تصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع

| زهير توفيقي

أعلم‭ ‬تمامًا‭ ‬أن‭ ‬مقالي‭ ‬اليوم‭ ‬ربما‭ ‬لن‭ ‬يعجب‭ ‬البعض،‭ ‬بل‭ ‬سيستنكرونه‭ ‬بأشد‭ ‬العبارات،‭ ‬وأنا‭ ‬مستعد‭ ‬لتقبلها‭ ‬بصدر‭ ‬رحب،‭ ‬وكما‭ ‬يقال‭ ‬الاختلاف‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬لا‭ ‬يفسد‭ ‬للود‭ ‬قضية،‭ ‬كما‭ ‬أنني‭ ‬على‭ ‬قناعة‭ ‬تامة‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القراء‭ ‬سيشيدون‭ ‬بوجهة‭ ‬نظري،‭ ‬بل‭ ‬سيشكرونني‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الجرأة‭ ‬في‭ ‬طرح‭ ‬الموضوع‭.‬

تطالعنا‭ ‬بعض‭ ‬الصحف‭ ‬ووسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بالكثير‭ ‬من‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بصراحة‭ ‬تامة‭ ‬وبدون‭ ‬أدنى‭ ‬مجاملة‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬آنفًا‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬من‭ ‬جوع‭! ‬بعض‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬الدولة‭ ‬يسارعون‭ ‬في‭ ‬إرسال‭ ‬تصريحات‭ ‬إلى‭ ‬الصحافة‭ ‬بخصوص‭ ‬بعض‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬تتخذها‭ ‬الحكومة‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المواطنين‭. ‬نعم‭... ‬الحكومة‭ ‬الرشيدة‭ ‬لا‭ ‬تقصر‭ ‬وتبذل‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬لاتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الصائبة‭ ‬وتستحق‭ ‬كل‭ ‬الشكر‭ ‬والتقدير‭ ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تنتظر‭ ‬منا‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬تلك‭ ‬التصريحات،‭ ‬فهي‭ ‬أي‭ ‬الحكومة‭ ‬تعمل‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬صالح‭ ‬المواطن،‭ ‬وتعمل‭ ‬بكل‭ ‬هدوء‭ ‬وعبر‭ ‬قنواتها‭ ‬الرسمية‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬والبرامج‭ ‬التنموية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬أستطيع‭ ‬ذكرها‭ ‬هنا‭ ‬لضيق‭ ‬المساحة‭. ‬يقول‭ ‬المثل‭ ‬المشهور‭ ‬“أهل‭ ‬مكة‭ ‬أدرى‭ ‬بشعابها”،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الحكومة‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬جاهدة‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬أكثر‭ ‬واقعية‭ ‬فيما‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وبعيدة‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬إثارة‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأوقات‭ ‬تعمل‭ ‬وكأنها‭ ‬تمثل‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬طرحها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬والمشاريع‭ ‬التنموية‭ ‬وبشكل‭ ‬أسرع‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬نجد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬ذكرتهم‭ ‬ليست‭ ‬لهم‭ ‬أية‭ ‬مساهمة‭ ‬أو‭ ‬دور‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬اهتمام‭ ‬بما‭ ‬يحدث‭! ‬فقط‭ ‬الظهور‭ ‬إعلاميا‭ ‬لكسب‭ ‬تعاطف‭ ‬المواطنين‭! ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المساحات‭ ‬فيما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬وصالح‭ ‬للمواطنين‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تطورنا‭ ‬ورفع‭ ‬شأننا،‭ ‬ألا‭ ‬ترون‭ ‬أن‭ ‬نشر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬إهدار‭ ‬للوقت‭ ‬والمال‭ ‬ولا‭ ‬يضيف‭ ‬شيئا‭ ‬مفيدا‭ ‬للمواطنين‭.‬

ما‭ ‬أريد‭ ‬قوله‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭ ‬هذه‭ ‬التصرفات‭ ‬وإنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬ممارسات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬خاطئة‭ ‬كثيرة‭ ‬نراها‭ ‬في‭ ‬ازدياد‭. ‬البناء‭ ‬يتطلب‭ ‬مساهمات‭ ‬وأفكارا‭ ‬ورؤى‭ ‬خلاقة‭ ‬وجهودا‭ ‬وعملا‭ ‬جادا‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المعطاء‭. ‬ربي‭ ‬اجعل‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬آمنا‭ ‬مستقرًا‭ ‬مزدهرًا‭ ‬واحفظ‭ ‬قيادته‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مكروه‭.‬