ستة على ستة

تفعيل آلية فض النزاع في الاتفاق النووي الإيراني

| عطا السيد الشعراوي

بعد‭ ‬أن‭ ‬وجدت‭ ‬إيران‭ ‬نفسها‭ ‬مجددًا‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬الاتهامات‭ ‬بالضعف،‭ ‬وبعد‭ ‬أن‭ ‬فشلت‭ ‬في‭ ‬لعب‭ ‬دور‭ ‬الضحية‭ ‬بعد‭ ‬مقتل‭ ‬قائدها‭ ‬الإرهابي‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني،‭ ‬راحت‭ ‬تمارس‭ ‬هوايتها‭ ‬المفضلة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭ ‬بافتعال‭ ‬أزمات‭ ‬وقضايا‭ ‬ساخنة‭ ‬أخرى‭ ‬علها‭ ‬تثير‭ ‬الاهتمام‭ ‬الإيراني‭ ‬والعالمي‭ ‬وترسل‭ ‬رسائل‭ ‬ملتهبة‭ ‬ومتناقضة‭ ‬كي‭ ‬تثير‭ ‬الحيرة‭ ‬والنقاش‭ ‬لأطول‭ ‬فترة‭ ‬ممكنة،‭ ‬فإذ‭ ‬بالرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬حسن‭ ‬روحاني‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬بلاده‭ ‬تقوم‭ ‬الآن‭ ‬بتخصيب‭ ‬اليورانيوم،‭ ‬بكميات‭ ‬أكبر‭ ‬مما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬توصلها‭ ‬للاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬2015م،‭ ‬مضيفا‭: ‬“نخصب‭ ‬يورانيوم‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬كان‭ ‬قبل‭ ‬التوصل‭ ‬للاتفاق‭... ‬الضغط‭ ‬زاد‭ ‬على‭ ‬إيران‭ ‬لكننا‭ ‬نواصل‭ ‬التقدم”‭.‬

هي‭ ‬رسالة‭ ‬إذا‭ ‬من‭ ‬روحاني‭ ‬لشعبه‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬بالخارج‭ ‬بأن‭ ‬بلاده‭ ‬ليست‭ ‬ضعيفة‭ ‬ولم‭ ‬تتأثر‭ ‬بالتطورات‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يرونها‭ ‬معكاسة‭ ‬للمصالح‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وأن‭ ‬طهران‭ ‬تواصل‭ ‬ملفها‭ ‬الأهم‭ ‬أي‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬وكأن‭ ‬أميركا‭ ‬وسياساتها‭ ‬وضغوطاتها‭ ‬لم‭ ‬تفعل‭ ‬شيئًا‭.‬

ثم‭ ‬جاء‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬وكأنه‭ ‬يقدم‭ ‬تفسيرا‭ ‬وتبريرا‭ ‬لما‭ ‬صرح‭ ‬به‭ ‬روحاني‭ ‬ويوجه‭ ‬انتقادا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬فرنسا،‭ ‬وبريطانيا‭ ‬وألمانيا‭ ‬على‭ ‬قيامها‭ ‬بتفعيل‭ ‬آلية‭ ‬فض‭ ‬النزاع‭ ‬في‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬إعادة‭ ‬اعتماد‭ ‬العقوبات‭ ‬الدولية‭ ‬لعام‭ ‬2015م‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬شهرين،‭ ‬متهما‭ ‬إياها‭ ‬بالتخلي‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬تبقى‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬خوفا‭ ‬من‭ ‬التهديدات‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأميركي،‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬بفرض‭ ‬رسوم‭ ‬ضريبية‭ ‬بنسبة‭ ‬25‭ ‬بالمئة‭ ‬على‭ ‬السيارات‭ ‬المستوردة‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬نقلته‭ ‬صحيفة‭ ‬واشنطن‭ ‬بوست‭ ‬الأميركية‭ ‬عن‭ ‬مسؤولين‭ ‬أوروبيين‭.‬

ولم‭ ‬يلتفت‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬أعلنه‭ ‬نظيره‭ ‬الفرنسي‭ ‬جان‭ ‬إيف‭ ‬لودريان‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬بإمكانها‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬سنة‭ ‬أو‭ ‬سنتين‭ ‬امتلاك‭ ‬المواد‭ ‬النووية‭ ‬اللازمة‭ ‬لإنتاج‭ ‬أسلحة‭ ‬نووية‭. ‬ظريف‭ ‬يحاول‭ ‬إلقاء‭ ‬مسؤولية‭ ‬عدم‭ ‬التزام‭ ‬بلاده‭ ‬بالاتفاق‭ ‬النووي‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية،‭ ‬ونسي‭ ‬أنها‭ ‬دافعت‭ ‬بكل‭ ‬قوة‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق‭ ‬وتحاول‭ ‬الحفاظ‭ ‬عليه،‭ ‬ولم‭ ‬ينظر‭ ‬لتفعيل‭ ‬آلية‭ ‬فض‭ ‬النزاع‭ ‬كمحاولة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬لإنقاذ‭ ‬الاتفاق‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقيد‭ ‬بما‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬التزامات‭ ‬دون‭ ‬خروقات‭ ‬تضعف‭ ‬موقفها‭ ‬وحججها‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬الموقف‭ ‬الأميركي‭.‬