من جديد

ثقافة “البنفت باي”!

| د. سمر الأبيوكي

منذ‭ ‬شهرين‭ ‬أضعت‭ ‬بطاقتي‭ ‬البنكية،‭ ‬ولأنني‭ ‬كنت‭ ‬للتو‭ ‬قد‭ ‬استلمتها‭ ‬قررت‭ ‬أن‭ ‬أعاقب‭ ‬نفسي‭ ‬بأن‭ ‬لا‭ ‬أستخرج‭ ‬بطاقة‭ ‬جديدة،‭ ‬وهكذا‭ ‬دوما‭ ‬يطيب‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أكافئ‭ ‬أو‭ ‬أعاقب‭ ‬ذاتي‭ ‬حسب‭ ‬المواقف‭ ‬التي‭ ‬أمر‭ ‬بها،‭ ‬لكن‭ ‬حساباتي‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬جيدة‭ ‬تماما،‭ ‬ببساطة‭ ‬شديدة‭ ‬لجأت‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬برنامج‭ ‬البنفت‭ ‬باي‭ ‬لتداول‭ ‬الأموال‭ ‬ودفع‭ ‬فواتيري‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الأمور،‭ ‬ووجدتني‭ ‬أتعامل‭ ‬بيسر‭ ‬واعتيادية‭ ‬مع‭ ‬البرنامج‭ ‬رغم‭ ‬بعض‭ ‬الأفكار‭ ‬الكلاسيكية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تسيطر‭ ‬على‭ ‬مخي‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬أمن‭ ‬المعلومات‭ ‬وضرورة‭ ‬حمل‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬المحفظة‭.‬

ببساطة‭ ‬أجبرت‭ ‬نفسي‭ ‬على‭ ‬الالتزام‭ ‬أكثر‭ ‬والتعلق‭ ‬بمقترح‭ ‬أكثر‭ ‬يسرا‭ ‬يغنيني‭ ‬عن‭ ‬حمل‭ ‬النقود‭ ‬ونقلها‭ ‬من‭ ‬حقيبة‭ ‬لأخرى‭ ‬كما‭ ‬نفعل‭ ‬طيلة‭ ‬الوقت،‭ ‬وأصبحت‭ ‬محفظتي‭ ‬خالية‭ ‬سوى‭ ‬من‭ ‬اليسير‭ ‬من‭ ‬الأموال‭ ‬التي‭ ‬أحتاجها‭ ‬لأمور‭ ‬الطوارئ،‭ ‬وبات‭ ‬أول‭ ‬سؤال‭ ‬يطرح‭ ‬على‭ ‬لساني‭ ‬عند‭ ‬قضاء‭ ‬أي‭ ‬أمر‭ ‬يتعلق‭ ‬بدفع‭ ‬المال‭ (‬عندكم‭ ‬بنفت‭ ‬باي؟‭).‬

أتأمل‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حولي‭ ‬فأتيقن‭ ‬أنه‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬النقلات‭ ‬النوعية‭ ‬في‭ ‬تعاملاتنا‭ ‬وأبرزها‭ ‬بالتأكيد‭ ‬تقليص‭ ‬التعامل‭ ‬نقدا‭ ‬وهي‭ ‬خطوة‭ ‬بدأت‭ ‬منذ‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬ولاقت‭ ‬رواجا‭ ‬كبيرا‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬المجتمعات‭ ‬المليونية‭ ‬كالهند‭ ‬ومصر،‭ ‬فبرنامج‭ ‬كهذا‭ ‬يقلص‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬ويخفف‭ ‬وطأة‭ ‬ضياع‭ ‬الأموال‭ ‬تحت‭ ‬أي‭ ‬مسمى‭ ‬كالإهمال‭ ‬أو‭ ‬السرقة‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬النقد‭ ‬ويوفر‭ ‬الوقت‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬فالمال‭ ‬ينتقل‭ ‬مباشرة‭ ‬إلى‭ ‬الحساب‭ ‬البنكي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القنوات‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يهدر‭ ‬بها‭ ‬دون‭ ‬تحقيق‭ ‬الفائدة‭ ‬المرجوة‭ ‬منه‭.‬

ومضة‭: ‬لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬لتعميم‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬المحال‭ ‬والمتاجر‭ ‬والمشاريع‭ ‬وكذلك‭ ‬محطات‭ ‬البترول،‭ ‬وبات‭ ‬من‭ ‬الضروري‭ ‬الانتقال‭ ‬تدريجيا‭ ‬إلى‭ ‬عالم‭ ‬إلكتروني‭ ‬كما‭ ‬استطعنا‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهات‭ ‬أن‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬جهد‭ ‬الورق‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬مازلنا‭ ‬بحاجة‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المضمار‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬البيئة‭ ‬ومجاراة‭ ‬للعالم‭.‬