الكويت في مواجهة الشر الإيراني

| مؤنس المردي

كعادة‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬التهرب‭ ‬من‭ ‬التزاماته‭ ‬أمام‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬والتنصل‭ ‬من‭ ‬مسؤوليتها‭ ‬تجاه‭ ‬شعبه،‭ ‬وفي‭ ‬إطار‭ ‬محاولاته‭ ‬المتواصلة‭ ‬والمستمتية‭ ‬لتحويل‭ ‬الأنظار‭ ‬عما‭ ‬يمارسه‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وإرهاب‭ ‬على‭ ‬الصعيدين‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي،‭ ‬ادعى‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬الطائرة‭ ‬المسيرة‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬أقلعت‭ ‬من‭ ‬قاعدة‭ ‬كويتية،‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يوصف‭ ‬بأنه‭ ‬استفزازي،‭ ‬ويحاول‭ ‬به‭ ‬ابتزاز‭ ‬دولة‭ ‬لطالما‭ ‬حافظت‭ ‬على‭ ‬علاقات‭ ‬طبيعية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬وأن‭ ‬تكون‭ ‬دائمًا‭ ‬رسولاً‭ ‬للسلام‭ ‬والتهدئة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬باتت‭ ‬قابلة‭ ‬للانفجار‭ ‬والاشتعال‭ ‬بأي‭ ‬وقت‭ ‬بسبب‭ ‬الممارسات‭ ‬الإيرانية‭ ‬غير‭ ‬المسؤولة‭ ‬تجاه‭ ‬جيرانها‭ ‬وتجاه‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬برمتها‭.‬

الكويت‭ ‬لم‭ ‬تسلم‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬إيران‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬اتضح‭ ‬للجميع‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬وأحداث‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬العام‭ ‬2010‭ ‬عندما‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬خلية‭ ‬تجسس‭ ‬إيرانية‭ ‬داخل‭ ‬الكويت،‭ ‬وصدرت‭ ‬آنذاك‭ ‬أحكام‭ ‬دانت‭ ‬إيرانيين‭ ‬اثنين‭ ‬وآخرين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬وجهت‭ ‬إليهما‭ ‬اتهامات‭ ‬بالتجسس‭ ‬لصالح‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬قامت‭ ‬الكويت‭ ‬بطرد‭ ‬دبلوماسيين‭ ‬إيرانيين‭ ‬بتهمة‭ ‬التورط‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬تجسس‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬الخلايا‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬طهران‭ ‬إلى‭ ‬زرعها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المنطقة،‭ ‬وفي‭ ‬العام‭ ‬2015،‭ ‬كشفت‭ ‬الكويت‭ ‬عما‭ ‬عرف‭ ‬بخلية‭ ‬العبدلي‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬لزرع‭ ‬الفتنة‭ ‬وزعزعة‭ ‬الأمن‭ ‬والسلم‭ ‬في‭ ‬الكويت،‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬عناصرها‭ ‬من‭ ‬ينتمون‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬الإيراني،‭ ‬وقامت‭ ‬الحكومة‭ ‬الكويتية‭ ‬بدورها‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬العادية‭ ‬بتحويل‭ ‬المتهمين‭ ‬للمحاكمة‭ ‬العادلة،‭ ‬وتمت‭ ‬المحاكمة‭ ‬وصدرت‭ ‬الأحكام‭ ‬بصورة‭ ‬علنية‭ ‬وشفافة‭ ‬ومعروفة‭ ‬للجميع‭.‬

وحيال‭ ‬الابتزاز‭ ‬الإيراني‭ ‬الأخير،‭ ‬فقد‭ ‬قامت‭ ‬الكويت‭ ‬باستدعاء‭ ‬السفير‭ ‬الإيراني‭ ‬على‭ ‬خلفية‭ ‬تكرار‭ ‬تصريح‭ ‬قائد‭ ‬القوات‭ ‬الجو‭ ‬فضائية‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬والذي‭ ‬ذكر‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬قاعدة‭ ‬علي‭ ‬السالم‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬شاركت‭ ‬ضمن‭ ‬قواعد‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬قرب‭ ‬مطار‭ ‬بغداد‭ ‬وقتل‭ ‬فيها‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الكويت‭ ‬وفي‭ ‬بيان‭ ‬واضح‭ ‬لرئاسة‭ ‬الأركان‭ ‬العامة‭ ‬للجيش‭ ‬نفت‭ ‬بشكل‭ ‬قاطع‭ ‬استخدام‭ ‬قواعدها‭ ‬العسكرية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬دولة‭ ‬مجاورة‭.‬

