واشنطن وطهران وسيادة العراق

| عبدعلي الغسرة

لا‭ ‬عداء‭ ‬حقيقي‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران،‭ ‬بل‭ ‬هناك‭ ‬صراع‭ ‬المصالح،‭ ‬فلا‭ ‬تهم‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬مصلحة‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬وشعبها،‭ ‬فهما‭ ‬يتصارعان‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والمواقع‭ ‬الجغرافية‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬أما‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬أمن‭ ‬الأقطار‭ ‬العربية‭ ‬فذريعة‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬لكسب‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المال‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬باتفاق‭ ‬مُسبق‭ ‬بينهما،‭ ‬حيث‭ ‬تعاونا‭ ‬على‭ ‬احتلال‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬وتدشين‭ ‬طالبان‭ ‬والدواعش‭ ‬والميليشيات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬انتشرت‭ ‬كالهشيم‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي،‭ ‬لذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬منهما‭ ‬التفريط‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬خدمت‭ ‬وتخدم‭ ‬مصالحهما‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬تصاعد‭ ‬التوتر‭ ‬الإعلامي‭ ‬بينهما،‭ ‬فطهران‭ ‬بسياستها‭ ‬وتصرفاتها‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لها‭ ‬مكانة‭ ‬وقرار‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬والإفريقية‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬إن‭ ‬الصراع‭ ‬الأميركي‭ ‬ــ‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬على‭ ‬أراضيهما‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬أخرى،‭ ‬فطهران‭ ‬تنقل‭ ‬كل‭ ‬خلافاتها‭ ‬وصراعاتها‭ ‬مع‭ ‬واشنطن‭ ‬إلى‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬وسوريا‭ ‬والخليج‭ ‬العربي،‭ ‬فهي‭ ‬الآمر‭ ‬والناهي‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬ولها‭ ‬نفوذ‭ ‬ومَسمع‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الأقطار‭ ‬بما‭ ‬تملكه‭ ‬من‭ ‬ميليشيات‭ ‬متعددة‭ ‬الأسماء‭ ‬تشكل‭ ‬جيوشًا‭ ‬تقاتل‭ ‬بالنيابة‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬واشنطن،‭ ‬وما‭ ‬حدث‭ ‬ويحدث‭ ‬للعراق‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤوليته‭ ‬أولًا‭ ‬وأخيرًا‭ ‬طهران،‭ ‬وعندما‭ ‬ترفض‭ ‬طهران‭ ‬تواجد‭ ‬أية‭ ‬قوة‭ ‬أجنبية‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬العراق‭ ‬عليها‭ ‬بدايةً‭ ‬أن‭ ‬تنفذ‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬على‭ ‬نفسها‭. ‬إن‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬وقواه‭ ‬الوطنية‭ ‬والقومية‭ ‬وكل‭ ‬أبناء‭ ‬الأمة‭ ‬العربية‭ ‬يرفضون‭ ‬تواجد‭ ‬القوات‭ ‬الإيرانية‭ ‬والأميركية‭ ‬والصهيونية‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬وخبراء‭ ‬ومدربين‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬العراق،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬السماح‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬العراق‭ ‬ساحة‭ ‬للصراع،‭ ‬ولن‭ ‬يكون‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬أداةً‭ ‬لتنفيذ‭ ‬أجندات‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬الأجنبية‭ ‬المحتلة،‭ ‬وما‭ ‬يحدث‭ ‬من‭ ‬مجابهة‭ ‬بين‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هو‭ ‬انتهاك‭ ‬للسيادة‭ ‬العراقية‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭. ‬إن‭ ‬القواعد‭ ‬العسكرية‭ ‬الأميركية‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬رجمها‭ ‬بالصواريخ‭ ‬الإيرانية‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الأميركية‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬فعلى‭ ‬واشنطن‭ ‬وطهران‭ ‬نقل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬إلى‭ ‬أرضيهما،‭ ‬فالعراق‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬دارًا‭ ‬لضيافة‭ ‬الحروب‭ ‬التي‭ ‬تطال‭ ‬العراقيين‭ ‬وتدمر‭ ‬العراق،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬غياب‭ ‬السيادة‭ ‬وتفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬نبتهل‭ ‬إلى‭ ‬الله‭ ‬أن‭ ‬يحفظ‭ ‬العراق‭ ‬وأن‭ ‬يجعله‭ ‬آمنًا‭ ‬من‭ ‬الميليشيات‭ ‬الأجنبية،‭ ‬ومن‭ ‬أراد‭ ‬الشر‭ ‬له‭ ‬اللهم‭ ‬أشغله‭ ‬في‭ ‬نفسه‭ ‬واجعل‭ ‬تدبيره‭ ‬في‭ ‬تدميره‭.‬