ياسمينيات

“فلوسك تهمنا”

| ياسمين خلف

أغلب‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الطبية‭ ‬تختم‭ ‬إعلاناتها‭ ‬بــ‭ ‬“صحتك‭ ‬تهمنا”،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬تلبس‭ ‬لباساً‭ ‬يخفي‭ ‬وراءه‭ ‬شعارا‭ ‬أصدق‭ ‬وأكثر‭ ‬واقعية‭ ‬وهو‭ ‬“فلوسك‭ ‬تهمنا”،‭ ‬فصحة‭ ‬أي‭ ‬كان،‭ ‬ليست‭ ‬الهدف‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬تقوم‭ ‬وتعمل‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬والمستشفيات‭ ‬الطبية‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬تسعى‭ ‬تجارياً‭ ‬لأن‭ ‬تحقق‭ ‬الربح‭ ‬المادي،‭ ‬ولا‭ ‬عيب‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬تسعى‭ ‬للربح‭ ‬المعقول‭ ‬طالما‭ ‬تقدم‭ ‬خدمات‭ ‬بضمير‭ ‬حي‭ ‬وإنساني،‭ ‬فهي‭ ‬بالنهاية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تمويل‭ ‬وهي‭ ‬خدمات‭ ‬طبية‭ ‬خاصة،‭ ‬لكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هدفها‭ ‬الأسمى‭ ‬تحصيل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الجيوب،‭ ‬وجيوب‭ ‬من؟‭ ‬جيوب‭ ‬مرضى‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬لهم‭ ‬ولا‭ ‬قوة‭ ‬ضاربة‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬الواجب‭ ‬الإنساني‭ ‬فهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬السكوت‭ ‬عنه‭.‬

وفاة‭ ‬آسيوي‭ ‬بعد‭ ‬رفض‭ ‬مستشفى‭ ‬خاص‭ ‬استقباله‭ ‬لعدم‭ ‬امتلاكه‭ ‬ثمن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬خدماته‭ ‬الطبية،‭ ‬يعري‭ ‬المستشفيات‭ ‬التجارية‭ ‬ويكشفها‭ ‬على‭ ‬حقيقتها،‭ ‬فلو‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬المستشفى‭ ‬حقاً‭ ‬تهمه‭ ‬صحة‭ ‬الناس‭ ‬وحياتهم،‭ ‬لقام‭ ‬بدوره‭ ‬الإنساني‭ ‬والطبي‭ ‬الذي‭ ‬أقسم‭ ‬فيه‭ ‬الأطباء‭ ‬على‭ ‬تقديمه‭ ‬للبشر‭. ‬إنسان‭ ‬جاء‭ ‬وهو‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬آلام‭ ‬بالصدر،‭ ‬كان‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬هو‭ ‬فحص‭ ‬طبي‭ ‬مبدئي‭ ‬للتأكد‭ ‬من‭ ‬مدى‭ ‬خطورة‭ ‬الحالة،‭ ‬فإن‭ ‬كانت‭ ‬الحالة‭ ‬عادية‭ ‬ولا‭ ‬تستدعي‭ ‬القلق،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُبلغ‭ ‬المريض‭ ‬بثمن‭ ‬الخدمة‭ ‬المقدمة‭ ‬أو‭ ‬تنصحه‭ ‬بمراجعة‭ ‬المراكز‭ ‬أو‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية،‭ ‬وإن‭ ‬وجدت‭ ‬فعلاً‭ ‬خطورة‭ ‬في‭  ‬الحالة،‭ ‬فعليها‭ ‬تقديم‭ ‬الإسعافات‭ ‬الأولية‭ ‬لمنع‭ ‬تفاقم‭ ‬الحالة،‭ ‬ولتحمي‭ ‬المريض‭ ‬من‭ ‬المضاعفات‭ ‬السريعة‭ ‬والمفاجئة،‭ ‬وتنقذ‭ ‬حياته،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تنسق‭ ‬مع‭ ‬سيارة‭ ‬إسعاف‭ ‬المستشفيات‭ ‬الحكومية‭ ‬لنقله‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬السرعة‭ ‬لتلك‭ ‬المستشفيات‭ ‬ليحصل‭ ‬على‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬اللازمة،‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬إضافية،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يُطلب‭ ‬من‭ ‬المريض‭ ‬أو‭ ‬أحد‭ ‬مرافقيه‭ ‬نقله‭ ‬لأحد‭ ‬تلك‭ ‬المستشفيات‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬ثمن‭ ‬الدخول‭ ‬لغرف‭ ‬طوارئها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الحياة‭ ‬والموت‭!‬

ما‭ ‬حدث‭ ‬لهذا‭ ‬العامل‭ ‬البسيط‭ ‬جريمة،‭ ‬كان‭ ‬ثمنها‭ ‬حياة‭ ‬إنسان‭ ‬جاء‭ ‬باحثاً‭ ‬عن‭ ‬رزقه،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬يأمل‭ ‬أن‭ ‬يؤمن‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬معيشة‭ ‬أهله،‭ ‬جاء‭ ‬وأمل‭ ‬أهله‭ ‬لقاءه‭ ‬بعد‭ ‬غربته،‭ ‬أن‭ ‬يستقبلوه‭ ‬ماشياً‭ ‬على‭ ‬قدميه‭ ‬لا‭ ‬محمولاً‭ ‬في‭ ‬نعشه‭! ‬فحتى‭ ‬الحيوان‭ ‬لو‭ ‬صادفته‭ ‬وأدركت‭ ‬حاجته‭ ‬إلى‭ ‬مساعدتك‭ ‬أو‭ ‬مساعدة‭ ‬طبية‭ ‬لن‭ ‬تتركه‭ ‬يصارع‭ ‬الموت‭ ‬وحده،‭ ‬ستبذل‭ ‬ما‭ ‬بوسعك‭ ‬لإنقاذه‭ ‬فما‭ ‬بالنا‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬احتاجها‭ ‬بشر،‭ ‬إنسان،‭ ‬والطامة‭ ‬أن‭ ‬يخذله‭ ‬من‭ ‬رفعوا‭ ‬شعار‭ ‬“صحتكم‭ ‬تهمنا”‭!.‬

 

ياسمينة‭: ‬

هو‭ ‬يومه،‭ ‬ولكن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬ينال‭ ‬المتخاذل‭ ‬جزاءه‭.‬