ياسمينيات

من قال “ما يشتغلون؟”

| ياسمين خلف

كلما‭ ‬طالبنا‭ ‬بتشغيل‭ ‬المواطنين،‭ ‬وإيجاد‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬للعاطلين،‭ ‬انبرى‭ ‬من‭ ‬انبرى‭ ‬وقال‭ ‬إن‭ ‬البحرينيين‭ ‬لا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات،‭ ‬وعليهم‭ ‬أن‭ ‬يقبلوا‭ ‬بأي‭ ‬عمل،‭ ‬مهما‭ ‬كان‭ ‬عملاً‭ ‬بسيطاً،‭ ‬فـ‭ ‬“الشغل‭ ‬مو‭ ‬عيب”‭! ‬وكأنهم‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬كوكب‭ ‬آخر‭ ‬بعيد‭ ‬عن‭ ‬البحرين،‭ ‬وكأنهم‭ ‬لا‭ ‬يبصرون‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬البحرينيين‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الأعمال‭ ‬كافة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬لا‭ ‬يتناسب‭ ‬حقيقة‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يملكون‭ ‬من‭ ‬شهادات‭ ‬ومؤهلات،‭ ‬كحالب‭ ‬البقر‭ ‬في‭ ‬المزرعة‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬درجة‭ ‬الماجستير‭ ‬وأمثاله‭ ‬كُثر‭.‬

ما‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬“ترفّع”‭ ‬عليه‭ ‬البحريني‭ ‬ولم‭ ‬يقبل‭ ‬به؟‭ ‬فحتى‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬البسيطة‭ ‬زاحمه‭ ‬عليها‭ ‬الأجنبي،‭ ‬وأخذ‭ ‬يضايقه‭ ‬وينافسه‭ ‬فيها‭. ‬البحريني‭ ‬مكافح‭ ‬و”شغيل”‭ ‬ويبحث‭ ‬عن‭ ‬رزقه‭ ‬مهما‭ ‬تقلصت‭ ‬عليه‭ ‬الفرص،‭ ‬وضاق‭ ‬به‭ ‬الحال،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬الأجنبي‭ ‬أولى‭ ‬حقيقة‭ ‬بالوظائف‭ ‬البسيطة‭ ‬والمتواضعة‭ ‬جداً،‭ ‬فالراتب‭ ‬الذي‭ ‬سيتقاضاه‭ ‬منها‭ ‬يعتبر‭ ‬وبعملة‭ ‬بلده‭ ‬الأم‭ ‬راتباً‭ ‬مجزياً،‭ ‬ولا‭ ‬يعتبر‭ ‬كذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمواطن،‭ ‬حيث‭ ‬تحاصره‭ ‬الديون‭ ‬والضرائب‭ ‬وارتفاع‭ ‬الأسعار،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الالتزامات‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منها‭. ‬

عبدالله‭ ‬إضرابوه،‭ ‬شاب‭ ‬في‭ ‬الخامسة‭ ‬والعشرين‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬شق‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬السادسة‭ ‬عشرة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬ولا‭ ‬داعي‭ ‬لأن‭ ‬نذكر‭ ‬السبب‭ ‬الذي‭ ‬جعله‭ ‬وهو‭ ‬في‭ ‬سنه‭ ‬الصغيرة‭ ‬تلك‭ ‬أن‭ ‬يصارع‭ ‬الحياة‭ ‬ويخوض‭ ‬مغمار‭ ‬العمل،‭ ‬عمل‭ ‬حارس‭ ‬أمن‭ ‬في‭ ‬3‭ ‬فنادق‭ ‬وكاشيرا‭ ‬في‭ ‬سوبر‭ ‬ماركت‭ ‬وسائقا‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬لإيجار‭ ‬السيارات،‭ ‬وبائعا‭ ‬للسمك،‭ ‬وبائعا‭ ‬للعطورات‭ ‬والعدسات‭ ‬اللاصقة‭ ‬ومساحيق‭ ‬التجميل،‭ ‬وأدار‭ ‬مكتباً‭ ‬لاستقدام‭ ‬الخدم،‭ ‬وعمل‭ ‬في‭ ‬كراج‭ ‬لتصليح‭ ‬السيارات،‭ ‬وعمل‭ ‬طباخاً،‭ ‬كما‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬شاحنة‭ ‬لنقل‭ ‬الفواكه‭ ‬والخضروات،‭ ‬ووعمل‭ ‬مدربا‭ ‬في‭ ‬ناد‭ ‬صحي،‭ ‬وباع‭ ‬التوت‭ ‬واللوز‭ ‬على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق،‭ ‬وعمل‭ ‬كبائع‭ ‬لتذاكر‭ ‬مرفق‭ ‬سياحي،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬يبيع‭ ‬الاكسسوارات‭ ‬على‭ ‬النساء‭. ‬هل‭ ‬يخيل‭ ‬لأحد‭ ‬أنه‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال؟‭ ‬هل‭ ‬وقف‭ ‬عند‭ ‬عمل‭ ‬وقال‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يليق‭ ‬به‭ ‬كمواطن؟‭ ‬مثل‭ ‬إضرابوه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬في‭ ‬حمل‭ ‬“سطل‭ ‬الماء‭ ‬والمنشفة”‭ ‬عيباً،‭ ‬فيغسلون‭ ‬سيارات‭ ‬المارة،‭ ‬ويفترشون‭ ‬“البسطات”‭ ‬ويبيعون‭ ‬ما‭ ‬يطبخون‭ ‬في‭ ‬منازلهم،‭ ‬ليس‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬الشهادات‭ ‬والمؤهلات‭ ‬بل‭ ‬لأنهم‭ ‬يبتغون‭ ‬العيش‭ ‬بكرامة‭. ‬

 

ياسمينة‭:

‬البحريني‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬وكل‭ ‬شيء،‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقف‭ ‬بوجهه‭ ‬ما‭ ‬يعرقل‭ ‬كسب‭ ‬قوته‭.‬