سوالف

يحمل على كتفيه مناشير الحقد على العرب

| أسامة الماجد

يتحتم‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬ننخدع‭ ‬ببساطة‭ ‬من‭ ‬الغرب‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬ينظر‭ ‬إلى‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬أنهم‭ ‬جينات‭ ‬غير‭ ‬متكاملة‭ ‬ولا‭ ‬يعرفون‭ ‬لبس‭ ‬ثوب‭ ‬العلم‭ ‬ولا‭ ‬يتقنون‭ ‬فن‭ ‬مخاطبة‭ ‬الشعوب‭.. ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬لي‭ ‬صديق‭ ‬عائد‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬أوروبية،‭ ‬حيث‭ ‬وقعت‭ ‬في‭ ‬يديه‭ ‬مجلة‭ ‬على‭ ‬شكل‭ ‬أوراق‭ ‬ملفوفة‭ ‬مكتوب‭ ‬فيها‭ ‬مقال‭ ‬مذيل‭ ‬باسم‭ ‬“أستاذ‭ ‬جامعي”،‭ ‬يصف‭ ‬فيه‭ ‬المجتمع‭ ‬العربي‭ ‬بأنه‭ ‬“مجتمع‭ ‬متخلف‭ ‬ولا‭ ‬تجمعه‭ ‬حوافز‭ ‬موحدة‭ ‬ولا‭ ‬تستفزه‭ ‬التحديات‭ ‬الخارجية‭ ‬بدرجة‭ ‬عالية،‭ ‬والإنسان‭ ‬فيه‭ ‬هامشي‭ ‬وغير‭ ‬فعال‭ ‬ويعيش‭ ‬التناقضات‭ ‬والصراعات‭ ‬ويفتك‭ ‬به‭ ‬سحر‭ ‬الظلام،‭ ‬مجتمع‭ ‬لا‭ ‬يعيش‭ ‬التكامل‭ ‬الفكري‭ ‬ويتقوقع‭ ‬حتى‭ ‬تنقشع‭ ‬العاصفة،‭ ‬ثم‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬الميدان‭ ‬بخوفه‭ ‬وتخلفه‭ ‬وجهله،‭ ‬يولول‭ ‬ويصرخ‭ ‬ويشتم‭ ‬ويصيح‭ ‬ويتحرك‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يعمل‭ ‬ويدعي‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬يؤكد”‭.‬

سألته‭ ‬وقفزت‭ ‬إلى‭ ‬مخيلتي‭ ‬صورة‭ ‬ذلك‭ ‬الأستاذ‭ ‬الجامعي‭ ‬عن‭ ‬ردة‭ ‬فعله‭ ‬بعد‭ ‬قراءة‭ ‬المقال‭ ‬العفن‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬السخرية،‭ ‬فتنهد‭ ‬بصوت‭ ‬سمعته‭ ‬وأجاب‭: ‬“شاقولك‭ ‬يا‭ ‬بومحمد‭... ‬لقد‭ ‬شعرت‭ ‬حينها‭ ‬أنه‭ ‬رغم‭ ‬مرور‭ ‬آلاف‭ ‬السنين‭ ‬على‭ ‬الحضارة‭ ‬الغربية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العنصرية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬لها‭ ‬الغلبة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬والفرد‭ ‬الأوروبي‭ ‬نال‭ ‬منه‭ ‬الغرور،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬يأتي‭ ‬الشعور‭ ‬بالتعالي‭ ‬على‭ ‬الآخرين‭ ‬والسخرية‭ ‬منهم،‭ ‬ولعل‭ ‬العرب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تعرض‭ ‬للسخرية‭ ‬من‭ ‬أولئك‭ ‬الأقزام‭ ‬والمرضى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬على‭ ‬شاكلة‭ ‬أستاذهم‭ ‬الجامعي‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنه‭ ‬يتابع‭ ‬أسطورته‭ ‬وحقده‭ ‬أمام‭ ‬طلابه‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حقل‭ ‬كان”‭.‬

ما‭ ‬دار‭ ‬بيني‭ ‬وبين‭ ‬الصديق‭ ‬يذكرني‭ ‬بإحدى‭ ‬قصص‭ ‬يحيى‭ ‬حقي،‭ ‬فالبطل‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬بعض‭ ‬فتات‭ ‬الخبز‭ ‬من‭ ‬أكوام‭ ‬القمامة‭ ‬ويذهب‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الناس‭ ‬ويأكل،‭ ‬وحينما‭ ‬يعود‭ ‬يقول‭ ‬لصاحبه‭ ‬كنت‭ ‬في‭ ‬مهمة‭ ‬خطيرة،‭ ‬وهذا‭ ‬الوصف‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الأستاذ‭ ‬الغبي‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬على‭ ‬كتفيه‭ ‬مناشير‭ ‬الحقد‭ ‬على‭ ‬العرب‭.‬