلة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬أو‭ ‬إذاعية‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬المجالس‭ ‬والمحاضرات‭ ‬وورش‭ ‬العمل‭ ‬والمؤتمرات،‭ ‬والحال،‭ ‬أن‭ ‬اللازم‭ ‬تطبيق‭ ‬فعلي‭ ‬ملموس‭ ‬لخطط‭ ‬عمل‭ ‬وبرامج‭ ‬وأفكار‭ ‬تطويرية‭ ‬يشعر‭ ‬بها‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الوزارة‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الجهة،‭ ‬وليس‭ ‬“بهرجة”‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬الرايحة‭ ‬والياية‭.‬

نعم،‭ ‬هناك‭ ‬أجهزة‭ ‬حكومية‭ ‬وهيئات‭ ‬وشركات‭ ‬مملوكة‭ ‬للدولة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬تحركت‭ ‬وفق‭ ‬إطار‭ ‬خطط‭ ‬إستراتيجية‭ ‬مدروسة‭ ‬لترجمة‭ ‬ما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬2030،‭ ‬ويمكن‭ ‬ملاحظة‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التطور‭ ‬النوعي‭ ‬للخدمات‭ ‬والارتقاء‭ ‬بها‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬قياس‭ ‬رضا‭ ‬العملاء،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬“محلك‭ ‬سر”،‭ ‬لا‭ ‬تطوير‭ ‬ولا‭ ‬تقدم‭ ‬ولا‭ ‬يحزنون،‭ ‬وكأن‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭ ‬حين‭ ‬يتحدث‭ ‬أو‭ ‬يصرح‭ ‬أو‭ ‬تصدر‭ ‬إدارة‭ ‬علاقاته‭ ‬العامة‭ ‬أخبارًا‭ ‬صحافية‭ ‬تتضمن‭ ‬عبارة‭ ‬“وفق‭ ‬متطلبات‭ ‬الرؤية‭ ‬2030”،‭ ‬أو‭ ‬يضع‭ ‬شعار‭ ‬الرؤية‭ ‬في‭ ‬مراسلاته‭ ‬ومنتجاته‭ ‬الإعلامية،‭ ‬كأنما‭ ‬اكتفى‭ ‬بذلك،‭ ‬ولو‭ ‬جئت‭ ‬لتسأل‭: ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬حققتموه؟‭ ‬ما‭ ‬النموذج‭ ‬العملي‭ ‬لبرنامج‭ ‬أو‭ ‬مشروع‭ ‬أو‭ ‬خدمة‭ ‬تتطابق‭ ‬مع‭ ‬الرؤية؟‭ ‬فلا‭ ‬تجد‭ ‬إلا‭ ‬الكلام‭ ‬الإنشائي‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬وراءه‭.‬

الرؤية‭ ‬2030،‭ ‬وإذا‭ ‬ما‭ ‬أعدنا‭ ‬قراءتها‭ ‬بشكل‭ ‬هادئ‭ ‬ومتعمق،‭ ‬سنجد‭ ‬أنها‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬“أهداف‭ ‬إستراتيجية”‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬وكل‭ ‬مجالات‭ ‬التنمية‭ ‬والخدمات،‭ ‬يلزم‭ ‬أن‭ ‬يتبعها‭ ‬“أهداف‭ ‬تشغيلية”‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم‭ ‬ومحددة‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬نوعية‭ ‬الهدف‭ ‬وأركانه‭ ‬وجدوله‭ ‬الزمني‭ ‬والنتائج‭ ‬المتوقعة،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬مراحل‭ ‬تقييمه‭ ‬وإعادة‭ ‬دراسة‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬فيه‭ ‬سلبًا‭ ‬أم‭ ‬إيجابًا،‭ ‬وهذا‭ ‬يلزم‭ ‬كل‭ ‬الأجهزة‭ ‬الحكومية‭ ‬حسب‭ ‬تخصصها،‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬الهدف‭ ‬الإستراتيجي‭ ‬إلى‭ ‬هدف‭ ‬تشغيلي،‭ ‬ولا‭ ‬بأس،‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬علميًا‭ ‬وصريحًا‭ ‬وشفافًا‭ ‬يضع‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬توافر‭ ‬الموازنة‭ ‬المالية‭ ‬لتطبيق‭ ‬الخطة‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬حالة‭ ‬التقشف‭ ‬وبرنامج‭ ‬التوازن‭ ‬المالي،‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬ثماره‭ ‬واضحة‭ ‬في‭ ‬انعكاساتها‭ ‬على‭ ‬منفعة‭ ‬المواطن‭.‬

في‭ ‬رأيي‭ ‬المتواضع،‭ ‬يلزم‭ ‬أن‭ ‬نرصد‭ ‬تصريحات‭ ‬وبهرجات‭ ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬حديثهم‭ ‬عن‭ ‬“وفق‭ ‬رؤية‭ ‬2030”‭ ‬في‭ ‬الإعلام،‭ ‬ثم‭ ‬تتولى‭ ‬جهة‭ ‬رسمية‭ ‬قراءة‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات‭ ‬ومخاطبتهم‭ ‬لتقديم‭ ‬ما‭ ‬يثبت‭ ‬أنهم‭ ‬بالفعل‭ ‬حققوا‭ ‬عملًا‭ ‬منجزًا‭ ‬يتطابق‭ ‬مع‭ ‬الرؤية‭.. ‬وإلا،‭ ‬فلا‭ ‬حاجة‭ ‬لنا‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأهزوجات‭.. ‬نبي‭ ‬شغل‭ ‬ما‭ ‬نبي‭ ‬كلام‭.. ‬ونترقب‭ ‬أيضًا‭ ‬موجة‭ ‬“الذكاء‭ ‬الاصطناعي”‭ ‬في‭ ‬الطالعة‭ ‬والنازلة‭.‬