قهوة الصباح

القنَّاص والقنْص والمُقتنص

| سيد ضياء الموسوي

على‭ ‬قارعة‭ ‬الطريق‭ ‬ثمة‭ ‬أفئدة‭ ‬مصابة‭ ‬بالخيبة‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الوزراء،‭ ‬بعض‭ ‬يلتحف‭ ‬الخبز‭ ‬ليأكلَ‭ ‬أطرافه،‭ ‬بعض‭ ‬يحمل‭ ‬حقيبته‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬بصيص‭ ‬أمل‭ ‬على‭ ‬خارطة‭ ‬كونية‭ ‬بلا‭ ‬خرائط،‭ ‬آخر‭ ‬يصطاد‭ ‬آخر،‭ ‬أكسجين‭ ‬متبقٍ‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬اقتصادية‭ ‬تختنق‭ ‬من‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الفساد‭. ‬والسؤال‭ ‬من‭ ‬سيكون‭ ‬منقذ‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني‭ ‬والمضحي‭ ‬الأسطوري‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬منقذ‭ ‬اليونان‭ ‬في‭ ‬العصر‭ ‬القديم،‭ ‬ما‭ ‬سمي‭ ‬بـ‭ (‬سارق‭ ‬النار‭ ‬المقدسة”،‭ ‬الشعلة‭ ‬التي‭ ‬اختطفها‭ ‬بروميثيوس‭ ‬لإنقاذ‭ ‬المدينة‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬أسطورة‭ ‬التضحية‭ ‬في‭ ‬المخيلة‭ ‬اليونانية‭ ‬للأساطير؟‭ ‬أم‭ ‬ستكون‭ ‬المرحلة‭ ‬مرحلة‭ ‬صخرة‭ ‬‭(‬سيزيف‭) ‬الذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬إيصال‭ ‬الصخرة‭ ‬لقمة‭ ‬جبل‭ ‬الاقتصاد؟‭ ‬

عهد‭ ‬الولي‭ ‬هو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬الذي‭ ‬تطابق‭ ‬ثقافته‭ ‬ثقافة‭ ‬الأب‭ ‬الإصلاحي،‭ ‬الذي‭ ‬سبق‭ ‬المنطقة‭ ‬بالإصلاح،‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى،‭ ‬القائد‭ ‬الذي‭ ‬قاد‭ ‬اتقاد‭ ‬الموقد‭ ‬في‭ ‬القَد‭ ‬والمَقَد‭. ‬فهذا‭ ‬القناص‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬ذات‭ (‬نسرية‭) ‬العين‭ ‬في‭ ‬الحاكم‭ ‬الفاتح،‭ ‬وذات‭ ‬فراسة‭ ‬الأب‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬الرشيد‭. ‬إنه‭ ‬يحمل‭ ‬وهج‭ ‬جمال‭ ‬الموقع،‭ ‬وسحر‭ ‬الإيقاع،‭ ‬وسلاسة‭ ‬الروي،‭ ‬وإيقاع‭ ‬عزف‭ ‬الأصابع‭ ‬على‭ ‬بيانو‭ ‬الاقتصاد‭. ‬عقلية‭ ‬ليبرالية‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬البحرين،‭ ‬عوائل،‭ ‬وطوائف‭ ‬وتوجهات‭ ‬بثقافة‭ ‬ابن‭ ‬عربي‭:‬

 

لقدْ‭ ‬صارَ‭ ‬قلبي‭ ‬قابلًا‭ ‬كلَّ‭ ‬صورةٍ

فمَرْعًى‭ ‬لغِزْلاَنٍ‭ ‬وديرٌ‭ ‬لرُهْبانِ

أدينُ‭ ‬بدينِ‭ ‬الحبِّ‭ ‬أنَّـى‭ ‬توجَّهـتْ

رَكائِبُـهُ‭ ‬فالحُـبُّ‭ ‬ديني‭ ‬وإيماني

 

