سوالف

2020... ما أجمل العالم الذي يركض كالطفل خلف الفراشات

| أسامة الماجد

سيغيب‭ ‬يوم‭ ‬غد‭ ‬الأربعاء‭ ‬عام‭ ‬2019‭ ‬عن‭ ‬خريطة‭ ‬البشرية‭ ‬إلى‭ ‬الأبد،‭ ‬وسيرتاح‭ ‬في‭ ‬عين‭ ‬الماضي‭ ‬ويقبع‭ ‬في‭ ‬الظلام،‭ ‬سينتهي‭ ‬بانسداد‭ ‬أفقه‭ ‬وشرايينه‭ ‬وسيهوي‭ ‬إلى‭ ‬قاع‭ ‬بلا‭ ‬قرار،‭ ‬سينتهي‭ ‬بمآسيه‭ ‬وحروبه‭ ‬وآلامه‭ ‬وأحزانه،‭ ‬لكن‭ ‬ستبقى‭ ‬تصرفات‭ ‬البشر‭ ‬اليومية‭ ‬منها،‭ ‬وغير‭ ‬اليومية،‭ ‬العادية‭ ‬وغير‭ ‬العادية‭ ‬كما‭ ‬هي،‭ ‬لأن‭ ‬صفة‭ ‬الشر‭ ‬والطغيان‭ ‬لصيقة‭ ‬بالإنسان،‭ ‬هذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬جذبته‭ ‬أخلاقيات‭ ‬الحروب‭ ‬والدمار،‭ ‬وقد‭ ‬أثبت‭ ‬التاريخ‭ ‬عبر‭ ‬قرونه‭ ‬ومنذ‭ ‬الأزل‭ ‬أن‭ ‬أخلاقيات‭ ‬الدمار‭ ‬والحروب‭ ‬المؤشر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لسقوط‭ ‬الإنسان‭ ‬وما‭ ‬أبشع‭ ‬أن‭ ‬يسقط‭ ‬الإنسان‭.‬

غدا‭ ‬سترتوي‭ ‬الأرض‭ ‬بمياه‭ ‬عام‭ ‬جديد‭ (‬2020‭)‬،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭.. ‬هل‭ ‬سيعيد‭ ‬الإنسان‭ ‬الاسطوانة‭ ‬القديمة،‭ ‬اسطوانة‭ ‬الدمار‭ ‬والحروب‭ ‬والتطاحن،‭ ‬وسيترك‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬ما‭ ‬يعج‭ ‬بالموت‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والنوم‭ ‬بثوب‭ ‬التعساء‭ ‬والبؤساء‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬غبية،‭ ‬وتصفية‭ ‬حسابات‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬العصور‭ ‬الهمجية،‭ ‬وهل‭ ‬سنشم‭ ‬عبر‭ ‬قارات‭ ‬العالم‭ ‬ومحيطاته‭ ‬روائح‭ ‬الدماء‭ ‬الساخنة،‭ ‬وسنسمع‭ ‬أصوات‭ ‬المدافع‭ ‬والرشاشات‭ ‬والمسدسات‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬موسيقى‭ ‬هذا‭ ‬العصر،‭ ‬أم‭ ‬ستكون‭ ‬سنة‭ ‬2020‭ ‬سنة‭ ‬خير‭ ‬وسلام،‭ ‬وستعود‭ ‬فيها‭ ‬الطيور‭ ‬الأصيلة‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬هجرتها‭ ‬إلى‭ ‬السماء‭ ‬الدافئة،‭ ‬وستعيش‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬بيننا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تعذبت‭ ‬من‭ ‬الشرور‭ ‬والأغلال‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدمي‭ ‬أعناقها‭. ‬فالأرض‭ ‬ليست‭ ‬للإنسان‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬للطير‭  ‬والحيوان‭ ‬وكل‭ ‬مخلوقات‭ ‬الله،‭ ‬وليس‭ ‬هذا‭ ‬شيئا‭ ‬غريبا،‭ ‬لكن‭ ‬الغريب‭ ‬ما‭ ‬يفعله‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الكون‭ ‬وفي‭ ‬تربة‭ ‬الكون،‭ ‬تركيب‭ ‬غريب‭ ‬لهذا‭ ‬الإنسان‭ ‬الذي‭ ‬ينسى‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬ويحرق‭ ‬أرضه‭ ‬وبيته‭ ‬ويجلب‭ ‬الهلاك‭ ‬لنفسه‭.‬

لن‭ ‬أجلد‭ ‬الإنسانية‭ ‬بسياط‭ ‬التشاؤم،‭ ‬لكنني‭ ‬أتمنى‭ ‬أن‭ ‬تعود‭ ‬الأنهار‭ ‬الطاهرة‭ ‬للتدفق‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬أمام‭ ‬أعيننا،‭ ‬ومعها‭ ‬معاني‭ ‬الخير‭ ‬والجمال‭ ‬والحب،‭ ‬وتزول‭ ‬رغبة‭ ‬الحروب‭ ‬والدمار‭ ‬والانتقام‭ ‬وكل‭ ‬أشكال‭ ‬الانتكاسات،‭ ‬لينعم‭ ‬العالم‭ ‬بالطمأنينة‭ ‬والسلام‭ ‬بدل‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭ ‬والحروب،‭ ‬وكما‭ ‬قال‭ ‬الأديب‭ ‬الروسي‭ ‬العظيم‭ ‬“تورجنيف”‭.. ‬ما‭ ‬أجمل‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يركض‭ ‬كالطفل‭ ‬خلف‭ ‬الفراشات‭.‬