آخر الألاعيب “الأردوغانية”

| صالح القلاب

لم‭ ‬يكن‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تفويض‭ ‬من‭ ‬برلمان‭ ‬بلاده‭ ‬لإرسال‭ ‬قوات‭ ‬تركية‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬للقتال‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حكومة‭ ‬“الوفاق”‭ ‬الليبية‭ ‬لصاحبها‭ ‬فايز‭ ‬السراج‭ ‬فهذه‭ ‬المسألة،‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروف،‭ ‬محسومة‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬القرار‭ ‬بهذا‭ ‬الخصوص‭ ‬هو‭ ‬قرار‭ ‬التنظيم‭ ‬العالمي‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬اختار‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬مرشداً‭ ‬عاما‭ ‬له،‭ ‬وحيث‭ ‬بات‭ ‬يتصرف‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“أمير‭ ‬المؤمنين”‭ ‬الذي‭ ‬تنحني‭ ‬له‭ ‬هامات‭ ‬مؤيديه‭ ‬وأتباعه‭.‬

وهنا‭ ‬فإن‭ ‬الواضح‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬أردوغان‭ ‬ذاهب‭ ‬بهذا‭ ‬الشوط‭ ‬حتى‭ ‬النهاية‭ ‬وهذا‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬جديّ‭ ‬وحازم،‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬المعنية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬مصر‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المؤكد‭ ‬أنها‭ ‬تحضى‭ ‬بدعم‭ ‬عربي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬أنها‭ ‬هي‭ ‬الأكثر‭ ‬استهدافاً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لكل‭ ‬هذا‭ ‬التحشيد‭ ‬الذي‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬ومعه‭ ‬منظومة‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬وبعض‭ ‬“الدويلات”‭ ‬العربية‭ ‬“المتعملقة”‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الزمن‭ ‬الرديء‭.‬

وما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬مسؤولية‭ ‬التصدي‭ ‬لتهديدات‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬وما‭ ‬من‭ ‬الممكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬غزو‭ ‬عسكري‭ ‬عبر‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬الجنرال‭ ‬خليفة‭ ‬حفتر‭ ‬وحده،‭ ‬فهذا‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬حصل‭ ‬وهو‭ ‬سيحصل،‭ ‬إنْ‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬موقف‭ ‬عربي‭ ‬جدي،‭ ‬فإنه‭ ‬سيغير‭ ‬معادلات‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬كلها‭ ‬وأنه‭ ‬سيحقق‭ ‬للإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬ومن‭ ‬يؤازرهم‭ ‬ويقف‭ ‬معهم‭ ‬الأهداف‭ ‬التي‭ ‬بقوا‭ ‬يسعون‭ ‬إليها‭ ‬ويعملون‭ ‬من‭ ‬أجلها‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬أي‭ ‬منذ‭ ‬نهايات‭ ‬عشرينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭.‬

إنه‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تُتْرك‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬“تقع‭ ‬الفأس‭ ‬بالرأس”،‭ ‬كما‭ ‬يقال،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬خلاف‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الاستهداف‭ ‬موجه‭ ‬إلى‭ ‬مصر‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنها‭ ‬اقتلعت‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمين‭ ‬من‭ ‬جذورهم‭ ‬وأنها‭ ‬وجهت‭ ‬إليهم‭ ‬ضربة‭ ‬قاصمة‭ ‬بالفعل‭ ‬عندما‭ ‬أنهت‭ ‬نظامهم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬محمد‭ ‬مرسي‭ ‬الذي‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تُنْهه‭ ‬لكانت‭ ‬أوضاع‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كلها‭ ‬غير‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬الحالية‭.‬

‭ ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أخذه‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬أردوغان‭ ‬لجأ‭ ‬إلى‭ ‬مناورة‭ ‬مكشوفة‭ ‬بعقد‭ ‬اجتماع‭ ‬لـ‭ ‬“برلمان”‭ ‬بلاده‭ ‬للتصويت‭ ‬على‭ ‬تفويض‭ ‬له‭ ‬بإرسال‭ ‬قوات‭ ‬تركية‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا،‭ ‬فالقرار‭ ‬هو‭ ‬قراره‭ ‬وحده‭ ‬والواضح‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬القرار‭ ‬اتخذ‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬بدأ‭ ‬الصراع‭ ‬والتناحر‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬البحر‭ ‬الأبيض‭ ‬المتوسط‭ ‬وأيضاً‭ ‬منذ‭ ‬أن‭ ‬جدد‭ ‬الإخوان‭ ‬المسلمون‭ ‬استهدافهم‭ ‬لمصر‭ ‬لاستعادة‭ ‬ما‭ ‬يعتبرونه‭ ‬نظامهم‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬رأسه‭ ‬الدكتور‭ ‬محمد‭ ‬مرسي‭ ‬والذي‭ ‬تعني‭ ‬استعادته،‭ ‬وهو‭ ‬لن‭ ‬يستعاد‭ ‬إطلاقاً،‭ ‬تغيير‭ ‬المعادلات‭ ‬الحالية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬كلها‭ ‬الآسيوية‭ ‬منها‭ ‬والإفريقية‭. ‬“إيلاف”‭.‬