دولة هزيلة... بالفعل

| صالح القلاب

خلافاً‭ ‬لاستعراضات‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تمادت‭ ‬في‭ ‬إظهارها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وبعض‭ ‬اليمن،‭ ‬فقد‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬دولة‭ ‬“الولي‭ ‬الفقيه”‭ ‬نمرٌ‭ ‬من‭ ‬ورق،‭ ‬وأن‭ ‬هجماتها‭ ‬التي‭ ‬استهدفت‭ ‬الأميركيين‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬كانت‭ ‬استعراضية،‭ ‬وأن‭ ‬صواريخها‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭ ‬أهدافاً‭ ‬أميركية‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬ألعاب‭ ‬نارية،‭ ‬وهذا‭ ‬خلافاً‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬ردده‭ ‬الأتباع‭ ‬والمرتزقة‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬اعتقاد،‭ ‬روّج‭ ‬له‭ ‬المصابون‭ ‬بعمى‭ ‬الألوان،‭ ‬بأن‭ ‬إيران‭ ‬ليست‭ ‬دولة‭ ‬عالم‭ ‬ثالث،‭ ‬وأنها‭ ‬دولة‭ ‬عظمى‭ ‬بمستوى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬والصين،‭ ‬وأنها‭ ‬“إن‭ ‬وقعت‭ ‬الواقعة”‭ ‬ستمرغ‭ ‬أنف‭ ‬دونالد‭ ‬ترمب‭ ‬بالتراب‭ ‬وأنها‭ ‬ستكسر‭ ‬ظهر‭ ‬الإمبريالية‭ ‬الأميركية،‭ ‬وأنه‭ ‬“لبيك‭ ‬يا‭ ‬فلسطين”،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬عزز‭ ‬هذا‭ ‬كله‭ ‬وجعل‭ ‬البعض‭ ‬ينضمون‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬بادروا‭ ‬مبكراًّ‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يستظلوا‭ ‬بالخمينية‭ ‬وبما‭ ‬اعتبروه‭ ‬انتصارات‭ ‬كاسحة‭ ‬حققها‭ ‬حراس‭ ‬الثورة‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬ومن‭ ‬قبله‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬في‭ ‬ضاحية‭ ‬بيروت‭ ‬الجنوبية‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬اليمن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬في‭ ‬منتهى‭ ‬السعادة‭.‬

والمفترض‭ ‬أنه‭ ‬معروف‭ ‬أن‭ ‬الانتصار‭ ‬الذي‭ ‬حققته‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هو‭ ‬انتصار‭ ‬أميركي‭ ‬كان‭ ‬عنوانه‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬والمعروف‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬فتحت‭ ‬الحدود‭ ‬العراقية‭ ‬أمام‭ ‬الإيرانيين‭ ‬وأمام‭ ‬أرتال‭ ‬حراس‭ ‬الثورة‭ ‬والجيش‭ ‬النظامي،‭ ‬وهكذا‭ ‬أصبح‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬محتلاً‭ ‬وأصبحت‭ ‬للمحتلين‭ ‬ميليشيات‭ ‬مسلحة‭ ‬وأصبح‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬الرافدين‭ ‬إيرانياً‭ ‬وملحقاً‭ ‬بطهران‭. ‬وأما‭ ‬بالنسبة‭ ‬لسوريا‭ ‬فإن‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬نظامها‭ ‬فتح‭ ‬أبوابها‭ ‬بالطول‭ ‬والعرض‭ ‬للإيرانيين‭ ‬بكل‭ ‬تشكيلاتهم‭ ‬العسكرية‭ ‬والمذهبية‭ ‬و”الميليشياوية”،‭ ‬وبالطبع‭ ‬للروس‭ ‬ولاحقاً‭ ‬للأتراك‭ ‬ولـ‭ ‬“ميليشيات”‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬الذي‭ ‬أخضع‭ ‬لبنان‭ ‬كله‭ ‬لضاحيته‭ ‬الجنوبية،‭ ‬والمعروف‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الحوثيين‭ ‬سيطروا‭ ‬على‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬بلعبة‭ ‬بائسة‭ ‬لعبها‭ ‬الرئيس‭ ‬علي‭ ‬عبدالله‭ ‬صالح‭ ‬ودفع‭ ‬حياته‭ ‬نتيجة‭ ‬لها‭. ‬

وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬ثبت‭ ‬خلال‭ ‬الأيام‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬عضلات‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬“كرتونية”‭ ‬بالفعل،‭ ‬وأنها‭ ‬فعلاً‭ ‬نمر‭ ‬من‭ ‬ورق‭ ‬وأنها‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬جنازة‭ ‬بطلها‭ ‬“الطرزاني”‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬التي‭ ‬سقط‭ ‬خلالها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬قتيلاً‭ ‬وأكثر‭ ‬كثيراً‭ ‬من‭ ‬أضعاف‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬من‭ ‬الجرحى،‭ ‬وأن‭ ‬“هجمتها”‭ ‬الصاروخية‭ ‬على‭ ‬الأهداف‭ ‬الأميركية‭ ‬كانت‭ ‬مجرد‭ ‬لعبة‭ ‬نارية‭.. ‬ثم‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬أثبت‭ ‬هزال‭ ‬هذه‭ ‬الدولة‭ ‬أيضاً‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬قواعدها‭ ‬العسكرية‭ ‬المحيطة‭ ‬بطهران‭ ‬بادرت‭ ‬عشوائياً‭ ‬إلى‭ ‬إطلاق‭ ‬صواريخها‭ ‬على‭ ‬طائرة‭ ‬مدنية‭ ‬أوكرانية‭ ‬وكانت‭ ‬النتيجة‭ ‬تدميرها‭ ‬وقتل‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬فيها‭ ‬وعددهم‭ ‬176‭ ‬راكباً‭ ‬من‭ ‬جنسيات‭ ‬مختلفة،‭ ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬المعروف‭ ‬خلافاً‭ ‬لتصورات‭ ‬أتباع‭ ‬“الولي‭ ‬الفقيه”‭ ‬أن‭ ‬العراقيين‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬وجود‭ ‬الإيرانيين‭ ‬في‭ ‬وطنهم‭ ‬احتلال‭ ‬وأنه‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الاحتلال‭ ‬وهذه‭ ‬مسألة‭ ‬باتت‭ ‬واضحة‭ ‬ومعروفة‭. ‬“إيلاف”‭.‬