سوالف

الحياة قصة يرويها مجنون

| أسامة الماجد

هل‭ ‬تستحق‭ ‬الحياة‭ ‬أن‭ ‬نعيشها؟‭ ‬تتوقف‭ ‬الحياة‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يعيشها،‭ ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬وليم‭ ‬جيمس،‭ ‬لكن‭ ‬هذه‭ ‬الحياة‭ ‬تتراءى‭ ‬بمظاهر‭ ‬متعددة،‭ ‬وتختلف‭ ‬بمفاهيمها‭ ‬وصورها،‭ ‬ولكي‭ ‬يبرهن‭ ‬لنا‭ ‬جيمس‭ ‬هذا‭ ‬التعدد‭ ‬والاختلاف‭ ‬فإنه‭ ‬يقتطف‭ ‬عدة‭ ‬مقاطع‭ ‬من‭ ‬أقوال‭ ‬المفكرين‭ ‬الذين‭ ‬عبروا‭ ‬عن‭ ‬اتجاهاتهم‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬فيقول‭ ‬شكسبير‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬رواياته‭: ‬“لن‭ ‬أجعلك‭ ‬تضحك‭ ‬بعد‭ ‬الآن‭ ‬لأن‭ ‬الأشياء‭ ‬أصبحت‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬جبهة‭ ‬رصينة‭ ‬وجدية،‭ ‬جبهة‭ ‬كئيبة‭ ‬وعالية‭ ‬ومليئة‭ ‬بالحزن”،‭ ‬ويتضمن‭ ‬قول‭ ‬شكسبير‭ ‬هذا‭ ‬مسحة‭ ‬من‭ ‬التشاؤم،‭ ‬مسحة‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬قلوبنا‭ ‬توجد‭ ‬زوايا‭ ‬يعمل‭ ‬بها‭ ‬لغز‭ ‬الحياة‭ ‬بحزن،‭ ‬ويقتطف‭ ‬وليم‭ ‬جيمس‭ ‬مقطعا‭ ‬من‭ ‬قصيدة‭ ‬لجيمس‭ ‬تومسون‭ ‬يتحدث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬الحياة،‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬تفهمنا‭ ‬لها،‭ ‬وأنها‭ ‬لا‭ ‬تحمل‭ ‬الخير‭ ‬لنا،‭ ‬ويستطيع‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬ينهيها‭ ‬متى‭ ‬شاء،‭ ‬وتعتبر‭ ‬هذه‭ ‬القصيدة‭ ‬تعزية‭ ‬لمن‭ ‬هم‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬حالة‭ ‬هذا‭ ‬الشاعر‭ ‬ولمن‭ ‬تكون‭ ‬الحياة‭ ‬لهم‭ ‬مصدر‭ ‬خوف‭ ‬لا‭ ‬مصدر‭ ‬ابتهاج‭.‬

من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية‭ ‬يقتطف‭ ‬جيمس‭ ‬أقوالا‭ ‬لعدد‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬الذين‭ ‬ينظرون‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬بشيء‭ ‬من‭ ‬التفاؤل‭ ‬ولو‭ ‬أنهم‭ ‬يعتقدون‭ ‬بوجود‭ ‬الشر،‭ ‬وهاهو‭ ‬والت‭ ‬هايتمان‭ ‬يصف‭ ‬لنا‭ ‬مزاجه‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬فيقول‭ ‬“أن‭ ‬أتنشق‭ ‬الهواء،‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬جميل،‭ ‬أن‭ ‬أتكلم،‭ ‬أن‭ ‬أمشي،‭ ‬أن‭ ‬أمسك‭ ‬شيئا‭ ‬بيدي‭ ‬كم‭ ‬هو‭ ‬جميل‭.. ‬يا‭ ‬لعظمة‭ ‬الأشياء،‭ ‬يا‭ ‬لعظمة‭ ‬أصغر‭ ‬جزء‭ ‬في‭ ‬الوجود”‭.‬

عموما‭ ‬يعتبر‭ ‬وليم‭ ‬جيمس‭ ‬التشاؤم‭ ‬مرضا‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬أصله‭ ‬عن‭ ‬تساؤلاتنا‭ ‬الميتافيزيقية،‭ ‬فهناك‭ ‬أسئلة‭ ‬لا‭ ‬أجوبة‭ ‬لها،‭ ‬وترمينا‭ ‬في‭ ‬حيرة‭ ‬وقلق‭ ‬شديدين،‭ ‬ويعتقد‭ ‬جيمس‭ ‬أن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬الشعور‭ ‬الميتافيزيقي‭ ‬بحرية‭ ‬أكثر،‭ ‬وأن‭ ‬ينتقل‭ ‬من‭ ‬المنظر‭ ‬الليلي‭ ‬للحياة‭ ‬إلى‭ ‬منظرها‭ ‬النهاري،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬جواب‭ ‬لها‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التشاؤم‭ ‬كمرض،‭ ‬لكنها‭ ‬تعتبر‭ ‬الدواء‭ ‬لتشاؤمنا،‭ ‬ولعل‭ ‬أروع‭ ‬تعبير‭ ‬حيال‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬الجميل‭ ‬شكسبير‭... ‬الحياة‭ ‬قصة‭ ‬يرويها‭ ‬مجنون‭.‬