أنسنة

العمالة المنزلية... جدل جديد وأسئلة مشروعة

| رجاء مرهون

خرج‭ ‬علينا‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬لهيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬أسامة‭ ‬العبسي‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬بتغريدات‭ ‬ومواقف‭ ‬مفاجئة‭ ‬بشأن‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية،‭ ‬وأحدث‭ ‬جدلا‭ ‬ولغطا‭ ‬كبيرين،‭ ‬يقول‭ ‬العبسي‭ ‬“لا‭ ‬تتعامل‭.. ‬لا‭ ‬تتعامل‭.. ‬لا‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬أو‭ ‬أشخاص‭ ‬يوفرون‭ ‬خدم‭ ‬المنازل‭ ‬بالساعة،‭ ‬فجميعهم‭ ‬“دون‭ ‬استثناء”‭ ‬غير‭ ‬قانونيين‭ ‬وعمالة‭ ‬سائبة‭ ‬وهاربة،‭ ‬يدخلون‭ ‬بيتك‭ ‬ويطلعون‭ ‬على‭ ‬أسرارك،‭ ‬وقد‭ ‬ينجم‭ ‬عنها‭ ‬سرقات‭...‬”‭.‬

حجم‭ ‬ما‭ ‬تركته‭ ‬تغريدات‭ ‬العبسي‭ ‬من‭ ‬صدى‭ ‬اجتماعي‭ ‬واسع‭ ‬يعود‭ ‬بشكل‭ ‬رئيس‭ ‬لانحسار‭ ‬ظاهرة‭ ‬استقدام‭ ‬“العمالة‭ ‬المنزلية”‭ ‬وتنامي‭ ‬ظاهرة‭ ‬“خدم‭ ‬الساعة”‭ ‬عبر‭ ‬الاتفاق‭ ‬مع‭ ‬مكتب،‭ ‬حتى‭ ‬باتت‭ ‬تطال‭ ‬كل‭ ‬بيت‭ ‬بحريني‭ ‬تقريبا،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬الأسر‭ ‬البحرينية‭ ‬تميل‭ ‬إلى‭ ‬استجلاب‭ ‬عاملة‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬المحيط‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬تتضمنه‭ ‬العملية‭ ‬من‭ ‬إجراءات‭ ‬طويلة‭ ‬وتكاليف‭ ‬باهظة‭ ‬ومخاطر‭ ‬عالية‭ (‬هروب‭ ‬العاملة‭ ‬أو‭ ‬رفضها‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬مرضها‭ ‬أو‭ ‬ظرف‭ ‬اجتماعي‭ ‬في‭ ‬أسرتها‭ ‬يدفعها‭ ‬للعودة‭ ‬لبلدها‭).‬

السؤال‭ ‬الذي‭ ‬يفرض‭ ‬نفسه؟‭ ‬هل‭ ‬فعلا‭ ‬جميع‭ ‬من‭ ‬يدخل‭ ‬بيوتنا‭ - ‬من‭ ‬عمالة‭ - ‬غير‭ ‬قانونيين‭ ‬و”هاربات‭ ‬من‭ ‬منازل‭ ‬أخرى”‭. ‬أخذت‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المكاتب،‭ ‬وأكدوا‭ ‬أن‭ ‬لديهم‭ ‬سجلات‭ ‬رسمية‭ ‬ممنوحة‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬التجارة‭ ‬والصناعة‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬“تنظيفات”،‭ ‬والتي‭ ‬يشير‭ ‬توصيفها‭ ‬الرسمي‭ ‬بوضوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اختصاص‭ ‬عملهم‭ ‬يشمل‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬والمدارس‭ ‬والروضات‭ ‬والمنازل‭ ‬أيضا،‭ ‬ويؤكد‭ ‬بعض‭ ‬هؤلاء‭ ‬أن‭ ‬تقديمهم‭ ‬لخدمات‭ ‬التنظيف‭ ‬بنظام‭ ‬الساعة‭ ‬في‭ ‬المنازل‭ ‬يمتد‭ ‬لثماني‭ ‬سنوات‭ ‬وأكثر،‭ ‬إذا‭ ‬كانوا‭ ‬يحصلون‭ ‬على‭ ‬‮٥‬‭ ‬فيز‭ ‬لإحضار‭ ‬عاملات‭ ‬تنظيف‭ ‬مع‭ ‬فتح‭ ‬السجل‭ ‬وذلك‭ ‬دون‭ ‬أية‭ ‬ضغوط‭. ‬

يشير‭ ‬هؤلاء‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬تغير‭ ‬مؤخرا،‭ ‬فلم‭ ‬تعد‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيم‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬تمنحهم‭ ‬سوى‭ ‬ترخيصي‭ ‬عمل‭ ‬لمنظفات‭ ‬إناث،‭ ‬وتشترط‭ ‬منح‭ ‬الفيز‭ ‬الثلاث‭ ‬المتبقة‭ ‬لمنظفين‭ ‬ذكور،‭ ‬وبحسب‭ ‬أصحاب‭ ‬المكاتب،‭ ‬فإن‭ ‬موظفي‭ ‬الهيئة‭ ‬باتوا‭ ‬يشيرون‭ ‬إليهم‭ ‬بأن‭ ‬خدمات‭ ‬النظافة‭ ‬بالساعة‭ ‬“غير‭ ‬قانونية”‭ ‬وعليهم‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬ترخيص‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬“مؤسسات‭ ‬توريد‭ ‬عمالة”‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬أرادوا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬النشاط،‭ ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬سعى‭ ‬بعضهم‭ ‬إليها،‭ ‬وتم‭ ‬رفض‭ ‬طلباتهم‭ ‬أيضا‭.‬

أسئلة‭ ‬منطقية‭ ‬تفرض‭ ‬نفسها‭ ‬اليوم،‭ ‬هل‭ ‬تصريح‭ ‬العبسي‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬النشاط‭ ‬صحيح‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬هؤلاء‭ ‬من‭ ‬سجلات‭ ‬وتراخيص‭ ‬عمل‭ ‬نظامية؟‭ ‬ألا‭ ‬يدرك‭ ‬المسؤولون‭ ‬أن‭ ‬التشدد‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬المكاتب‭ ‬النظامية‭ ‬الفيز‭ ‬والتراخيص‭ ‬سيشكل‭ ‬بيئة‭ ‬خصبة‭ ‬لتعامل‭ ‬الأسر‭ ‬المباشر‭ ‬مع‭ ‬العمالة‭ ‬المخالفة‭ ‬وغير‭ ‬النظامية؟‭ ‬لماذا‭ ‬تتمدد‭ ‬الهيئة‭ ‬في‭ ‬منح‭ ‬تراخيص‭ ‬العمل‭ ‬المرن‭ ‬للعمالة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬تحت‭ ‬مبرر‭ ‬الاستجابة‭ ‬لحاجة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ومتطلباته‭ ‬لتعمل‭ ‬بنظام‭ ‬الساعة‭ ‬وغيره،‭ ‬وتحاصر‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته‭ ‬نشاط‭ ‬هذه‭ ‬المكاتب‭ ‬النظامية‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تزورها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬وتتأكد‭ ‬من‭ ‬التزامها‭ ‬بالقانون‭ ‬ووفائها‭ ‬بحقوق‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء؟‭ ‬أسئلة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إجابة‭.‬