الانتفاضة التي رسمت الطريق لإسقاط نظام الملالي

| فلاح هادي الجنابي

طوال‭ ‬40‭ ‬عاما‭ ‬من‭ ‬الحكم‭ ‬القمعي‭ ‬الاستبدادي‭ ‬لنظام‭ ‬الملالي‭ ‬في‭ ‬طهران،‭ ‬حيث‭ ‬شاهد‭ ‬العالم‭ ‬أنواعا‭ ‬وأشكالا‭ ‬غريبة‭ ‬من‭ ‬المهاترات‭ ‬والرؤى‭ ‬السياسية‭ ‬لهذا‭ ‬النظام،‭ ‬وشهد‭ ‬ممارسات‭ ‬فريدة‭ ‬من‭ ‬نوعها‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬عموما‭ ‬والمرأة‭ ‬خصوصا،‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬جدا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬العالم‭ ‬بإمكانه‭ ‬تقبل‭ ‬هكذا‭ ‬نظام‭ ‬مشوه‭ ‬منقطع‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬ليتعايش‭ ‬معه،‭ ‬ولاسيما‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬صار‭ ‬واضحا‭ ‬وضوح‭ ‬الشمس‭ ‬في‭ ‬عز‭ ‬النهار‭ ‬أنه‭ ‬بؤرة‭ ‬تصدير‭ ‬التطرف‭ ‬الديني‭ ‬والإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬المنطقة‭ ‬والعالم‭.‬

انتفاضة‭ ‬15‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬2019،‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬ضد‭ ‬هذا‭ ‬النظام،‭ ‬والتي‭ ‬قادتها‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬باعتراف‭ ‬قادة‭ ‬النظام‭ ‬ومسؤوليه،‭ ‬جاءت‭ ‬لتؤكد‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬وقبل‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬رفض‭ ‬ويرفض‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الدجال‭ ‬رفضا‭ ‬قاطعا،‭ ‬وأنه‭ ‬عندما‭ ‬أعلن‭ ‬موقفه‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الانتفاضة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬2017،‭ ‬حيث‭ ‬طالب‭ ‬بإسقاطه‭ ‬فإنه‭ ‬كرر‭ ‬الموقف‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الأخيرة‭ ‬بما‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الشعب‭ ‬الإيراني‭ ‬شعب‭ ‬واع‭ ‬ويؤمن‭ ‬بالتعايش‭ ‬السلمي‭ ‬بين‭ ‬الشعوب‭ ‬وتفاعلها‭ ‬معا،‭ ‬وببناء‭ ‬صرح‭ ‬الحضارة‭ ‬الإنسانية‭ ‬جنبا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬الأخرى‭.‬

بعد‭ ‬انتفاضة‭ ‬15‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬2019،‭ ‬وما‭ ‬أعقبها‭ ‬من‭ ‬احتجاجات‭ ‬غاضبة‭ ‬متواصلة،‭ ‬تأكدت‭ ‬حقيقة‭ ‬مهمة‭ ‬للمتابعين‭ ‬للشأن‭ ‬الإيراني،‭ ‬تتعلق‭ ‬بحجم‭ ‬ومستوى‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬اضطلعت‭ ‬وتضطلع‭ ‬به‭ ‬منظمة‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الأوضاع‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬خصوصا‭ ‬الدور‭ ‬والنشاطات‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بها‭ ‬معاقل‭ ‬الانتفاضة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إبقاء‭ ‬روح‭ ‬الرفض‭ ‬والتصدي‭ ‬والمقاومة‭ ‬ضد‭ ‬النظام،‭ ‬وبالأوضاع‭ ‬الحالية‭ ‬التي‭ ‬يصفها‭ ‬النظام‭ ‬نفسه‭ ‬بأنها‭ ‬نار‭ ‬تحت‭ ‬الرماد،‭ ‬فإن‭ ‬رعب‭ ‬النظام‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الدور‭ ‬الذي‭ ‬تقوم‭ ‬به‭ ‬التنظيمات‭ ‬والتشكيلات‭ ‬الداخلية‭ ‬لمجاهدي‭ ‬خلق‭ ‬والمقاومة‭ ‬الإيرانية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تهيئة‭ ‬أفضل‭ ‬الأجواء‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬إسقاط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬انتفاضة‭ ‬28‭ ‬كانون‭ ‬الأول‭ ‬2017،‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬إعلان‭ ‬عن‭ ‬سقوط‭ ‬جدار‭ ‬الخوف‭ ‬والرعب‭ ‬الذي‭ ‬بناه‭ ‬النظام‭ ‬طوال‭ ‬4‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬عمره‭ ‬الكريه،‭ ‬فإن‭ ‬انتفاضة‭ ‬15‭ ‬تشرين‭ ‬الثاني‭ ‬2019،‭ ‬أكدت‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وبينت‭ ‬استحالة‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬الديكتاتوري‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬سياسة‭ ‬الحديد‭ ‬والنار‭ ‬وأن‭ ‬يبقى‭ ‬الشعب‭ ‬خاضعا‭ ‬له،‭ ‬وحالة‭ ‬الرعب‭ ‬وعدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬ويواجهها‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬حاليا،‭ ‬تؤكد‭ ‬أن‭ ‬الانتفاضة‭ ‬الأخيرة‭ ‬حققت‭ ‬هدفها‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬بكل‭ ‬أركانه‭ ‬ليس‭ ‬إلا‭ ‬مجرد‭ ‬قزم‭ ‬صغير‭ ‬أمام‭ ‬إرادة‭ ‬الشعب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬قرر‭ ‬حسم‭ ‬الأمور‭ ‬وطي‭ ‬صفحة‭ ‬الظلام‭ ‬الدامس‭ ‬للطغمة‭ ‬الدينية‭ ‬الحاكمة‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬وذلك‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬بعيدا‭ ‬أبدا‭. ‬“الحوار”‭.‬