أنسنة

مشاهدات... من سيرلانكا إلى البحرين

| رجاء مرهون

تزامنا‭ ‬مع‭ ‬إجازة‭ ‬الاحتفالات‭ ‬بالعيد‭ ‬الوطني،‭ ‬حظيت‭ ‬بفرصة‭ ‬الابتعاد‭ ‬قليلا‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وركبت‭ ‬إحدى‭ ‬طائرات‭ ‬الناقلة‭ ‬الوطنية‭ ‬بمعية‭ ‬مجموعة‭ ‬سياحية‭ ‬قاصدين‭ ‬جمهورية‭ ‬سيرلانكا‭ ‬المعروفة‭ ‬شعبيا‭ ‬باسم‭ ‬“سيلان”‭.‬

وجاء‭ ‬اختيار‭ ‬“سيلان”‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬لما‭ ‬يقال‭ ‬عنها‭ ‬من‭ ‬جمال‭ ‬طبيعتها‭ ‬وجوها‭ ‬الثابت‭ ‬نسبيا‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬العام‭ ‬لقربها‭ ‬من‭ ‬خط‭ ‬الاستواء،‭ ‬وللأمانة‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عن‭ ‬سيرلانكا‭ ‬من‭ ‬جمال‭ ‬الطبيعة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬لم‭ ‬يفها‭ ‬حقها،‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬ما‭ ‬التقطناه‭ ‬من‭ ‬صور‭ ‬وفيديوهات‭ ‬لم‭ ‬يوفق‭ ‬في‭ ‬توثيق‭ ‬درجات‭ ‬الإبداع‭ ‬الرباني،‭ ‬فالواقع‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬أجمل‭.‬

وأنا‭ ‬أتنعم‭ ‬بجمال‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الذي‭ ‬يحاول‭ ‬النهوض‭ ‬من‭ ‬أنقاض‭ ‬خلافات‭ ‬دموية‭ ‬ويشجع‭ ‬الزراعة‭ ‬والسياحة،‭ ‬استوقفتني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬التي‭ ‬سألخصها‭ ‬للقارئ‭ ‬الكريم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭.‬

المشهد‭ ‬الأول‭: ‬تحتسب‭ ‬السلطات‭ ‬السيريلانكية‭ ‬عند‭ ‬دخول‭ ‬الحدائق‭ ‬والمتنزهات‭ ‬ومرافق‭ ‬الترفيه‭ ‬العامة‭ ‬رسوما‭ ‬للمواطنين‭ ‬ورسوما‭ ‬أخرى‭ ‬مختلفة‭ ‬المقدار‭ ‬للأجانب‭ ‬والضيوف‭ (‬أضعاف‭ ‬رسوم‭ ‬أبناء‭ ‬البلد‭)‬،‭ ‬فالمواطنون‭ ‬يدفعون‭ ‬رسوما‭ ‬بسيطة‭ ‬تناسب‭ ‬إمكانياتهم،‭ ‬أما‭ ‬الآخرون‭ ‬فهي‭ ‬كحكومة‭ ‬غير‭ ‬معنية‭ ‬بالتسهيل‭ ‬عليهم‭ ‬ليرفهوا‭ ‬عن‭ ‬أنفسهم‭. ‬

ذكرني‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬التي‭ ‬تحتسب‭ ‬رسوما‭ ‬مساوية‭ ‬مدعومة‭ ‬وأقل‭ ‬من‭ ‬التكلفة‭ ‬لغير‭ ‬البحرينيين‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬التنوع‭ ‬بين‭ ‬طلبتها،‭ ‬وذلك‭ ‬رغم‭ ‬تكدس‭ ‬الفصول‭.‬

المشهد‭ ‬الثاني‭: ‬المطاعم‭ ‬العالمية‭ ‬قليلة‭ ‬ومحدودة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬الآسيوي‭ ‬الجميل،‭ ‬ويتطلب‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬وقتا،‭ ‬فالأسماء‭ ‬العالمية‭ ‬لمطاعم‭ ‬“الفاست‭ ‬فود”‭ ‬محدودة‭ ‬وبشكل‭ ‬محدود‭ ‬ومتباعد‭ ‬أيضا‭. ‬هذا‭ ‬الواقع‭ ‬يضغط‭ ‬على‭ ‬السواح‭ ‬للبحث‭ ‬عن‭ ‬البديل‭ ‬المحلي‭ ‬الجيد،‭ ‬فلابد‭ ‬للسائح‭ ‬أن‭ ‬يأكل،‭ ‬وهنا‭ ‬تبرز‭ ‬الفرصة‭ ‬أمام‭ ‬المطاعم‭ ‬السيريلانكية‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬قائمة‭ ‬طعام‭ ‬دولية‭ ‬وبمستوى‭ ‬نظافة‭ ‬وجودة،‭ ‬وتختتم‭ ‬هذه‭ ‬المطاعم‭ ‬أسماءها‭ ‬عادة‭ ‬بكلمة‭ ‬“عالمي”‭.‬

أخذتني‭ ‬هذه‭ ‬المشاهد‭ ‬لبلدي‭ ‬الحبيب،‭ ‬وكم‭ ‬تمنيت‭ ‬وأتمنى‭ ‬من‭ ‬مسؤولينا‭ ‬وقبل‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬قرار‭ ‬أن‭ ‬يفكروا‭ ‬بابن‭ ‬البلد‭ ‬وحلاله‭ ‬وإمكانية‭ ‬استمراريته‭ ‬وتوسعه‭ ‬قبل‭ ‬إعطاء‭ ‬المستثمرين‭ ‬الأجانب‭ ‬أي‭ ‬تسهيل‭.‬

ثالثا‭: ‬أقمت‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬فنادق‭ ‬خلال‭ ‬رحلتي،‭ ‬وحاولت‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬موظفيها‭ ‬طلبا‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬عدة،‭ ‬فوجدت‭ ‬أغلبهم‭ ‬لا‭ ‬يتحدثون‭ ‬الإنجليزية،‭ ‬وباستثناء‭ ‬موظفي‭ ‬الاستقبال،‭ ‬لا‭ ‬يشترط‭ ‬على‭ ‬السيرلانكيين‭ ‬الحديث‭ ‬بلغة‭ ‬عالمية‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬راغبا‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬فندق‭ ‬5‭ ‬نجوم‭! ‬وفوجئت‭ ‬ببعضهم‭ ‬يعرف‭ ‬بعض‭ ‬الكلمات‭ ‬العربية‭ ‬كونه‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬عن‭ ‬الإنجليزية‭ ‬شيئا‭! ‬

وأتساءل‭ ‬هنا‭: ‬لماذا‭ ‬تفرض‭ ‬الفنادق‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬شرط‭ ‬اللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬على‭ ‬المواطن‭ ‬الذي‭ ‬يرغب‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬لديها؟‭!.‬