ستة على ستة

لماذا التدافع على “جنازة” الإرهابي سليماني؟

| عطا السيد الشعراوي

كما‭ ‬كان‭ ‬سببًا‭ ‬ومشرفًا‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬آلاف‭ ‬الأبرياء‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬كثيرة‭ ‬منها‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق،‭ ‬قتل‭ ‬وأصيب‭ ‬عشرات‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬“التدافع”‭ ‬على‭ ‬“جنازة”‭ ‬الإرهابي‭ ‬الإيراني‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬في‭ ‬مسقط‭ ‬رأسه‭ ‬كرمان،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تدفق‭ ‬“ملايين”‭ ‬المشيعين‭.‬

لكن‭ ‬هناك‭ ‬فارق‭ ‬كبير‭ ‬بين‭ ‬الصنفين‭ ‬من‭ ‬الضحايا،‭ ‬فمن‭ ‬قتل‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الأبرياء‭ ‬الذين‭ ‬امتلكوا‭ ‬شجاعة‭ ‬مقاومة‭ ‬بطشه‭ ‬وقمعه‭ ‬ومعداته‭ ‬العسكرية‭ ‬وميلشياته‭ ‬الإرهابية‭ ‬وعملائه‭ ‬المنتشرين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬هم‭ ‬لهم‭ ‬سوى‭ ‬جني‭ ‬المال‭ ‬دفاعًا‭ ‬عن‭ ‬باطل‭ ‬وانتصارًا‭ ‬لأجندة‭ ‬طائفية‭ ‬تسعى‭ ‬لإثارة‭ ‬الفتنة‭ ‬والقلاقل‭ ‬وتقسيم‭ ‬المنطقة‭.‬

أما‭ ‬الصنف‭ ‬الثاني‭ ‬الذي‭ ‬سقط‭ ‬“حبًا”‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬ورغبة‭ ‬في‭ ‬وداعه‭ ‬وإلقاء‭ ‬النظرة‭ ‬الأخيرة‭ ‬على‭ ‬جثمانه،‭ ‬فهم‭ ‬ضحايا‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬تعرضوا‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬غسيل‭ ‬مخ‭ ‬جعلهم‭ ‬يقدسون‭ ‬أمثال‭ ‬هذا‭ ‬المجرم‭ ‬الإرهابي‭ ‬ويتعامون‭ ‬عما‭ ‬اقترفه‭ ‬من‭ ‬جرائم‭ ‬وما‭ ‬ارتكبه‭ ‬من‭ ‬مجازر‭ ‬بشعة‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬أبناء‭ ‬الشعوب‭ ‬الأخرى‭ ‬المجاورة‭ ‬لهم،‭ ‬بل‭ ‬بحق‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬نفسه،‭ ‬وصدقوا‭ ‬أن‭ ‬سليماني‭ ‬كان‭ ‬صاحب‭ ‬قضية‭ ‬مشروعة‭ ‬ويدافع‭ ‬عن‭ ‬مبدأ‭ ‬فضيل‭ ‬ويسعى‭ ‬لتحرير‭ ‬القدس‭.‬

هؤلاء‭ ‬نسوا‭ ‬أو‭ ‬تناسوا‭ ‬ما‭ ‬يعيشونه‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬من‭ ‬وضع‭ ‬مأساوي،‭ ‬ولم‭ ‬يتوقفوا‭ ‬عند‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ينتمي‭ ‬إليه‭ ‬سليماني‭ ‬هو‭ ‬المسؤول‭ ‬الأكبر‭ ‬عما‭ ‬تعانيه‭ ‬بلادهم‭ ‬من‭ ‬أزمات‭ ‬وعن‭ ‬الوضع‭ ‬الخانق‭ ‬الذي‭ ‬يعيشونه،‭ ‬كونه‭ ‬المهيمن‭ ‬على‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الإيراني‭ ‬والمتحكم‭ ‬في‭ ‬مفاصله‭ ‬والموجه‭ ‬لموارده‭ ‬والقابض‭ ‬على‭ ‬استثماراته‭ ‬ومشروعاته‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭.‬

فالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬يتحكم‭ ‬بمقدرات‭ ‬اقتصاد‭ ‬إيران‭ (‬من‭ ‬20‭ ‬–‭ ‬40‭ %) ‬ويقوم‭ ‬بنهب‭ ‬خيرات‭ ‬البلاد‭ ‬لخدمة‭ ‬الملالي‭ ‬وأجنداته‭ ‬الطائفية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭ ‬ودعم‭ ‬الميليشيات‭ ‬الإرهابية‭ ‬والمتطرفة،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أذرعًا‭ ‬عدة‭ ‬أهمها،‭ ‬قاعدة‭ ‬“خاتم‭ ‬الأنبياء‭ ‬البناء”،‭ ‬والتي‭ ‬تعد‭ ‬إحدى‭ ‬أكبر‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬وتسيطر‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬مؤسسة‭ ‬تجارية‭ ‬شبه‭ ‬حكومية‭ ‬ومساهمة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭.‬