ماذا يعني مقتل قاسم سليماني؟ (1)

| سنابرق زاهدي

شاهدنا‭ ‬مراسيم‭ ‬جنازة‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬ومن‭ ‬قتل‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬وإقامة‭ ‬صلاة‭ ‬الميت‭ ‬عليه‭ ‬بإمامة‭ ‬خامنئي‭ ‬ومشاركة‭ ‬جميع‭ ‬أركان‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬ومن‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬فلك‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وفلسطين‭ ‬وغيرهما،‭ ‬لكن‭ ‬الحدث‭ ‬الأهم‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬خامنئي‭ ‬أثناء‭ ‬الصلاة‭ ‬أجهش‭ ‬بالبكاء‭ ‬على‭ ‬موت‭ ‬ابنه‭ ‬البارّ‭- ‬إن‭ ‬صحّ‭ ‬التعبير‭. ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬غير‭ ‬معهود‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطوال‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬الملالي،‭ ‬وكان‭ ‬مشهداً‭ ‬معبّراً‭ ‬جداً‭ ‬لما‭ ‬يؤول‭ ‬إليه‭ ‬مصير‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬بعد‭ ‬خروج‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬من‭ ‬الساحة،‭ ‬فهذا‭ ‬البكاء‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬بكاء‭ ‬العاطفة‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬المشاعر‭ ‬الجياشة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬لأن‭ ‬خامنئي‭ ‬ومن‭ ‬معه‭ ‬أثبتوا‭ ‬أنه‭ ‬ليست‭ ‬لديهم‭ ‬أدنى‭ ‬عاطفة‭ ‬إنسانية‭. ‬

قبل‭ ‬50‭ ‬يوماً‭ ‬عندما‭ ‬جاء‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬شوارع‭ ‬المدن‭ ‬للتعبير‭ ‬عن‭ ‬استيائهم‭ ‬وغضبهم‭ ‬من‭ ‬تصرّفات‭ ‬النظام‭ ‬وصفهم‭ ‬خامنئى‭ ‬بـ‭ ‬“الخونة‭ ‬والأشرار”‭ ‬وأمر‭ ‬علناً‭ ‬وسرّاً‭ ‬بإبادتهم‭ ‬والقضاء‭ ‬عليهم،‭ ‬أين‭ ‬ذهبت‭ ‬العاطفة‭ ‬والبكاء‭ ‬آنذاك؟‭ ‬وأين‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العاطفة‭ ‬عندما‭ ‬قامت‭ ‬قوات‭ ‬خامنئي‭ ‬بارتكاب‭ ‬المجازر‭ ‬بحق‭ ‬أهل‭ ‬السنة‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬وشيعة‭ ‬العراق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬شهداء‭ ‬انتفاضة‭ ‬الشعب‭ ‬العراقي‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬500‭ ‬شخص‭ ‬وعدد‭ ‬الجرحى‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثلاثين‭ ‬ألفاً،‭ ‬منهم‭ ‬حوالي‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬معاق،‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬حيث‭ ‬ارتكب‭ ‬الجزّارون‭ ‬المؤتمرون‭ ‬بأمر‭ ‬خامنئي‭ ‬وقاسم‭ ‬سليماني‭ ‬مجازر‭ ‬بحق‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬الشعب‭ ‬السوري،‭ ‬كما‭ ‬شاهد‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2016‭ ‬وبعد‭ ‬معركة‭ ‬حلب‭ ‬والمجازر‭ ‬بحق‭ ‬أهالي‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬أن‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬داس‭ ‬بأقدامه‭ ‬على‭ ‬جثامين‭ ‬شهداء‭ ‬الشعب‭ ‬السوري‭ ‬بدخوله‭ ‬منتصراً‭ ‬هذه‭ ‬المدينة‭ ‬المنكوبة‭.‬

وإذا‭ ‬أردنا‭ ‬سرد‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬خامنئي‭ ‬داخل‭ ‬إيران‭ ‬وضد‭ ‬شعوب‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تأجيج‭ ‬نيران‭ ‬الحروب‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬والعراق‭ ‬واليمن‭ ‬وافغانستان‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصدير‭ ‬الإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬والبحرين‭ ‬والسعودية‭ ‬وتركيا‭ ‬وباكستان‭ ‬وسائر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬سيصل‭ ‬عدد‭ ‬ضحاياه‭ ‬إلى‭ ‬ملايين،‭ ‬وهنا‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬الأستاذ‭ ‬سيد‭ ‬أحمد‭ ‬غزالي‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬الجزائر‭ ‬الأسبق‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نظام‭ ‬ولاية‭ ‬الفقيه‭ ‬الحاكم‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬قتل‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المسلمين‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬الحديث‭. ‬

فالدموع‭ ‬لا‭ ‬تنهمر‭ ‬من‭ ‬عيون‭ ‬خامنئي‭ ‬بسبب‭ ‬عواطفه‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬كان‭ ‬بجانبه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المراسم‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬أيضاً‭ ‬أجهش‭ ‬بالبكاء،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬نصبه‭ ‬خامنئي‭ ‬مؤخراً‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية،‭ ‬ويقال‭ ‬إنه‭ ‬مرشّح‭ ‬ليكون‭ ‬خليفة‭ ‬خامنئي‭ ‬في‭ ‬منصب‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه،‭ ‬رئيسي‭ ‬كان‭ ‬عضواً‭ ‬في‭ ‬لجنة‭ ‬الموت‭ ‬التي‭ ‬أعدمت‭ ‬آلافا‭ ‬من‭ ‬نساء‭ ‬ورجال‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬طهران‭ ‬وكرج‭ ‬في‭ ‬مجزرة‭ ‬عام‭ ‬1988،‭ ‬وقبل‭ ‬فترة‭ ‬أعلن‭ ‬أنه‭ ‬فخور‭ ‬بتنفيذ‭ ‬فتوى‭ ‬خميني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭. ‬“إيلاف”‭.‬