صور مختصرة

“بلاوي” الطلاق

| عبدالعزيز الجودر

في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬من‭ ‬المجتمعات‭ ‬هناك‭ ‬“بلاوي”‭ ‬مؤلمة‭ ‬جدا،‭ ‬وفي‭ ‬تصوري‭ ‬يأتي‭ ‬الطلاق‭ ‬في‭ ‬مقدمتها،‭ ‬إذ‭ ‬يعد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والنفسية،‭ ‬ومن‭ ‬الدرجة‭ ‬الأولى‭ ‬لما‭ ‬يخلفه‭ ‬من‭ ‬آثار‭ ‬موجعة‭ ‬بتشتيت‭ ‬شمل‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة‭ ‬وما‭ ‬يعقبه‭ ‬من‭ ‬عداوات‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭ ‬تستمر‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬وجود‭ ‬أطفال،‭ ‬فأولئك‭ ‬الصغار‭ ‬بحاجة‭ ‬ماسة‭ ‬لتربية‭ ‬سليمة‭ ‬ورعاية‭ ‬واهتمام‭ ‬ومتابعة‭ ‬وحنان‭ ‬وعطف‭.‬

فالأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬كنف‭ ‬آبائهم‭ ‬بانتظام‭ ‬يكونون‭ ‬عادة‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬وأقوى‭ ‬شعورا‭ ‬باحترام‭ ‬الذات‭ ‬وأقل‭ ‬عرضة‭ ‬للإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬وأعراض‭ ‬الاكتئاب،‭ ‬فهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بحميمية‭ ‬وحب‭ ‬ورعاية‭ ‬آبائهم‭ ‬ودعمهم‭ ‬المستمر‭ ‬وبذلك‭ ‬يتكون‭ ‬لديهم‭ ‬إحساس‭ ‬وشعور‭ ‬أقوى‭ ‬بالقبول‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬وبهذا‭ ‬لاشك‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الدور‭ ‬الأبوي‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬الأبناء‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬نفسي‭ ‬وبيولوجي‭ ‬شديد‭ ‬الإيجابية،‭ ‬خصوصا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الأب‭ ‬حنونا‭ ‬وعطوفا‭ ‬وحازما‭ ‬وعادلا‭ ‬وسط‭ ‬أسرته‭ ‬و”غشمري‭ ‬وقلبه‭ ‬على‭ ‬أعياله‭ ‬ويحاتيهم‭ ‬ويباريهم‭ ‬ويتحمل‭ ‬بهم‭ ‬ويشاركهم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬شي‭ ‬في‭ ‬حياتهم”‭.‬

الأبناء‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الصعيد‭ ‬هم‭ ‬أكثر‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬الآباء‭ ‬“والله‭ ‬لو‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬يوصل‭ ‬عمرة‭ ‬100‭ ‬سنة”،‭ ‬فلابد‭ ‬من‭ ‬اهتمام‭ ‬الأب،‭ ‬هذا‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬أبناء‭ ‬وبنات‭ ‬نفتخر‭ ‬ونعتز‭ ‬بهم‭ ‬“وشغل‭ ‬متعوب‭ ‬عليه‭ ‬ومضبوط”‭.‬

بالمقابل‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬أن‭ ‬نغفل‭ ‬دور‭ ‬الأم‭ ‬وأهميتها،‭ ‬فهناك‭ ‬أمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬في‭ ‬مجتمعنا‭ ‬المحلي‭ ‬ثبت‭ ‬بالدليل‭ ‬القاطع‭ ‬أن‭ ‬أمهات‭ ‬كثيرات‭ ‬استطعن‭ ‬بجهودهن‭ ‬الذاتية‭ ‬أن‭ ‬يوصلن‭ ‬أبناءهن‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬المراتب‭ ‬والدرجات‭ ‬في‭ ‬مناحي‭ ‬الحياة‭ ‬الراقية‭ ‬ومواقع‭ ‬العمل‭ ‬والمسؤولية‭.‬

المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬أصبح‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬بشكل‭ ‬يومي‭ ‬وذلك‭ ‬بحسب‭ ‬محاكم‭ ‬البحرين‭ ‬الشرعية،‭ ‬إذ‭ ‬مقابل‭ ‬16‭ ‬حالة‭ ‬زواج‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬يوم،‭ ‬هناك‭ ‬5‭ ‬حالات‭ ‬طلاق،‭ ‬وهذا‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يعتبر‭ ‬رقما‭ ‬مخيفا‭ ‬وينذر‭ ‬بالخطر‭ ‬ويحتاج‭ ‬تحركا‭ ‬سريعا‭ ‬من‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والجهات‭ ‬الحكومية‭ ‬المعنية‭ ‬بهذا‭ ‬الأمر‭ ‬ومن‭ ‬خطباء‭ ‬دور‭ ‬العبادة‭ ‬ومراكز‭ ‬الإصلاح‭ ‬الأسرية‭ ‬بتثقيف‭ ‬وتنوير‭ ‬المقبلين‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬خصوصا‭ ‬صغار‭ ‬السن‭ ‬الذين‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬مبكرة،‭ ‬فهذه‭ ‬الشرائح‭ ‬العمرية‭ ‬للأسف‭ ‬الكبير‭ ‬السواد‭ ‬الأعظم‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬يتحملون‭ ‬المسؤولية‭ ‬والأعباء‭ ‬والصبر‭ ‬والتحمل‭ ‬والتفاهم‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬التنازل‭ ‬والقبول‭ ‬بالوضع‭ ‬كما‭ ‬سار‭ ‬عليه‭ ‬آباؤهم‭ ‬وأمهاتهم‭ ‬في‭ ‬أشد‭ ‬الظروف‭ ‬وأصعب‭ ‬المواقف‭. ‬وعساكم‭ ‬عالقوة‭.‬