ومضة قلم

اختلاسات الأوقاف الجعفرية

| محمد المحفوظ

يبدو‭ ‬جليّا‭ ‬وبما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬للشك‭ ‬أنّ‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬عصيّة‭ ‬على‭ ‬التغيير،‭ ‬وأبلغ‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬أنّ‭ ‬مسلسل‭ ‬التجاوزات‭ ‬والاختلاسات‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬مستمرا‭ ‬رغم‭ ‬تعاقب‭ ‬الإدارات‭ ‬والوجوه‭ ‬وما‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬ومهنية‭. ‬بالأيام‭ ‬السالفة‭ ‬أصبحت‭ ‬قضية‭ ‬الخمسة‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬المختلسة‭ ‬من‭ ‬صندوق‭ ‬التبرعات‭ ‬والنذورات‭ ‬بمسجد‭ ‬الشيخ‭ ‬عزيز‭ ‬موضوع‭ ‬الديوانيات‭ ‬والمجالس‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬الأوقاف‭ ‬وبعد‭ ‬التحقيق‭ ‬مع‭ ‬المتهمين‭ ‬اضطرت‭ ‬إلى‭ ‬فصل‭ ‬الموظف‭ ‬بسبب‭ ‬الإهمال‭ ‬وتزوير‭ ‬الوثائق‭ ‬الحكومية‭ ‬والسرقة‭ ‬والاختلاس‭.‬

أما‭ ‬الذي‭ ‬يثير‭ ‬الدهشة‭ ‬والاستغراب‭ ‬أنّ‭ ‬مجلس‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجديد‭ ‬قرر‭ ‬سحب‭ ‬ملف‭ ‬القضية،‭ ‬والأدهى‭ ‬أنه‭ ‬عمد‭ ‬إلى‭ ‬تسكين‭ ‬الموظف‭ ‬المشكو‭ ‬ضده‭ ‬بشكل‭ ‬مؤقت‭ ‬بمكتب‭ ‬مسؤول‭ ‬رفيع‭ ‬بالمجلس‭ ‬وحتى‭ ‬دون‭ ‬مبرر‭ ‬مقنع،‭ ‬وبحسب‭ ‬ما‭ ‬توصلت‭ ‬إليه‭ ‬لجنة‭ ‬التحقيق‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬شبهة‭ ‬جنائية‭ ‬وتورط‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الموظفين،‭ ‬فإنها‭ ‬أحالت‭ ‬ملف‭ ‬التحقيق‭ ‬للنيابة‭ ‬العامة،‭ ‬أما‭ ‬الموقف‭ ‬الأشد‭ ‬غرابة‭ ‬فتمثل‭ ‬في‭ ‬الرد‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬الذي‭ ‬مثل‭ ‬خيبة‭ ‬أمل‭ ‬كبيرة‭ ‬بمحاولة‭ ‬تنصلها‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬برمتها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬فقد‭ ‬أملنا‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬إمكانية‭ ‬للإصلاح‭ ‬داخل‭ ‬إدارة‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭. ‬

على‭ ‬مدى‭ ‬سنوات‭ ‬فائتة‭ ‬كنا‭ ‬نطالب‭ ‬مجالس‭ ‬الإدارات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬بعدم‭ ‬استغفال‭ ‬الناس‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬تطرحه‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬وهمية،‭ ‬وذكرنا‭ ‬الأعضاء‭ ‬بأنّ‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يرصد‭ ‬كل‭ ‬تصريح‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬الإدارة،‭ ‬غير‭ ‬أنّ‭ ‬الذّي‭ ‬اتضح‭ ‬للجمهور‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬تعد‭ ‬به‭ ‬الإدارات‭ ‬المتعاقبة‭ ‬من‭ ‬مشروعات‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬إلا‭ ‬حبرا‭ ‬على‭ ‬ورق‭! ‬وإلا‭ ‬من‭ ‬منّا‭ ‬لا‭ ‬يتذكر‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬ما‭ ‬وعد‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬المنتهية‭ ‬بإحياء‭ ‬سوق‭ ‬الخميس‭ ‬التاريخي‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬الملاصقة‭ ‬للمسجد‭ ‬ضمن‭ ‬مشروع‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالتنمية‭ ‬الحضرية،‭ ‬كما‭ ‬أنّ‭ ‬الإدارة‭ ‬ذاتها‭ ‬وعدت‭ ‬بإقامة‭ ‬ما‭ ‬أسمته‭ ‬بالمسجد‭ ‬الذّكيّ‭! ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬موضعا‭ ‬لتندر‭ ‬الكثيرين‭ ‬لغرابته‭. ‬

الكارثة‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬الأوقاف‭ ‬الجعفرية‭ ‬أنّ‭ ‬جميع‭ ‬ما‭ ‬تُمني‭ ‬الناس‭ ‬به‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬مشروعات‭ ‬للاستهلاك،‭ ‬كم‭ ‬نتمنى‭ ‬لو‭ ‬أنّ‭ ‬الإدارة‭ ‬الجديدة‭ ‬تعاملت‭ ‬مع‭ ‬الجمهور‭ ‬بعقلية‭ ‬أخرى،‭ ‬فهناك‭ ‬جهة‭ ‬ترصد‭ ‬أي‭ ‬تجاوز‭ ‬تقع‭ ‬فيه‭ ‬متمثلة‭ ‬في‭ ‬ديوان‭ ‬الرقابة‭ ‬المالية‭ ‬والإدارية‭.‬