العرب والفرس الأردوغانيون

| صالح القلاب

باستثناء‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يهمهم‭ ‬الأمر،‭ ‬وهؤلاء‭ ‬يعرفون‭ ‬أنفسهم‭ ‬ويعرفهم‭ ‬الآخرون،‭ ‬فإن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬مراجعة‭ ‬للأمور‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬موقف‭ ‬متقارب‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الدولتين‭ ‬إيران‭ ‬وتركيا،‭ ‬فالأمور‭ ‬تجاوزت‭ ‬كل‭ ‬الحدود،‭ ‬وهناك‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬احتماله‭.. ‬وهكذا‭ ‬فإن‭ ‬للصبر‭ ‬حدوداً،‭ ‬كما‭ ‬يقال،‭ ‬والأفضل‭ ‬أن‭ ‬تخلع‭ ‬“شوكة”‭ ‬تؤلمك‭ ‬بأصابع‭ ‬يدك‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تضطر‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬إلى‭ ‬خلعها‭ ‬بأسنانك‭!‬

منذ‭ ‬البدايات‭ ‬ومنذ‭ ‬أن‭ ‬فتح‭ ‬الأميركيون،‭ ‬بعد‭ ‬إسقاط‭ ‬نظام‭ ‬صدام‭ ‬حسين،‭ ‬حدود‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬مصاريعها‭ ‬أمام‭ ‬الإيرانيين‭ ‬فتدفقوا‭ ‬زرافات‭ ‬ووحداناً‭ ‬وكأنه‭ ‬لم‭ ‬يمض‭ ‬إلا‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬على‭ ‬تدمير‭ ‬الدولة‭ ‬الصفوية‭ ‬وطرد‭ ‬الفرس‭ ‬من‭ ‬بلاد‭ ‬النهرين‭ ‬العربية،‭ ‬وهذا‭ ‬كان‭ ‬يجب‭ ‬مواجهته‭ ‬منذ‭ ‬البدايات‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬لهم‭ ‬جيوش‭ ‬جرارة‭ ‬ويصبح‭ ‬لهم‭ ‬عملاء‭ ‬لا‭ ‬يخجلون‭ ‬من‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬شعبهم‭ ‬ووطنهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬والذي‭ ‬سيبقى‭ ‬عربياً‭ ‬إلى‭ ‬يوم‭ ‬القيامة‭.‬

والآن‭ ‬وبعدما‭ ‬اضطر‭ ‬الرئيس‭ ‬العراقي‭ ‬برهم‭ ‬صالح‭ ‬إلى‭ ‬مغادرة‭ ‬بغداد‭ ‬مؤقتاً‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬تهديدات‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني‭ ‬وعملائه‭ ‬وأتباعه،‭ ‬فإنه‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬هو‭ ‬عاد‭ ‬في‭ ‬مغامرة‭ ‬غير‭ ‬محسوبة‭ ‬العواقب‭ ‬بصورة‭ ‬جيدة‭ ‬فإنه‭ ‬على‭ ‬الرافضين‭ ‬للاحتلال‭ ‬الإيراني‭ ‬لوطنهم‭ ‬وبلدهم‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لهم‭ ‬وقفة‭ ‬حاسمة‭ ‬وحازمة‭ ‬وبسرعة‭ ‬تحاشياً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يأتي‭ ‬يوم‭ ‬قريب‭ ‬يطلب‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬عربي‭ ‬مغادرة‭ ‬العراق‭ ‬وبلا‭ ‬رجعة،‭ ‬ويقيناً‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬التهويل‭ ‬ولا‭ ‬التخويف،‭ ‬فالعراق‭.. ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬العربي‭ ‬بات‭ ‬محتلاًّ‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الإيرانيين‭ ‬ومع‭ ‬الأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬ينطبق‭ ‬عليه‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬سوريا‭ ‬وعلى‭ ‬ضاحية‭ ‬بيروت‭ ‬الجنوبية‭ ‬وأيضاً‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ (‬الحوثية‭).‬

إن‭ ‬هناك‭ ‬“تغولاًّ”‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إيران‭ ‬الفارسية‭ ‬–‭ ‬الصفوية‭ ‬وأيضاً‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الـ‭ ‬“أردوغانية‭ ‬–‭ ‬العثمانية”،‭ ‬لذلك‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬يضعون‭ ‬أكفهم‭ ‬فوق‭ ‬عيونهم‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يروا‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الحقائق‭ ‬“الفاقعة”‭ ‬فإن‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعرفوا‭ ‬تلك‭ ‬الحقيقة‭ ‬القائلة‭: ‬“إنّ‭ ‬من‭ ‬يتغدى‭ ‬بأخيك‭ ‬سيتعشى‭ ‬بك‭ ‬لا‭ ‬محالة”‭.‬

ما‭ ‬دخْلُ‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬بالبلد‭ ‬العربي‭ ‬ليبيا‭ ‬حتى‭ ‬يعبر‭ ‬مياه‭ ‬المتوسط‭ ‬ويذهب‭ ‬إلى‭ ‬هناك‭ ‬لولا‭ ‬النزعة‭ ‬“العثمانية”‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أنها‭ ‬قد‭ ‬ولت‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬أصحابها‭ ‬وبلا‭ ‬أية‭ ‬رجعة‭ ‬وأيضاً‭ ‬لولا‭ ‬الضعف‭ ‬العربي‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬أنعش‭ ‬هاتين‭ ‬النزعتين،‭ ‬الفارسية‭ ‬والعثمانية،‭ ‬لدى‭ ‬كلٍّ‭ ‬من‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬وعلي‭ ‬خامنئي‭ ‬“المتفرِّس”،‭ ‬ولعل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يدركه‭ ‬بعض‭ ‬العرب‭ ‬الصغار‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يجدوا‭ ‬عيباً‭ ‬في‭ ‬التآمر‭ ‬على‭ ‬أمتهم‭ ‬أنه‭ ‬سيأتي‭ ‬ذلك‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬سيدفعون‭ ‬فيه‭ ‬ثمناً‭ ‬غالياً‭ ‬و”إن‭ ‬غداً‭ ‬لناظره‭ ‬قريب”‭. ‬“إيلاف”‭.‬