رؤيا مغايرة

أحزننا فقدك

| فاتن حمزة

شيعت‭ ‬حشود‭ ‬كبيرة،‭ ‬صباح‭ ‬الاثنين،‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬الغرير،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬إثر‭ ‬سكتة‭ ‬قلبية،‭ ‬واحتشدت‭ ‬جموع‭ ‬غفيرة‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬المنامة‭ ‬لتشييع‭ ‬الراحل‭ ‬والصلاة‭ ‬عليه‭ ‬وتوديعه‭ ‬لمثواه‭ ‬الأخير‭. ‬الحزن‭ ‬على‭ ‬رحيل‭ ‬الغرير‭ ‬تجاوز‭ ‬حدود‭ ‬مملكتنا‭ ‬الغالية‭ ‬كما‭ ‬تجاوز‭ ‬هو‭ ‬بفنه‭ ‬حدودها،‭ ‬لم‭ ‬نستغرب‭ ‬ردود‭ ‬أفعال‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬وفاته،‭ ‬إنها‭ ‬ثمار‭ ‬سنين‭ ‬عاش‭ ‬خلالها‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬على‭ ‬زرع‭ ‬الابتسامة‭ ‬وحب‭ ‬الناس‭ ‬بقلب‭ ‬نقي‭ ‬نظيف‭ ‬طاهر‭ ‬وصادق،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬النبل‭ ‬والإنسانية‭ ‬في‭ ‬تعامله‭ ‬مع‭ ‬الكبير‭ ‬والصغير،‭ ‬والمواقف‭ ‬الكثيرة‭ ‬وأعمال‭ ‬الخير‭ ‬التي‭ ‬تناقلها‭ ‬العالم‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬والتي‭ ‬تؤكد‭ ‬شهامة‭ ‬وطيبة‭ ‬وإنسانية‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬الإنسان‭ ‬الخلوق‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬نفسا‭ ‬عزيزة،‭ ‬وعطاء‭ ‬سخيا‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬بعده‭ ‬مقابلا‭ ‬غير‭ ‬إسعاد‭ ‬الغير‭ ‬ورؤية‭ ‬الضحكة‭ ‬على‭ ‬وجوههم،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬نعجب‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬هذا‭ ‬الرجل‭ ‬أحبه‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭.‬

لقد‭ ‬علم‭ ‬الفنان‭ ‬المرحوم‭ ‬علي‭ ‬الغرير‭ ‬أبناءنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المبادئ‭ ‬والقيم‭ ‬والدروس‭ ‬التي‭ ‬شملت‭ ‬الصغير‭ ‬والكبير،‭ ‬وها‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬يعلمنا‭ ‬بعد‭ ‬رحيله‭ ‬دروسا‭ ‬عظيمة،‭ ‬منها‭ ‬توحيد‭ ‬الصف‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭ ‬والتكاتف‭ ‬أمام‭ ‬الخلق‭ ‬والنزاهة‭ ‬والطيبة،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬تميز‭ ‬بها‭ ‬صانع‭ ‬الابتسامة‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬الغرير،‭ ‬علم‭ ‬أبناءنا‭ ‬الأخلاق‭ ‬الرفيعة‭ ‬للإنسان‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬رحيله،‭ ‬علمتنا‭ ‬وفاته‭ ‬أن‭ ‬الحياة‭ ‬محطة‭ ‬قصيرة‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬نفقد‭ ‬فيها،‭ ‬وفي‭ ‬لحظات‭ ‬قصيرة،‭ ‬أقرب‭ ‬الناس‭ ‬وأحبهم‭ ‬على‭ ‬قلوبنا،‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬الدنيا‭ ‬فانية‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬أكثر‭ ‬محبة‭ ‬وتسامحا‭ ‬وإنسانية‭ ‬قبل‭ ‬فوات‭ ‬الأوان‭.‬

لقد‭ ‬علمنا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نغتر‭ ‬بهذه‭ ‬الحياة،‭ ‬فالمقابر‭ ‬ليست‭ ‬حكراً‭ ‬على‭ ‬كبار‭ ‬السن،‭ ‬وبقدر‭ ‬حزننا‭ ‬على‭ ‬رحيله‭ ‬مع‭ ‬دمع‭ ‬العين‭ ‬وحزن‭ ‬القلب‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬نقول‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬يرضي‭ ‬الله‭ ‬“فإنا‭ ‬لله‭ ‬وإنا‭ ‬إليه‭ ‬راجعون”‭.‬

نقدم‭ ‬جزيل‭ ‬شكرنا‭ ‬وعظيم‭ ‬امتناننا‭ ‬لولي‭ ‬العهد‭ ‬الإنسان‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬لتوجيهات‭ ‬سموه‭ ‬بتخصيص‭ ‬وحدة‭ ‬سكنية‭ ‬لعائلة‭ ‬المرحوم‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬الفنان‭ ‬المبدع‭ ‬علي‭ ‬الغرير،‭ ‬كما‭ ‬نشكر‭ ‬موقف‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬على‭ ‬توجيهه‭ ‬برعاية‭ ‬أبنائه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المؤسسة‭ ‬الخيرية‭ ‬الملكية،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬مستغرب‭ ‬من‭ ‬سليل‭ ‬المجد،‭ ‬والله‭ ‬يحفظكم‭ ‬ويسدد‭ ‬على‭ ‬الخير‭ ‬خطاكم‭.‬

وهنا‭ ‬عزاء‭ ‬خاص‭ ‬لرفيق‭ ‬دربه‭ ‬“خليل‭ ‬الرميثي”‭ ‬أكثر‭ ‬الناس‭ ‬ألماً‭ ‬بفقده،‭ ‬ولكل‭ ‬أهله‭ ‬وذويه‭ ‬ومحبيه‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬والعالم‭.. ‬رحم‭ ‬الله‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬الغرير‭ ‬الذي‭ ‬رحل‭ ‬بصمت‭ ‬وسيبقى‭ ‬حياً‭ ‬بيننا‭ ‬بفنه‭ ‬وزرعه‭ ‬الابتسامة‭ ‬على‭ ‬شفاهنا‭ ‬التي‭ ‬تلهج‭ ‬بالدعاء‭ ‬له‭ ‬بالمغفرة‭.‬