تجده‭ ‬في‭ ‬المسجد‭ ‬حاضرا،‭ ‬وفي‭ ‬المأتم‭ ‬معزيا،‭ ‬وعلى‭ ‬منصة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬محاضرا،‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاجه‭ ‬فريق‭ ‬متكامل‭ ‬من‭ ‬كوكتيل‭ ‬بشري‭ ‬إبداعي‭ ‬ليكمل‭ ‬الدور،‭ ‬ويصنع‭ ‬الاقتصاد‭ ‬كـ‭ ( ‬لي‭ ‬كوان‭ ‬يو‭ ) ‬صانع‭ ‬معجزة‭ ‬الاقتصاد‭ ‬السنغافوري،‭ ‬أو‭ ‬أسطورة‭ ‬إصلاح‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الهندي‭ (‬مانموهان‭ ‬سينغ”‭ ‬أو‭ ‬بطل‭ ‬اقتصاد‭ ‬كوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬بارك‭ ‬تشونج‭ ‬هي‭. ‬يمتلك‭ ‬سموه‭ ‬نطقًا‭ ‬عربيا‭ ‬فصيحا‭ ‬كجذر‭ ‬عربي‭ ‬تأصيلي‭ ‬مع‭ ‬لغة‭ ‬تستجمع‭ ‬مذاق‭ ‬التخاطب‭ ‬الجريء‭ ‬مع‭ ‬‭( ‬الإفرنجية‭ ) ‬الأوربية‭ ‬والأمريكية‭ ‬بلكنة‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬الوصول‭ ‬إليها‭ ‬حتى‭ ‬أصحاب‭ ‬اللغة‭ ‬الأم،‭ ‬وهي‭ ‬دليل‭ ‬آخر‭ ‬على‭ ‬ذكاء‭ ‬الاصطياد‭ ‬للإبداع‭ ‬في‭ ‬الشرع‭ ‬والمشروع‭ ‬والشراع،‭ ‬وفي‭ ‬ذات‭ ‬الواقع‭ ‬يمتد‭ ‬مع‭ ‬جذور‭ ‬الهوية‭ ‬الوجودية‭ ‬لذات‭ ‬الأرض‭ ‬متماسكة‭ ‬طولًا‭ ‬بوسطية‭ ‬الأيديولوجيا‭. ‬لا‭ ‬هو‭ ‬بسارتر‭ ‬في‭ ‬توجه،‭ ‬ولا‭ ‬هو‭ ‬بـ‭ (. ‬Bertrand Russell‭ ) ‬في‭ ‬مذاق‭ ‬ليبراليته،‭ ‬ولا‭ ‬بجلال‭ ‬الدين‭ ‬الرومي‭ ‬في‭ ‬طريقته،‭ ‬هو‭ ‬خليط‭ ‬بين‭ ‬نكهة‭ ‬فلسفة‭ ‬الماضي،‭ ‬بين‭ ‬الوجودية‭ ‬والأبدية،‭ ‬بين‭ ‬واقعية‭ ‬الجذور،‭ ‬وحداثة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحداثة‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬مشيل‭ ‬فوكو‭ ‬أو‭ ‬دريدا‭. ‬يبحث‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬ممنهجا‭ ‬يستهدف‭ ‬كل‭ ‬النظريات‭ ‬المتكدسة‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬آدم‭ ‬سميث،‭ ‬أو‭ ‬جون‭ ‬ناش،‭ ‬أو‭ ‬جون‭ ‬ماينارد‭ ‬كينز‭ ‬إلى‭ ‬ميلتون‭ ‬فريدمان‭ ‬وديفيد‭ ‬ريكاردو‭. ‬الخيار‭ ‬الوطني‭ ‬الملح‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬معه‭ ‬يدا‭ ‬بيد‭ ‬في‭ ‬تعميق‭ ‬الإصلاح‭ ‬والصلح‭ ‬والتصليح‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬الاقتصادية‭ ‬2030‭ ‬أو‭ ‬إستراتيجياته‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬من‭ ‬تحرير‭ ‬الاتصالات،‭ ‬أو‭ ‬إصلاح‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬أو‭ ‬إصلاح‭ ‬التعليم،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬برنامج‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬للمنح‭ ‬الدراسية‭ ‬العالمية‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي،‭ ‬بأن‭ ‬نصنع‭ ‬اقتصادًا‭ ‬لا‭ ‬يضعف‭ ‬التاجر‭ ‬ولا‭ ‬يهمل‭ ‬الفقير‭. ‬

وبين‭ ‬نبض‭ ‬المشروع‭ ‬ونبض‭ ‬المواطن‭ ‬والتاجر‭ ‬ثمة‭ ‬فرحة‭ ‬حبلى‭ ‬بالأمل‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سمو‭ ‬ولي‭ ‬العهد‭ ‬المنقذ‭ ‬لتعديل‭ ‬أوضاع‭ ‬السوق‭ ‬والاقتصاد،‭ ‬وعودة‭ ‬النبض‭ ‬نبضات‭ ‬لتكون‭ ‬ومضات‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬يحتاج‭ ‬الضمانات‭ ‬والضمادات‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬إرجاع‭ ‬تعريفة‭ ‬الكهرباء‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬بحرنة‭ ‬الأسواق‭ ‬والقطاعات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬إنقاذه‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬التجاري‭ ‬والعقاري‭ ‬والمالي‭ ‬أو‭ ‬حل‭ ‬البطالة‭ ‬بطرق‭ ‬جديدة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬أرقام‭ ‬وزارة‭ ‬العمل‭. ‬أقول‭: ‬كما‭ ‬هي‭ ‬بصمات‭ ‬سموه‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬والعلائق‭ ‬المجتمعية‭ ‬باقية‭ ‬ومستمرة،‭ ‬ستستمر‭ ‬تحمل‭ ‬السِفر‭ ‬والسَفر‭ ‬والإسفار‭ ‬لسفور‭ ‬الأمل‭ ‬على‭ ‬ناصية‭ ‬السمر‭ ‬والتسامر،‭ ‬رماية‭ ‬صيد،‭ ‬ورياضة‭ ‬بحر،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬في‭ ‬صيد‭ ‬السياسة‭ ‬ورماية‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وبحر‭ ‬الاجتماع‭. ‬ذاك‭ ‬هو‭ ‬أبو‭ ‬عيسى،‭ ‬خلاصة‭ ‬بين‭ ‬سمو‭ ‬الأب‭ ‬وعلو‭ ‬الابن،‭ ‬الرجاء‭ ‬والمرجو‭ ‬والمرتجى‭.‬