رؤيا مغايرة

رحيل آخر القادة المؤسسين لمجلس التعاون

| فاتن حمزة

توفي‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬أطول‭ ‬الزعماء‭ ‬العرب‭ ‬حكما،‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬ناهز‭ ‬79‭ ‬عاما،‭ ‬خبر‭ ‬مفجع‭ ‬أفاقت‭ ‬عليه‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬وعم‭ ‬الحزن‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬السلطنة‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬فجر‭ ‬يوم‭ ‬السبت،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬للسلطان‭ ‬قابوس‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭ ‬وريث،‭ ‬كما‭ ‬لم‭ ‬يُعلن‭ ‬قبل‭ ‬وفاته‭ ‬عن‭ ‬تسمية‭ ‬خليفة‭ ‬له،‭ ‬وكان‭ ‬أمام‭ ‬مجلس‭ ‬العائلة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أيام‭ ‬لاختيار‭ ‬سلطان‭ ‬جديد،‭ ‬لكن‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬العائلة‭ ‬ارتأت‭ ‬أن‭ ‬تفتح‭ ‬ظرفا‭ ‬مختوما‭ ‬كتب‭ ‬فيه‭ ‬السلطان‭ ‬سرا‭ ‬اسم‭ ‬من‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يخلفه‭.‬

وتجمعت‭ ‬حشود‭ ‬من‭ ‬الناس‭ ‬أمام‭ ‬مسجد‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬مسقط،‭ ‬قبل‭ ‬دفن‭ ‬الراحل‭ ‬في‭ ‬مقبرة‭ ‬العائلة،‭ ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬ابن‭ ‬عمه،‭ ‬هيثم‭ ‬بن‭ ‬طارق‭ ‬آل‭ ‬سعيد،‭ ‬القسم‭ ‬خليفة‭ ‬له‭.‬

بعد‭ ‬50‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬العطاء‭ ‬ترجل‭ ‬آخر‭ ‬القادة‭ ‬المؤسسين‭ ‬لمجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬لقد‭ ‬حقق‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬لعمان‭ ‬خلال‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬الكثير،‭ ‬إنجازات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭ ‬أحدثت‭ ‬نقلة‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬بلدا‭ ‬أكثر‭ ‬تقدما‭ ‬وانفتاحا‭ ‬وفي‭ ‬أفضل‭ ‬المستويات‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافظات‭ ‬والولايات‭ ‬والقرى‭. ‬وقد‭ ‬تميز‭ ‬رحمه‭ ‬الله‭ ‬بحكمته‭ ‬وهدوئه‭ ‬وحبه‭ ‬لشعبه‭ ‬حتى‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يكسب‭ ‬محبتهم‭ ‬ومحبة‭ ‬واحترام‭ ‬العالم،‭ ‬واستطاع‭ ‬بصفاته‭ ‬أن‭ ‬يجعل‭ ‬لبلاده‭ ‬سياسة‭ ‬مختلفة‭ ‬غير‭ ‬انفعالية‭ ‬تجاه‭ ‬قضايا‭ ‬الإقليم‭ ‬والعالم‭.‬

اختار‭ ‬السلطان‭ ‬قابوس‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديه‭ ‬علاقات‭ ‬مفتوحة‭ ‬مع‭ ‬العالم،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬تصريحاته‭: ‬“عمان‭ ‬اليوم‭ ‬غيرها‭ ‬بالأمس،‭ ‬فقد‭ ‬تبدل‭ ‬وجهها‭ ‬الشاحب‭ ‬ونفضت‭ ‬عنها‭ ‬غبار‭ ‬العزلة‭ ‬والجمود‭ ‬وانطلقت‭ ‬تفتح‭ ‬أبوابها‭ ‬ونوافذها‭ ‬للنور‭ ‬الجديد”‭.‬

 

‏أسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يغفر‭ ‬له‭ ‬ويرحمه‭ ‬بواسع‭ ‬رحمته‭ ‬وأن‭ ‬يسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته،‭ ‬وتعازينا‭ ‬لإخوتنا‭ ‬في‭ ‬عُمان،‭ ‬تعازينا‭ ‬للأمة‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬تعازينا‭ ‬لكل‭ ‬محب‭ ‬لها‭. ‬نسأل‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يلهم‭ ‬الشعب‭ ‬الشقيق‭ ‬الصبر‭ ‬والسلوان‭ ‬ويجعل‭ ‬الفردوس‭ ‬الأعلى‭ ‬مثوى‭ ‬قائد‭ ‬النهضة‭ ‬العُمانية‭.‬