ستة على ستة

أفضل كتاب للعدالة

| عطا السيد الشعراوي

لا‭ ‬نملك‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬الحمد‭ ‬لله‭ ‬ونحن‭ ‬نتابع‭ ‬ونقرأ‭ ‬ونفرح‭ ‬بالشهادات‭ ‬المتتالية‭ ‬التي‭ ‬تنصف‭ ‬الإسلام‭ ‬وقيمه‭ ‬مبادئه‭ ‬والتي‭ ‬تأتي‭ ‬غالبا‭ ‬وللأسف‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬ينتمون‭ ‬لهذا‭ ‬الدين،‭ ‬لتدحض‭ ‬وترد‭ ‬بقوة‭ ‬وموضوعية‭ ‬و”علمية”‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يحاولون‭ ‬تشويه‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬وتصويره‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬قاصر‭ ‬وغير‭ ‬متطور‭ ‬بما‭ ‬يكفي‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬يناسب‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬هؤلاء‭ ‬ممن‭ ‬يدينون‭ ‬بالإسلام‭ ‬لكنهم‭ ‬يجتهدون‭ ‬بضراوة‭ ‬ويسعون‭ ‬بشدة‭ ‬لإثبات‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فجوة‭ ‬بعيدة‭ ‬بين‭ ‬الدين‭ ‬ومعطيات‭ ‬ومنجزات‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.‬

فها‭ ‬هي‭ ‬إحدى‭ ‬أقدم‭ ‬وأعرق‭ ‬بل‭ ‬أفضل‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬أميركا‭ ‬والعالم‭ ‬بأسره،‭ ‬وهي‭ ‬جامعة‭ ‬هارفارد‭ ‬الأميركية‭ ‬تصنف‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬كأفضل‭ ‬كتاب‭ ‬للعدالة،‭ ‬ليس‭ ‬بقرار‭ ‬من‭ ‬أستاذ‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬اجتهاد‭ ‬من‭ ‬إحدى‭ ‬كلياتها‭ ‬أو‭ ‬رأي‭ ‬وهوى‭ ‬من‭ ‬الجامعة،‭ ‬إنما‭ ‬استنتاج‭ ‬علمي‭ ‬جاء‭ ‬بعد‭ ‬دراسات‭ ‬مطولة‭ ‬بحثت‭ ‬قواعد‭ ‬العدالة‭ ‬التي‭ ‬يحتويها‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬وخلصت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرآن‭ ‬كتاب‭ ‬حافل‭ ‬بقواعد‭ ‬العدالة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وأن‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وجه‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح،‭ ‬وأن‭ ‬الإسلام‭ ‬ليس‭ ‬لديه‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬للظلم؛‭ ‬بل‭ ‬يشتمل‭ ‬على‭ ‬التسامح‭ ‬واحترام‭ ‬الآخر‭.‬

هي‭ ‬تقريبا‭ ‬نفس‭ ‬المفردات‭ ‬والمصطلحات‭ ‬التي‭ ‬يحاول‭ ‬كثيرون‭ ‬من‭ ‬مدعي‭ ‬الثقافة‭ ‬والعلمانية‭ ‬والحداثة‭ ‬إيجاد‭ ‬مسافات‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الإسلام‭ ‬لتصدير‭ ‬أهوائهم‭ ‬ورغباتهم‭ ‬في‭ ‬تنحية‭ ‬هذا‭ ‬الدين‭ ‬جانبًا،‭ ‬والفصل‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬الحياة،‭ ‬فإذ‭ ‬بهذه‭ ‬الجامعة‭ ‬تقول‭ ‬لهؤلاء‭ (‬كفاكم‭ ‬ظلما‭ ‬لهذا‭ ‬الدين‭ ‬وحاولوا‭ ‬أن‭ ‬تغيروا‭ ‬وجهتكم‭ ‬لتكون‭ ‬تصالحية‭ ‬وتوافقية‭ ‬بين‭ ‬قيم‭ ‬دينكم‭ ‬وبين‭ ‬حياتكم‭ ‬ومعيشتكم،‭ ‬وابتعدوا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬النظرة‭ ‬العدائية‭ ‬“الخفية”‭ ‬والاستعلائية‭ ‬“الظاهرة”‭ ‬للإسلام‭).‬

وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬فيه‭ ‬هؤلاء‭ ‬شعارات‭ ‬“عصرية‭ ‬“رنانة”‭ ‬يزعمون‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬نظير‭ ‬لها‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬أبحاثهم‭ ‬واجتهاداتهم‭ ‬“الفذة”،‭ ‬نجد‭ ‬نص‭ ‬ترجمة‭ ‬الآية‭ ‬135‭ ‬من‭ ‬سورة‭ ‬النساء،‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬الجدران‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬كلية‭ ‬القانون‭ ‬بجامعة‭ ‬هارفارد،‭ ‬وهو‭ ‬الجدار‭ ‬الذي‭ ‬وضع‭ ‬عليه‭ ‬أهم‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العصور،‭ ‬لأن‭ ‬الجامعة‭ ‬ترى‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬النصوص‭ ‬تعبيرًا‭ ‬عن‭ ‬العدالة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭.‬