الجواب‭ ‬الإيراني‭ ‬سيكون‭ ‬معروفا،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬لا‭ ‬يمثل‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬وأنه‭ ‬مجرد‭ ‬فرقة‭ ‬عسكرية،‭ ‬وهي‭ ‬الأجوبة‭ ‬والمرواغات‭ ‬التي‭ ‬كانوا‭ ‬يسوقونها‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬عند‭ ‬أي‭ ‬تصريح‭ ‬مستفز‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬ضد‭ ‬البحرين‭ ‬أو‭ ‬السعودية،‭ ‬فهو‭ ‬نهج‭ ‬مراوغ‭ ‬ومكشوف‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬تشتيت‭ ‬الأنظار‭ ‬وتصدير‭ ‬رسائل‭ ‬متضاربة‭ ‬ومتناقضة‭ ‬للخارج‭ ‬للتهرب‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مسؤولية‭ ‬عن‭ ‬أفعال‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭.‬

أمير‭ ‬الإنسانية،‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الشيخ‭ ‬صباح‭ ‬الأحمد‭ ‬الجابر‭ ‬المبارك‭ ‬الصباح‭ ‬ينتهج‭ ‬نهجًا‭ ‬حكيمًا‭ ‬جعل‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬محل‭ ‬ثقة‭ ‬لجميع‭ ‬الدول،‭ ‬ولا‭ ‬يدخر‭ ‬جهدًا‭ ‬لأجل‭ ‬احتواء‭ ‬الأزمات‭ ‬ونشر‭ ‬الخير‭ ‬والسلام‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬ليعم‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬دولها‭ ‬وشعوبها،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬لم‭ ‬يثن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬عن‭ ‬مواصلة‭ ‬تجاوزاته‭ ‬وخروقاته‭ ‬دون‭ ‬تمييز‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬وأخرى،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬أمورا‭ ‬عدة‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬أولا‭: ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬يعيش‭ ‬وضعًا‭ ‬خانقًا‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬احتضار‭ ‬بفعل‭ ‬العقوبات‭ ‬والضغوطات‭ ‬الدولية‭ ‬عليه‭ ‬والاحتجاجات‭ ‬الشعبية‭ ‬ضده‭ ‬والتي‭ ‬لن‭ ‬يجدي‭ ‬معها‭ ‬محاولاته‭ ‬للهروب‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الكويت‭ ‬هذه‭ ‬المرة،‭ ‬وثانيًا‭: ‬أنه‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ربما‭ ‬يمهد‭ ‬للقيام‭ ‬بعمليات‭ ‬إرهابية‭ ‬واستهداف‭ ‬لمصالح‭ ‬أميركية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وثالثًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الوثوق‭ ‬بهذا‭ ‬النظام،‭ ‬ومهما‭ ‬بادرنا‭ ‬من‭ ‬خطوات‭ ‬تؤكد‭ ‬حسن‭ ‬نوايانا‭ ‬ورغبتنا‭ ‬في‭ ‬السلام‭ ‬والخير،‭ ‬فلن‭ ‬نجد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬إلا‭ ‬الغدر‭ ‬والشر‭.‬

حفظ‭ ‬الله‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬كيد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وأفعاله‭ ‬وإرهابه،‭ ‬وسلمها‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬الخلايا‭ ‬الإيرانية‭ ‬النائمة،‭ ‬ووفق‭ ‬الله‭ ‬أميرها‭ ‬لتظل‭ ‬الكويت‭ ‬دائما‭ ‬وأبدا‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬السلام‭.‬