من جديد

في أثر وسائل التواصل الاجتماعي

| د. سمر الأبيوكي

إلى‭ ‬أين‭ ‬ستذهب‭ ‬بنا‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وهل‭ ‬التأثير‭ ‬المنوط‭ ‬باستخدامها‭ ‬إيجابي؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬دخولها‭ ‬حياتنا‭ ‬أصبح‭ ‬نقمة‭ ‬حقيقية،‭ ‬أميل‭ ‬للجانب‭ ‬الآخر‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬الخاطئة‭ ‬تم‭ ‬تعزيزها‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استخدام‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬فنحن‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬نعي‭ ‬تماما‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للتنمر،‭ ‬لكننا‭ ‬بتنا‭ ‬نراه‭ ‬ونعايشه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬الوسائل،‭ ‬وقد‭ ‬لمست‭ ‬قصة‭ ‬إحدى‭ ‬الفتيات‭ ‬البسيطات‭ ‬قلبي،‭ ‬حيث‭ ‬استخدمت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لتوثيق‭ ‬فرحتها‭ ‬بخطوبتها‭ ‬لكنها‭ ‬واجهت‭ ‬سيلا‭ ‬من‭ ‬التهكم‭ ‬على‭ ‬شكلها‭ ‬ومكياجها‭ ‬وثيابها‭ ‬التي‭ ‬تصور‭ ‬لنا‭ ‬بساطتها‭ ‬وضيق‭ ‬ذات‭ ‬اليد،‭ ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬سماع‭ ‬كلمة‭ ‬“مبروك”،‭ ‬كانت‭ ‬النتيجة‭ ‬أن‭ ‬مر‭ ‬خطيبها‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬الثاني‭ ‬مطالبا‭ ‬إياها‭ ‬بإرجاع‭ ‬خاتم‭ ‬الخطوبة‭ ‬وإلغاء‭ ‬مشروع‭ ‬الزواج‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬قصة‭ ‬زواجهما‭ ‬مصدرا‭ ‬للتنكر‭ ‬والضحك‭ ‬وتقليل‭ ‬الشأن،‭ ‬لقد‭ ‬كسر‭ ‬قلبها‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬وكسرت‭ ‬فرحة‭ ‬الفتاة‭ ‬بعبارات‭ ‬قاسية‭ ‬وانتقاد‭ ‬لاذع‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬جمهور‭ ‬كل‭ ‬علاقتها‭ ‬به‭ ‬هذه‭ ‬الوسيلة‭!‬

وتطول‭ ‬الحكايات‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬أنسى‭ ‬الضجة‭ ‬التي‭ ‬أثيرت‭ ‬عندما‭ ‬صورت‭ ‬إحدى‭ ‬الفنانات‭ ‬كوب‭ ‬قهوتها،‭ ‬وأبدى‭ ‬الكثيرون‭ ‬امتعاضهم‭: ‬كيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تشرب‭ ‬في‭ ‬كوب‭ ‬عادي‭ ‬وهي‭ ‬فنانة‭ ‬معروفة‭ ‬وغنية‭ ‬ومترفة؟‭! ‬كيف‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬ترتكب‭ ‬هذا‭ ‬الذنب‭ ‬العظيم‭ ‬وكأن‭ ‬المطلوب‭ ‬ممن‭ ‬يشاركونا‭ ‬حياتهم‭ ‬أن‭ ‬ينتبهوا‭ ‬إلى‭ ‬أدق‭ ‬التفاصيل،‭ ‬وهكذا‭ ‬أصبح‭ ‬الحال‭ ‬فرضا‭ ‬لا‭ ‬تفضلا‭ ‬وإلا‭ ‬فلن‭ ‬تخلو‭ ‬الساحة‭ ‬من‭ ‬التعليقات‭ ‬السلبية‭ ‬والتطاول‭.‬

آخرون‭ ‬تقمصوا‭ ‬دورا‭ ‬عقائديا‭ ‬وكأنما‭ ‬دخلوا‭ ‬في‭ ‬نوايا‭ ‬الناس‭ ‬ودينهم‭ ‬وباتوا‭ ‬قيمين‭ ‬على‭ ‬دخولهم‭ ‬الجنة‭ ‬والنار،‭ ‬متناسين‭ ‬الموعظة‭ ‬تكون‭ ‬بالحسنى،‭ ‬وأن‭ ‬الحسنة‭ ‬بعشر‭ ‬أمثالها،‭ ‬واستخدموا‭ ‬كلمات‭ ‬نابية‭ ‬وقذفا‭ ‬وسبا‭ ‬بذريعة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يتواجدون‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬أكثر‭ ‬دينا‭ ‬وخلقا‭ ‬وإلا‭ ‬فلا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬توجيه‭ ‬عبارات‭ ‬لا‭ ‬أخلاقية‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬السب‭ ‬والدعوات‭ ‬بالموت‭ ‬حتى‭ ‬يشفي‭ ‬ذلك‭ ‬غليلهم‭!‬

ومضة‭: ‬خلدت‭ ‬لنا‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬كلمات‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬تناقض‭ ‬كاتبيها،‭ ‬ولأنني‭ ‬أحبذ‭ ‬دراسة‭ ‬رجع‭ ‬الصدى‭ ‬دخلت‭ ‬مرارا‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الحسابات‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬منها‭ ‬تعليقات‭ ‬لفتت‭ ‬انتباهي،‭ ‬وغالبا‭ ‬ما‭ ‬أصعق‭ ‬مما‭ ‬أرى،‭ ‬فصاحب‭ ‬العبارة‭ ‬السيئة‭ ‬غالبا‭ ‬يعرف‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬حسابه‭ ‬الشخصي‭ ‬بجملة‭ ‬عقائدية‭ ‬أو‭ ‬آية‭ ‬قرآنية‭ ‬أو‭ ‬مثل‭ ‬تراثي‭ ‬لا‭ ‬يمت‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬لما‭ ‬كتبه‭ ‬من‭ ‬تعليق‭ ‬على‭ ‬حادث‭ ‬أو‭ ‬صورة‭ ‬أو‭ ‬غيرها،‭ ‬لقد‭ ‬عرت‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الكثير‭ ‬وكشفت‭ ‬الكثير‭ ‬وبتنا‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬صراع‭ ‬بين‭ ‬العرف‭ ‬والأخلاق‭ ‬وما‭ ‬يتاح‭ ‬لك‭ ‬أن‭ ‬تكتبه‭ ‬خلف‭ ‬ستار‭ ‬وهمي‭.‬