اللهم لا شماتة

| صالح القلاب

المفترض‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬للعرب‭ ‬بهذه‭ ‬“المعمعة”‭ ‬الدموية‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬وأميركا‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬جنرال‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬وباستمرار‭ ‬يذرع‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬اليمن‭ ‬في‭ ‬الجنوب‭ ‬وحتى‭ ‬ضاحية‭ ‬بيروت‭ ‬الجنوبية‭ ‬وبالطبع‭ ‬مروراً‭ ‬بالعراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولو‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يشعل‭ ‬نيران‭ ‬الحرائق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬ويعلن‭ ‬وعلى‭ ‬رؤوس‭ ‬الأشهاد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وغيرها‭ ‬ستتبع‭ ‬للولي‭ ‬الفقيه،‭ ‬وأن‭ ‬أربعاً‭ ‬من‭ ‬عواصم‭ ‬العرب،‭ ‬بغداد‭ ‬ودمشق‭ ‬وبيروت،‭ ‬وأيضاً‭ ‬صنعاء،‭ ‬باتت‭ ‬تابعة‭ ‬لـ‭ ‬“طهران”‭ ‬تبعية‭ ‬سياسية‭ ‬وعسكرية‭!‬

إن‭ ‬المفترض‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬لنا‭ ‬بهذا‭ ‬الصراع‭ ‬الأميركي‭ ‬–‭ ‬الإيراني‭ ‬طالما‭ ‬أن‭ ‬الأميركيين‭ ‬في‭ ‬عهد‭ ‬جورج‭ ‬بوش‭ ‬الابن‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬فتح‭ ‬حدود‭ ‬العراق‭ ‬للإيرانيين‭ ‬منذ‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين‭ ‬وعملياًّ‭ ‬وحتى‭ ‬هذه‭ ‬اللحظة،‭ ‬وأنهم‭ ‬فعلياًّ‭ ‬من‭ ‬ألحق‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬بـ‭ ‬“ملالي‭ ‬إيران”‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإنهم‭ ‬بحجة‭ ‬مواجهة‭ ‬“داعش”‭ ‬قد‭ ‬بقوا‭ ‬يغضون‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬إنشاء‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬“التشكيلات”‭ ‬كـ‭ ‬“الحشد‭ ‬الشعبي”‭ ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬“النسخة‭ ‬العراقية”‭ ‬وغيرهما،‭ ‬وذلك‭ ‬مع‭ ‬أنهم‭ ‬كانوا‭ ‬يعرفون‭ ‬أنها‭ ‬امتدادات‭ ‬عسكرية‭ ‬تابعة‭ ‬تبعية‭ ‬مباشرة‭ ‬للجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬وأنه‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يديرها‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬ملحقة‭ ‬بـ‭ ‬“فيلق‭ ‬القدس”‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بهذه‭ ‬المدينة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المقدسة‭ ‬المحتلة‭. ‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬ظهور‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬العسكري‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬ودمشق‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬كلها‭ ‬وبالطبع‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬والعراق‭ ‬بأسره‭ ‬وفي‭ ‬اليمن‭.. ‬وربما‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬ملحقة‭ ‬إلحاقاً‭ ‬بالمنظومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تحدياًّ‭ ‬للعرب‭ ‬كلهم‭ ‬وهذا‭ ‬جعلنا‭ ‬وبكل‭ ‬صراحة‭ ‬وصدق‭ ‬لا‭ ‬نأسف‭ ‬ولا‭ ‬نحزن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬بغداد‭ ‬في‭ ‬ساعة‭ ‬مبكرة‭ ‬من‭ ‬يوم‭ ‬الجمعة‭ ‬الماضي‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬عائداً‭ ‬من‭ ‬دمشق‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬“قلب‭ ‬العروبة”‭ ‬النابض‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تُبتلى‭ ‬بهذا‭ ‬النظام‭ ‬الدموي‭ ‬الذي‭ ‬سلمها‭ ‬تسليماً‭ ‬للوصاية‭ ‬الإيرانية‭. ‬

هناك‭ ‬مثل‭ ‬يردده‭ ‬أهل‭ ‬“بلاد‭ ‬الشام”،‭ ‬ربما‭ ‬وغيرهم‭ ‬يقول‭: ‬“بطِّيخ‭ ‬يُكسّر‭ ‬بعضه”‭ ‬فها‭ ‬هم‭ ‬الأميركيون،‭ ‬الذين‭ ‬فتحوا‭ ‬حدود‭ ‬العراق‭ ‬للإيرانيين‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬يدفعون‭ ‬الآن‭ ‬ثمن‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭ ‬أيديهم،‭ ‬فهذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬بقي‭ ‬يتعرض‭ ‬لـ‭ ‬“تدفق”‭ ‬إيراني‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬السنوات‭ ‬الطويلة‭ ‬أصبح،‭ ‬وهذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يقال،‭ ‬محتلاًّ‭ ‬بكل‭ ‬معنى‭ ‬الاحتلال‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭... ‬لذلك‭ ‬وقد‭ ‬حصل‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬حصل‭ ‬ووصل‭ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬حلفاء‭ ‬الأمس،‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬قد‭ ‬التقوا‭ ‬في‭ ‬خندق‭ ‬واحد‭ ‬بحجة‭ ‬محاربة‭ ‬“داعش”،‭ ‬إلى‭ ‬حدِّ‭ ‬هذه‭ ‬المواجهة‭ ‬الدموية‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬إلاّ‭ ‬أن‭ ‬نقول‭: ‬“اللهم‭ ‬لا‭ ‬شماتة”‭ ‬وإننا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬وعلى‭ ‬الإطلاق‭ ‬أن‭ ‬نحزن‭ ‬على‭ ‬قتل‭ ‬الأميركيين‭ ‬الجنرال‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ظهوره‭ ‬“الطاؤوسي”‭ ‬في‭ ‬بغداد‭ ‬وفي‭ ‬دمشق‭ ‬وبيروت‭ ‬واليمن‭ ‬وغيرها‭ ‬تحدياًّ‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬فيه‭ ‬ولو‭ ‬“ذرة”‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬العروبة،‭ ‬وكأن‭ ‬هذا‭ ‬الظهور‭ ‬كان‭ ‬مقصوداً‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬أنه‭ ‬يمثل‭ ‬رداًّ‭ ‬على‭ ‬ذي‭ ‬قار‭ ‬والقادسية‭! ‬“إيلاف”‭.‬