ما وراء الحقيقة

الشعوبيون الجدد... قصة تدمير سوريا (1)

| د. طارق آل شيخان الشمري

لابد‭ ‬لنا‭ ‬أولا‭ ‬من‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬الراحل‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد‭ ‬كان‭ ‬سدا‭ ‬منيعا‭ ‬ضد‭ ‬دخول‭ ‬الكسرويين‭ ‬الصفويين‭ ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬العروبة‭ ‬سوريا،‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬مدى‭ ‬استماتتهم‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬ضم‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬الأراضي‭ ‬التي‭ ‬سيقومون‭ ‬باحتلالها‭ ‬وهي‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬ليصنعوا‭ ‬منها‭ ‬الهلال‭ ‬الخميني،‭ ‬وهو‭ ‬هلال‭ ‬مهم‭ ‬جدا‭ ‬سيضمن‭ ‬لهم‭ ‬الانطلاق‭ ‬لاحقا‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬والسعودية‭ ‬وبقية‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬لهذا،‭ ‬فإن‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد‭ ‬كان‭ ‬رجلا‭ ‬وطنيا‭ ‬وعربيا‭ ‬وقف‭ ‬بكل‭ ‬صلابة‭ ‬ضد‭ ‬الكسرويين‭ ‬الصفويين‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬الرئيس‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد‭ ‬لم‭ ‬تستمر‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬لعدة‭ ‬أسباب،‭ ‬منها‭ ‬ضعف‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬انفتاحها‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬والبدء‭ ‬بصفحة‭ ‬جديدة‭ ‬معها،‭ ‬ما‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ ‬للصفويين‭ ‬للبدء‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬أوتاد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإيراني‭ ‬لسوريا‭ ‬العربية،‭ ‬وثاني‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬عدم‭ ‬استمرار‭ ‬العلاقات‭ ‬السورية‭ ‬الخليجية‭ ‬قوية‭ ‬ومتينة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬بعهد‭ ‬الرئيس‭ ‬حافظ‭ ‬الأسد،‭ ‬وكانت‭ ‬إيران‭ ‬وراء‭ ‬ذلك‭ ‬التدهور‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬جدا،‭ ‬حيث‭ ‬عمد‭ ‬اللوبي‭ ‬الإيراني‭ ‬بسوريا‭ ‬إلى‭ ‬محاولة‭ ‬بث‭ ‬نار‭ ‬الفرقة‭ ‬والشقاق‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬والسعودية،‭ ‬أي‭ ‬الشقاق‭ ‬بين‭ ‬العرب،‭ ‬وأسلوب‭ ‬بث‭ ‬نار‭ ‬الفرقة‭ ‬والخلافات‭ ‬وسوء‭ ‬الفهم‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬العربية،‭ ‬هو‭ ‬أسلوب‭ ‬إيراني‭ ‬تم‭ ‬استخدامه‭ ‬بالعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬خطر‭ ‬كبير‭ ‬جدا‭ ‬لم‭ ‬تدركه‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬الجديدة،‭ ‬بعدم‭ ‬المغامرة‭ ‬بفقدان‭ ‬ثقة‭ ‬ودعم‭ ‬حليف‭ ‬عربي‭ ‬قوي‭ ‬كالسعودية،‭ ‬سيكون‭ ‬داعما‭ ‬ومساندا‭ ‬ومدافعا‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الخطر،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدركته‭ ‬القيادة‭ ‬السورية‭ ‬لاحقا،‭ ‬حينما‭ ‬فقدت‭ ‬مقعدها‭ ‬بالجامعة‭ ‬العربية‭ ‬نتيجة‭ ‬أولا‭ ‬علاقتها‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬والسماح‭ ‬لها‭ ‬بإدارة‭ ‬دفة‭ ‬القيادة‭ ‬السورية،‭ ‬وثانيا‭ ‬لفقدانها‭ ‬الدعم‭ ‬السعودي‭ ‬والمصري‭ ‬أيضا‭.‬

وعليه،‭ ‬وحينما‭ ‬بدأت‭ ‬مؤامرة‭ ‬القرن‭ ‬المسماة‭ ‬بالربيع‭ ‬العربي،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬ضربت‭ ‬البلاد‭ ‬العربية،‭ ‬بدأت‭ ‬معها‭ ‬مجاميع‭ ‬الغوغاء‭ ‬من‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين،‭ ‬المدعومين‭ ‬من‭ ‬الطغرليين‭ ‬العثمانيين‭ ‬وسياسة‭ ‬96‭ ‬القطرية‭ ‬بالتطبيل‭ ‬لهذه‭ ‬المؤامرة،‭ ‬واستكمال‭ ‬سيناريو‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة‭ ‬بسوريا،‭ ‬وكانت‭ ‬سوريا‭ ‬مهيئة‭ ‬تماما‭ ‬لهذه‭ ‬المؤامرة،‭ ‬وكانت‭ ‬أيضا‭ ‬فرصة‭ ‬لإيران‭ ‬لاستغلال‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرة‭ ‬وتعميق‭ ‬وجودها‭ ‬بسوريا‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭ ‬منه‭ ‬منذ‭ ‬قرون،‭ ‬وللقصة‭ ‬بقية‭.‬