ثقافة الإصلاح الأسري

| عبدعلي الغسرة

مع‭ ‬تزايد‭ ‬المشكلات‭ ‬الأسرية‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المجتمعات،‭ ‬فإن‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الإرشاد‭ ‬والإصلاح‭ ‬الأسري‭ ‬أمر‭ ‬ضروري‭ ‬لأجل‭ ‬تقديم‭ ‬الاستشارات‭ ‬والحلول‭ ‬لتتمكن‭ ‬هذه‭ ‬الأسر‭ ‬من‭ ‬فض‭ ‬النزاعات‭ ‬الأسرية‭ ‬والعودة‭ ‬إلى‭ ‬محيط‭ ‬الأسرة‭ ‬الآمن‭ ‬الذي‭ ‬فقدته‭ ‬في‭ ‬نزاعاتها‭. ‬إن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬نتيجة‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬الأسري‭ ‬وانخفاض‭ ‬مستوى‭ ‬الحوار‭ ‬الأسري‭ ‬الهادف،‭ ‬وانعدام‭ ‬التعامل‭ ‬الأسري‭ ‬الصحيح‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬بجانب‭ ‬تدخلات‭ ‬أهل‭ ‬الزوجين‭ ‬السلبية‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأسرة‭ ‬التي‭ ‬تزيد‭ ‬نزاعاتها‭ ‬التهابًا‭ ‬واتساعًا،‭ ‬وهذه‭ ‬من‭ ‬علامات‭ ‬ضعف‭ ‬الأسرة‭ ‬وهشاشة‭ ‬مكوناتها،‭ ‬والهدف‭ ‬العام‭  ‬للإرشاد‭ ‬الأسري‭ ‬مساعدة‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬السليم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تنمية‭ ‬علاقات‭ ‬إيجابية‭ ‬بينهم‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تحقيق‭ ‬السعادة‭  ‬للأسرة‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمع‭.‬

وتتطلع‭ ‬الأسر‭ ‬لبناء‭ ‬صرح‭ ‬أسري‭ ‬قوي‭ ‬وسليم‭ ‬ولحمايتها‭ ‬من‭ ‬التصدعات،‭ ‬فالأسر‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ثقافة‭ ‬أسرية‭ ‬يُساندها‭ ‬تقديم‭ ‬خدمات‭ ‬الإرشاد‭ ‬والإصلاح‭ ‬والتحكيم‭ ‬الأسري‭ ‬الذي‭ ‬يُحقق‭ ‬العدالة‭ ‬الأسرية‭ ‬وينأى‭ ‬بها‭ ‬عن‭ ‬المنازعات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مشاركة‭ ‬إيجابية‭ ‬عامة‭ ‬ومجتمعية‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬استقرار‭ ‬الأسرة‭ ‬وسلامتها‭ ‬حماية‭ ‬لها‭ ‬وللمجتمع،‭ ‬وذلك‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬الحلول‭ ‬المناسبة‭ ‬والتصدي‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬تتعرض‭ ‬له‭ ‬الأسرة‭ ‬من‭ ‬مشكلات‭.‬

وسعت‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬والمجتمعية‭ ‬البحرينية‭ (‬وزارة‭ ‬العمل‭ ‬والشؤون‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للمرأة‭ ‬والمؤسسات‭ ‬المجتمعية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭)‬‭ ‬ووضعت‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬أجندتها‭ ‬دراسة‭ ‬المشكلات‭ ‬الأسرية‭ ‬ونشر‭ ‬الثقافة‭ ‬الأسرية‭ ‬والإرشاد‭ ‬الأسري،‭ ‬والمساهمة‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬المشكلات‭ ‬الأسرية‭ ‬والمظاهر‭ ‬السلبية‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬البرامج‭ ‬والمشروعات‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإرشاد‭ ‬الأسري‭ ‬وتكوين‭ ‬لجان‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬لعلاج‭ ‬المشاكل‭ ‬الأسرية،‭ ‬وتنظيم‭ ‬حلقات‭ ‬لمناقشة‭ ‬المشكلات‭ ‬الأسرية‭ ‬ووضع‭ ‬برامج‭ ‬استشارية‭ ‬وتدريبية‭ ‬أسرية‭ ‬في‭ ‬مراكز‭ ‬التنمية‭ ‬والخدمات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬العامة‭ ‬والمجتمعية،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬مهمة‭ ‬كثيرًا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬وبما‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬القوانين‭ ‬والشريعة‭ ‬والعادات‭ ‬والقيم‭ ‬البحرينية‭ ‬وخصوصا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬العولمة‭ ‬والانفتاح‭.‬

إن‭ ‬الإرشاد‭ ‬الأسري‭ ‬الملاذ‭ ‬الآمن‭ ‬للأسرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تفكك،‭ ‬وحصن‭ ‬ضد‭ ‬أية‭ ‬منازعات،‭ ‬وبلسم‭ ‬شاف‭ ‬للمشكلات،‭ ‬“الإرشاد‭ ‬الأسري”‭ ‬مسؤولية‭ ‬اجتماعية‭ ‬يتحملها‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬وأجهزة‭ ‬الدولة‭ ‬ومؤسساتها‭ ‬المجتمعية‭ ‬المعنية‭ ‬بما‭ ‬يُحقق‭ ‬التوازن‭ ‬الأسري‭ ‬وكُل‭ ‬تطلعات‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬بدون‭ ‬تهميش‭ ‬لأيٍ‭ ‬من‭ ‬أفرادها‭ ‬وهذا‭ ‬يضفي‭ ‬النبض‭ ‬الدائم‭ ‬للأسرة‭ ‬لجعلها‭ ‬أسرة‭ ‬صلبة‭ ‬ومتماسكة‭ ‬ومتحابة‭.‬