زبدة القول

سيادة العراق

| د. بثينة خليفة قاسم

“سيادة‭ ‬العراق”‭ ‬تعبير‭ ‬تكرر‭ ‬كثيرا‭ ‬خلال‭ ‬الأخبار‭ ‬والتعليقات‭ ‬والمقالات‭ ‬التي‭ ‬تناولت‭ ‬حادثة‭ ‬مقتل‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬الإيراني‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬بواسطة‭ ‬طائرة‭ ‬أميركية‭ ‬بدون‭ ‬طيار،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬السيد‭ ‬عادل‭ ‬عبدالمهدي‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬العراقي‭ ‬باستخدام‭ ‬هذا‭ ‬التعبير‭ ‬في‭ ‬معرض‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬العمليتين‭ ‬الأميركية‭ ‬والإيرانية‭ ‬اللتين‭ ‬تمتا‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬العراق،‭ ‬حيث‭ ‬دعا‭ ‬على‭ ‬استحياء‭ ‬إلى‭ ‬احترام‭ ‬سيادة‭ ‬العراق‭! ‬فهل‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬سيادة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬احتلالين‭ ‬أجنبيين‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ولاءات‭ ‬متعددة‭ ‬وطوائف‭ ‬ومرجعيات‭ ‬تنتمي‭ ‬للخارج‭ ‬وتأتمر‭ ‬بأمره؟

إن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬أمر‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬السخرية،‭ ‬فالسيادة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للعراق‭ ‬ولكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أصبحت‭ ‬مجرد‭ ‬كلمة‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع،‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬أردوغان‭ ‬قرر‭ ‬أن‭ ‬يرسل‭ ‬قواته‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعطي‭ ‬أي‭ ‬اهتمام‭ ‬للعرب‭ ‬وجامعتهم‭ ‬العربية‭ ‬وذهب‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬ليطلب‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬التونسي‭ ‬والجزائري‭ ‬أن‭ ‬يستخدم‭ ‬أراضي‭ ‬الدولتين‭ ‬العربيتين‭ ‬في‭ ‬دخول‭ ‬قواته‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭!‬

الحديث‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬العراقية‭ ‬مثله‭ ‬مثل‭ ‬الحديث‭ ‬الساخر‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬تبادله‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تسليم‭ ‬الطيار‭ ‬الذي‭ ‬قام‭ ‬باغتيال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬لكي‭ ‬تتم‭ ‬محاكمته‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬فردت‭ ‬عليها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بأن‭ ‬الطائرة‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬عملية‭ ‬الاغتيال‭ ‬كانت‭ ‬بدون‭ ‬طيار‭ ‬ولكنه‭ ‬يمكن‭ ‬لها‭ ‬أن‭ ‬تتسلم‭ ‬البطارية‭ ‬والشاحن‭ ‬الخاص‭ ‬بالطائرة‭.‬

العراق‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬العراق،‭ ‬وليس‭ ‬إيران‭ ‬وليس‭ ‬أميركا‭ ‬وليس‭ ‬الطوائف‭ ‬والمليشيات،‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬العراق‭ ‬بقراره‭ ‬وثرواته‭ ‬للعراقيين‭ ‬وحدهم،‭ ‬أما‭ ‬ما‭ ‬عدا‭ ‬ذلك‭ ‬فالحديث‭ ‬عن‭ ‬السيادة‭ ‬يكون‭ ‬مثل‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الغول‭ ‬والعنقاء‭ ‬والخل‭ ‬الوفي‭.‬

تهديدات‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬بقطع‭ ‬قدم‭ ‬أميركا‭ ‬من‭ ‬المنطقة‭ ‬ووصفه‭ ‬صواريخ‭ ‬بلاده‭ ‬الكاذبة‭ ‬بأنها‭ ‬صفعة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬واشنطن‭ ‬لا‭ ‬تفيد‭ ‬العراق‭ ‬والعراقيين‭ ‬بشيء،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬ترامب‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬لا‭ ‬تفيدهم‭ ‬أيضا‭ ‬بشيء،‭ ‬لكن‭ ‬العراق‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭ ‬من‭ ‬سيادته‭ ‬ومن‭ ‬أبنائه‭ ‬لأن‭ ‬الطرفين‭ ‬يتخذان‭ ‬أرض‭ ‬العراق‭ ‬مسرحا‭ ‬ومرتعا‭ ‬لعملياتهما‭.‬