سوالف

العالم... تشنج وتلوّ وجنون

| أسامة الماجد

منذ‭ ‬زمن‭ ‬استيقظ‭ ‬سيناتور‭ ‬أميركي‭ ‬من‭ ‬نومه‭ ‬وصاح‭.. ‬إنه‭ ‬عالم‭ ‬مجنون‭ ‬والسبب‭ ‬اغتيال‭ ‬سيناتور‭ ‬آخر،‭ ‬ومن‭ ‬المحتمل‭ ‬أن‭ ‬نفس‭ ‬هذا‭ ‬السيناتور‭ ‬الأميركي‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬فراشه‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬ما‭ ‬واستعد‭ ‬لنوم‭ ‬هادئ‭ ‬مطمئن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬سمع‭ ‬نبأ‭ ‬اغتيال‭ ‬شخصية‭ ‬وطنية‭ ‬شهيرة،‭ ‬مقدسة‭ ‬عند‭ ‬البعض‭ ‬وتمتم‭ ‬وصاح‭ ‬بأعلى‭ ‬صوته‭ ‬“سيعود‭ ‬العالم‭ ‬بعده‭ ‬إلى‭ ‬صوابه”‭. ‬كثيرون‭ ‬يشاركون‭ ‬هذا‭ ‬السيناتور‭ ‬الأميركي‭ ‬صيحته‭ ‬الأولى‭ ‬ويتساءلون‭ ‬عما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العالم‭ ‬فقد‭ ‬عقله‭ ‬نهائيا‭ ‬أم‭ ‬أنها‭ ‬موجة‭ ‬جنون‭ ‬عابرة،‭ ‬وبعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬تتفق‭ ‬مصالحهم‭ ‬وأفكارهم‭ ‬مع‭ ‬مصالح‭ ‬السيناتور‭ ‬وأفكاره،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يعارضها‭ ‬تماما‭ ‬ولكنهم‭ ‬جميعا‭ ‬تجمعهم‭ ‬صفة‭ ‬واحدة،‭ ‬هي‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬الشيوخ‭ ‬والكهول‭ ‬الذين‭ ‬عاشوا‭ ‬سنوات‭ ‬حياتهم‭ ‬السياسية‭ ‬الأخيرة‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬وطمأنينة‭ ‬بلغت‭ ‬مداها‭ ‬أواخر‭ ‬الخمسينات‭ ‬وأوائل‭ ‬الستينات،‭ ‬ثم‭ ‬تبدد‭ ‬هذا‭ ‬السلم‭ ‬وعاد‭ ‬العنف‭ ‬يسود‭ ‬العالم‭ ‬وانهارت‭ ‬وحدة‭ ‬صفوف‭ ‬معسكراته،‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الكلمة‭ ‬تبخرت‭ ‬أحلام‭ ‬الأفكار‭ ‬الوسطية‭ ‬في‭ ‬لهيب‭ ‬من‭ ‬الصراع‭ ‬الآيديولوجي‭ ‬متفجر‭ ‬اللهب‭.‬

السؤال‭ ‬الأهم‭ ‬اليوم‭... ‬هل‭ ‬فعلا‭ ‬أصيب‭ ‬العالم‭ ‬بالجنون‭ ‬وما‭ ‬أسباب‭ ‬ذلك‭ ‬وما‭ ‬تفسيره؟‭ ‬فحين‭ ‬يحاول‭ ‬أصحاب‭ ‬المصلحة‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬والمستفيدين‭ ‬منها‭ ‬تقديم‭ ‬مبررات‭ ‬شكلية‭ ‬ومغرضة‭ ‬لها،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المسائل‭ ‬والقضايا‭ ‬الكبرى،‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬نسمي‭ ‬ذلك،‭ ‬أليس‭ ‬جنونا؟‭ ‬إذا‭ ‬ابتعدت‭ ‬أية‭ ‬دولة‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬كإيران‭ ‬وأتباعها‭ ‬وطغت‭ ‬المشانق‭ ‬والاعتقالات‭ ‬وحالات‭ ‬التعذيب،‭ ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬جنونا؟‭ ‬إذا‭ ‬ابتعدت‭ ‬المنظمات‭ ‬والهيئات‭ ‬العالمية‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الإيجابي‭ ‬الملموس‭ ‬وظلت‭ ‬صامتة‭ ‬أمام‭ ‬الأطماع‭ ‬التوسعية‭ ‬واستنزاف‭ ‬قوى‭ ‬الشعوب،‭ ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬جنونا؟‭ ‬الارتماء‭ ‬في‭ ‬أحضان‭ ‬المنظمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬لقاء‭ ‬بعض‭ ‬الرواتب‭ ‬الشهرية‭ ‬ألا‭ ‬يعد‭ ‬هذا‭ ‬أحقر‭ ‬وأبشع‭ ‬أنواع‭ ‬الجنون؟

رؤساء‭ ‬دول‭ ‬يعشقون‭ ‬فرق‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والسجون‭ ‬والاضطهاد‭ ‬الدموي‭ ‬وتبذير‭ ‬الأموال‭ ‬وبينهم‭ ‬وبين‭ ‬سعادة‭ ‬المواطن‭ ‬ورفاهيته‭ ‬خصاما‭ ‬أزلي،‭ ‬ماذا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحالة؟‭ ‬أتصور‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬بعملية‭ ‬صياغة‭ ‬آيديولوجية‭ ‬“عقليا‭ ‬وسلوكيا”‭ ‬بدل‭ ‬هذا‭ ‬التشنج‭ ‬والتلوي‭ ‬والزبد‭ ‬المسموم‭ ‬الذي‭ ‬يؤكد‭ ‬الجنون‭.‬