إيران... الرد “التلفزيوني”

| صالح القلاب

إذا‭ ‬اقتصر‭ ‬الرد‭ ‬الإيراني،‭ ‬على‭ ‬مقتل‭ ‬جنرال‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني،‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬هذه‭ ‬الرشقات‭ ‬الصاروخية‭ ‬“التلفزيونية”،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬سيقتصر‭ ‬عليها،‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬خارجية‭ ‬إيران‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬سريع‭ ‬وعاجل‭ ‬إن‭ ‬طهران‭ ‬استكملت‭ ‬ردها،‭ ‬فإنه‭ ‬سيعني‭ ‬أن‭ ‬المقصود‭ ‬هو‭ ‬“الضحك‭ ‬على‭ ‬ذقون‭ ‬الإيرانيين”‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬ينتظرون‭ ‬ردا‭ ‬تدميريا‭ ‬تكون‭ ‬نتائجه‭ ‬مئات‭ ‬القتلى‭ ‬والجرحى‭ ‬من‭ ‬الجنود‭ ‬الأميركيين‭.‬

وحقيقة‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يسعد‭ ‬أهل‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطية‭ ‬أن‭ ‬تتطور‭ ‬الأمور‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬إغراقها‭ ‬بحرب‭ ‬مدمرة‭ ‬قد‭ ‬تصبح‭ ‬شاملة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬للأميركيين‭ ‬قواعد‭ ‬عسكرية‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وعلى‭ ‬اعتبار‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬اندلعت‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬مدمرة‭ ‬وستستهدف‭ ‬دولاً‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لها‭ ‬بهذا‭ ‬الصراع‭ ‬لا‭ ‬من‭ ‬بعيد‭ ‬ولا‭ ‬من‭ ‬قريب‭.‬

إن‭ ‬أغلب‭ ‬الظن‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬ستكتفي‭ ‬بهذا‭ ‬الرد‭ ‬التلفزيوني‭ ‬الذي‭ ‬هدفه‭ ‬“حفظ‭ ‬ماء‭ ‬الوجه”‭ ‬والدليل‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬سارع،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬يصيح‭ ‬الديك،‭ ‬إلى‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬“تغريدة”‭ ‬له‭: ‬إن‭ ‬الضربات‭ ‬الصاروخية‭ ‬الإيرانية‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الأميركية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬إجراء‭ ‬انتقامي‭ ‬“متكافىء”‭! ‬وطهران‭ ‬ستكتفي‭ ‬بهذا‭ ‬الرد‭ ‬ولن‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬تصعيد‭.‬

وحقيقة‭ ‬هذا‭ ‬كان‭ ‬متوقعاً‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى،‭ ‬فإيران‭ ‬دولة‭ ‬لا‭ ‬قدرة‭ ‬لها،‭ ‬لا‭ ‬اقتصادياً‭ ‬ولا‭ ‬عسكرياً،‭ ‬على‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬شاملة،‭ ‬وأيضاً‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ذات‭ ‬الإمكانات‭ ‬العسكرية‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬طهران‭ ‬والمدن‭ ‬الإيرانية‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬أكوام‭ ‬من‭ ‬الحجارة‭ ‬والأتربة‭ ‬خلال‭ ‬دقائق‭ ‬معدودات‭. ‬وهنا‭ ‬فإن‭ ‬المفترض‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬المؤكد‭ ‬ومع‭ ‬كرهنا‭ ‬الشديد‭ ‬لهذا‭ ‬النظام‭ ‬الطائفي‭ ‬المتخلف،‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يسعد‭ ‬أي‭ ‬عربي‭ ‬أن‭ ‬يُدمر‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الشقيق‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنَّه‭ ‬تربطنا‭ ‬به‭ ‬علاقات‭ ‬تاريخية‭ ‬متعددة‭ ‬ورئيسية‭ ‬كثيرة‭ ‬وأنه‭ ‬أيضاً‭ ‬يوجع‭ ‬قلوبنا‭ ‬أن‭ ‬يُقْحم‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬الشقيق‭ ‬فعلاً‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬مدمرة‭ ‬قد‭ ‬يخسر‭ ‬فيها‭ ‬الألوف‭ ‬من‭ ‬أبنائه‭ ‬الأبرياء،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬العمل‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬العرب‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬إلا‭ ‬الأماني‭ ‬والدعوات‭ ‬الصادقة‭ ‬بأن‭ ‬يجنب‭ ‬الله‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأشقاء‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬قد‭ ‬تأخذهم‭ ‬إليها‭ ‬نزوات‭ ‬هذه‭ ‬القيادة‭ ‬المتهورة‭ ‬والانتحارية‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬“خامنئي”‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬مبكراًّ‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬بقي‭ ‬يفعله‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬وخارجها‭ ‬أيضاً‭ ‬سيأخذ‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬مواجهة‭ ‬غير‭ ‬متكافئة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وأن‭ ‬التمدد‭ ‬الاحتلالي‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وأكثر‭ ‬ستكون‭ ‬نتائجه،‭ ‬إن‭ ‬على‭ ‬المدى‭ ‬القريب‭ ‬أو‭ ‬البعيد،‭ ‬وخيمة‭ ‬فعلاً‭ ‬على‭ ‬الإيرانيين‭ ‬الذين‭ ‬تشكل‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬العربي‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬مجالاً‭ ‬حيوياًّ‭ ‬رئيسياًّ‭. ‬“إيلاف”‭.‬