زبدة القول

مزيدا من التوضيح!

| د. بثينة خليفة قاسم

تصريحات‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أسامة‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬العبسي‭ ‬حول‭ ‬العمالة‭ ‬المنزلية‭ ‬أحدثت‭ ‬ضجة‭ ‬شعبية‭ ‬كبيرة‭ ‬ونالت‭ ‬رفضا‭ ‬واسعا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكثيرين،‭ ‬صحيح‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬اشتملت‭ ‬على‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭ ‬تندرج‭ ‬تحت‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قانوني‭ ‬وإنساني‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬للصالح‭ ‬العام‭ ‬وصالح‭ ‬الأسرة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جزئية‭ ‬أقلقت‭ ‬الجميع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬وهي‭ ‬الجزئية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بعدم‭ ‬إجبار‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬معين‭.‬

فالأصل‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬الخادم‭ ‬أو‭ ‬الخادمة‭ ‬هو‭ ‬الطاعة‭ ‬والاحترام‭ ‬والقيام‭ ‬بالعمل‭ ‬الذي‭ ‬يوكل‭ ‬إليه،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬إنساني‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬به‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الاستغلال‭ ‬كالاستغلال‭ ‬الجنسي‭ ‬مثلا،‭ ‬لذلك‭ ‬حدثت‭ ‬البلبلة‭ ‬لدى‭ ‬الناس،‭ ‬حيث‭ ‬يخشى‭ ‬الجميع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كلام‭ ‬العبسي‭ ‬بمثابة‭ ‬رخصة‭ ‬للعامل‭ ‬أو‭ ‬العاملة‭ ‬ليقوم‭ ‬فقط‭ ‬بالعمل‭ ‬الذي‭ ‬يرغب‭ ‬به‭ ‬ويمتنع‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يرغب‭ ‬به‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كونه‭ ‬قانونيا‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭.‬

وبما‭ ‬أن‭ ‬القوانين‭ ‬البحرينية‭ ‬الموجودة‭ ‬تنظم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬وتعطي‭ ‬الخادم‭ ‬حقه‭ ‬وتحميه‭ ‬من‭ ‬التعرض‭ ‬لأي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬الظلم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مخدومه،‭ ‬فهذه‭ ‬التصريحات‭ ‬لم‭ ‬تضف‭ ‬شيئا‭ ‬لمصلحة‭ ‬العامل‭ ‬أو‭ ‬مصلحة‭ ‬الناس‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬نتج‭ ‬عنها‭ ‬هو‭ ‬القلق‭ ‬والاحتجاج‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الكثيرين‭ ‬ممن‭ ‬اعتقدوا‭ ‬أن‭ ‬كلام‭ ‬رئيس‭ ‬هيئة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تحريض‭ ‬العمالة‭ ‬وتمردها‭.‬

لكن‭ ‬بقية‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬العبسي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬به،‭ ‬فمسألة‭ ‬فتح‭ ‬حساب‭ ‬بنكي‭ ‬ووضع‭ ‬راتب‭ ‬العامل‭ ‬فيه،‭ ‬منعا‭ ‬للتأخر‭ ‬في‭ ‬إعطائه‭ ‬حقه،‭ ‬ومنعا‭ ‬لادعاء‭ ‬العامل‭ ‬نفسه‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬راتبه،‭ ‬فهذا‭ ‬شيء‭ ‬إنساني‭ ‬بامتياز‭ ‬ولنا‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬نؤيده‭ ‬ونقبل‭ ‬به،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توصية‭ ‬العبسي‭ ‬بضرورة‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المكاتب‭ ‬المرخصة‭ ‬في‭ ‬جلب‭ ‬العمالة،‭ ‬حرصا‭ ‬على‭ ‬مصلحة‭ ‬الأسرة،‭ ‬وحرصا‭ ‬على‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة،‭ ‬فهذا‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬ولابد‭ ‬لنا‭ ‬جميعا‭ ‬أن‭ ‬نلتزم‭ ‬به‭ ‬حفظا‭ ‬لحقوقنا،‭ ‬وحرصا‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬مصلحة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬أيضا‭ ‬مصلحتنا‭ ‬جميعا‭.‬

ما‭ ‬نرجوه‭ ‬إذا‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬الهيئة‭ ‬بطمأنة‭ ‬الناس‭ ‬حول‭ ‬المقصود‭ ‬بعدم‭ ‬إجبار‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬القيام‭ ‬بعمل‭ ‬معين،‭ ‬لأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬فهموا‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬العامل‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬وما‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬به،‭ ‬أو‭ ‬كما‭ ‬قالت‭ ‬لي‭ ‬إحدى‭ ‬السيدات‭ ‬“إذا‭ ‬قلت‭ ‬لخادمتي‭ ‬نظفي‭ ‬المنزل‭ ‬ورفضت،‭ ‬ماذا‭ ‬أفعل‭ ‬إذا؟”‭.‬