ستة على ستة

تراجع إيران

| عطا السيد الشعراوي

إذا‭ ‬كانت‭ ‬إيران‭ ‬تباهي‭ ‬علنا‭ ‬ولفترة‭ ‬طويلة‭ ‬بسيطرتها‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬وتحكمها‭ ‬في‭ ‬قرارها‭ ‬كدليل‭ ‬على‭ ‬قوتها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وقدرتها‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬توجهاتها،‭ ‬فإنها‭ ‬لم‭ ‬تمتلك‭ ‬شجاعة‭ ‬الاعتراف‭ ‬بتراجع‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬جميع‭ ‬مسؤوليها‭ ‬يدركون‭ ‬ويقرون‭ ‬فيما‭ ‬بينهم‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬النفوذ‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬كما‭ ‬كان،‭ ‬وبأنه‭ ‬إلى‭ ‬الذوبان،‭ ‬ولذات‭ ‬الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬لتزايد‭ ‬قوتها،‭ ‬فهي‭ ‬كما‭ ‬دفعتها‭ ‬للصعود،‭ ‬فقد‭ ‬هوت‭ ‬بها‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭.‬

فقد‭ ‬كشف‭ ‬موقع‭ ‬“سحام‭ ‬نيوز”‭ ‬التابع‭ ‬لتيار‭ ‬الإصلاحيين‭ ‬عن‭ ‬اجتماع‭ ‬مهم‭ ‬بالخارجية‭ ‬الإيرانية‭ ‬حضره‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الوزراء‭ ‬والنواب‭ ‬والوزراء‭ ‬السابقين‭ ‬حول‭ ‬إيران‭ ‬ووضعها‭ ‬الراهن‭ ‬والحرج‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وهو‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذي‭ ‬اعترف‭ ‬فيه‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الإيراني‭ ‬محمد‭ ‬جواد‭ ‬ظريف‭ ‬بفشل‭ ‬سياسات‭ ‬إيران‭ ‬الخارجية‭ ‬بسبب‭ ‬المرشد‭ ‬الأعلى‭ ‬علي‭ ‬خامنئي‭ ‬و”فيلق‭ ‬القدس”‭ ‬في‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭.‬

وقدم‭ ‬ظريف‭ ‬تحليلا‭ ‬شاملا‭ ‬وموضوعيًا‭ ‬حول‭ ‬مظاهر‭ ‬تراجع‭ ‬النفوذ‭ ‬الإيراني‭ ‬معنويا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬وسياسيا‭ ‬وعسكريا،‭ ‬موضحًا‭ ‬أن‭ ‬الجو‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أصبح‭ ‬معاديا‭ ‬لإيران،‭ ‬كما‭ ‬تراجعت‭ ‬صادرات‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬العراق،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬سوء‭ ‬سلوك‭ ‬الإيرانيين‭. ‬وأشار‭ ‬ظريف‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬مهمشة‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬الملف‭ ‬اليمني‭ ‬حيث‭ ‬تدور‭ ‬المحادثات‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬اليمنية‭ ‬وبرعاية‭ ‬سعودية‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬طلب‭ ‬لـ‭ ‬“مشورة”‭ ‬إيرانية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحوثيين،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬حيث‭ ‬مازال‭ ‬مطمئنا‭ ‬لإيران،‭ ‬بسبب‭ ‬تحكم‭ ‬أمين‭ ‬عام‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬اللبناني‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬القرار‭ ‬هناك‭.‬

وذهب‭ ‬ظريف‭ ‬إلى‭ ‬أفغانستان،‭ ‬معربًا‭ ‬عن‭ ‬استيائه‭ ‬من‭ ‬تجاهل‭ ‬حقوق‭ ‬“الشيعة”‭ ‬والناطقين‭ ‬باللغة‭ ‬الفارسية‭ ‬في‭ ‬الدستور‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬عليه،‭ ‬وكذلك‭ ‬ابتعاد‭ ‬بلاده‭ ‬عن‭ ‬المحادثات‭ ‬التي‭ ‬تجري‭ ‬بين‭ ‬أميركا‭ ‬وطالبان‭.‬

لعلها‭ ‬لحظة‭ ‬صدق‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬ولحظة‭ ‬كاشفة‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬متدهور‭ ‬تعيشه‭ ‬إيران‭ ‬داخليا‭ ‬وخارجيا،‭ ‬لكن‭ ‬الأهم‭ ‬أن‭ ‬تتبع‭ ‬ذلك‭ ‬مراجعة‭ ‬شاملة‭ ‬وتغيير‭ ‬جذري‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬والسياسة‭ ‬الإيرانية‭ ‬تجاه‭ ‬شعبها‭ ‬ونحو‭ ‬جيرانها‭ ‬لتخلق‭ ‬لنفسها‭ ‬وضعا‭ ‬صحيًا‭ ‬يقوم‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬تحقيق‭ ‬المصلحة‭ ‬المشتركة‭ ‬للجميع‭.‬