مواقف إدارية

التسرع في الحكم على الآخرين

| أحمد البحر

يقال‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬آينشتاين‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يفارق‭ ‬نظارته‭. ‬وحدث‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬المرات‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬أحد‭ ‬المطاعم‭ ‬وتبين‭ ‬له‭ ‬أنه‭ ‬نسي‭ ‬النظارة،‭ ‬ولما‭ ‬أُحضرت‭ ‬له‭ ‬قائمة‭ ‬الطعام‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الجرسون‭ ‬أن‭ ‬يقرأها‭ ‬له‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬الجرسون‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يجيب‭ ‬وبأدب‭: ‬أنا‭ ‬مثلك‭ ‬سيدي‭ ‬أُمي‭ ‬لا‭ ‬أجيد‭ ‬القراءة‭.‬

لا‭ ‬أدري‭ ‬كيف‭ ‬استقبل‭ ‬آينشتاين‭ ‬ذلك‭ ‬الرد‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬من‭ ‬الجرسون‭ ‬ولكن‭ ‬يمكنني‭ ‬التخمين‭ ‬بأنه‭ ‬لم‭ ‬يستلطفه‭ ‬ولم‭ ‬يعجبه‭ ‬تسرع‭ ‬ذلك‭ ‬الجرسون‭ ‬في‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬بأنه‭ ‬أُمي‭ ‬ويجهل‭ ‬القراءة‭. ‬وأعتقد‭ ‬بأنه،‭ ‬أي‭ ‬آينشتاين،‭ ‬اعتبر‭ ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬الشخص‭ ‬على‭ ‬وظيفة‭ ‬جرسون،‭ ‬يخالف‭ ‬المبدأ‭ ‬العقلاني‭: ‬الشخص‭ ‬المناسب‭ ‬في‭ ‬المكان‭ ‬المناسب‭. ‬فشاغل‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الوظائف‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬باللباقة‭ ‬والفطنة‭ ‬وسرعة‭ ‬البديهة‭.‬

والآن‭ ‬لنسقط‭ ‬ذلك،‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ،‭ ‬على‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الخاطئة‭ ‬في‭ ‬بيئة‭ ‬العمل،‭ ‬حيث‭ ‬يسعى‭ ‬البعض‭ ‬وبدافع‭ ‬الغيرة‭ ‬وربما‭ ‬الحسد‭ ‬بإبداء‭ ‬رأي‭ ‬متسرع‭ ‬وسلبي‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬زميل‭ ‬أو‭ ‬صديق‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬شخص‭ ‬لا‭ ‬تربطه‭ ‬أي‭ ‬صلة‭ ‬به‭ ‬سوى‭ ‬أنه‭ ‬يعرف‭ ‬الاسم‭ ‬أو‭ ‬سمع‭ ‬عنه‭ ‬وإليك‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭:‬

كان‭ ‬مدير‭ ‬مكتب‭ ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬يستمع‭ ‬إلى‭ ‬رئيسه‭ ‬وهو‭ ‬يتحدث‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬الهاتف‭ ‬ويمتدح‭ ‬له‭ ‬أداء‭ ‬أحد‭ ‬الموظفين‭ ‬وإخلاصه‭ ‬وكفاءته‭ ‬ويرشحه‭ ‬لمنصب‭ ‬إداري‭ ‬كان‭ ‬شاغرا‭. ‬فور‭ ‬انتهاء‭ ‬المكالمة‭ ‬هرع‭ ‬المدير‭ ‬إلى‭ ‬المسؤول‭ ‬ليقول‭ ‬له‭: ‬صحيح‭ ‬سيدي‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموظف‭ ‬مخلص‭ ‬ومنضبط‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬لتلك‭ ‬الوظيفة‭. ‬هكذا‭ ‬سمعت‭!‬

يقول‭ ‬أحد‭ ‬الحكماء‭ ‬’’قبل‭ ‬أن‭ ‬تبدي‭ ‬رأيك‭ ‬وتصدر‭ ‬حكمك‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تنتبه‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬حكمك‭ ‬عادلاً؛‭ ‬لأن‭ ‬الذي‭ ‬تنطق‭ ‬به‭ ‬لا‭ ‬عودة‭ ‬عنه”‭ ‬انتهى‭. ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬موقفا‭ ‬واحدا‭ ‬وربما‭ ‬نتفق‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬مواقف‭ ‬مماثلة‭ ‬أكثر،‭ ‬ما‭ ‬رأيك‭ ‬سيدي‭ ‬القارئ؟