الكلامنجي قد يبهر بعضنا بعض الوقت ولكنه...
| أحمد البحر
راقني هذا المصطلح، أقصد الكلامنجي، كثيرًا فبحثت عن معناه، وراقني أكثر نطقه باللهجة المصرية الجميلة وزادني ذلك شغفًا فجعلته عنوانًا لمقالتي هذه. فماذا يعني هذا المصطلح؟ استوقفتني العبارة التالية التي ربما تختزل بعض صفات هذا الكلامنجي وتفسّر بعض ملامح شخصيته تقول العبارة وهي باللهجة المصرية: ’’بيتكلم كتير وكلامه معسول‘‘.
ولكن التفسير الذي أعجبني وأخاله أقرب إلى الواقع وأكثر التصاقًا بالموقف الذي أنا بصدد وضعه أمامك سيدي القارئ هو ذلك الذي يعرّف الكلامنجي بأنه: ’’محترف الكلام وقادر على الوعد بألف وعد ولكن عند مطالبته بالتنفيذ لا تأخذ منه شيئًا‘‘ يمكننا القول إذن، إن الكلامنجي ماهر في الكلام وقد يبهر البعض لبعض الوقت، ولكن هل يمكنه أن يبهرنا كل الوقت؟ إليك هذا الموقف سيدي القارئ:
بعد انتهاء المقابلة الشخصية مع أحد المتقدمين لشغل وظيفة مدير، قال الرئيس التنفيذي مخاطبًا أعضاء اللجنة: في رأيي أن هذا المرشح هو الأنسب للوظيفة، فهو يمتلك الخبرة المتجددة والمؤهلات الأكاديمية والمهنية المطلوبة. ساند أحد النواب رأي الرئيس مضيفًا: لقد أخذ هذا المرشح أكثر من نصف ساعة وهو يتحدّث عن إنجازاته كما أنه رسم لنا استراتيجيته ورؤيته لتطوير العمل ووضع أمامنا خطة عمل لتنفيذها. أنا مع اختيار هذا المرشح.
أما مسؤول الموارد البشرية فقد علق قائلاً: أتفق معكما ولكن لدي سؤال وطلب. السؤال هو: لماذا يريد هذا المرشح ترك مؤسسته الحالية علمًا أنه يشغل نفس المنصب هناك؟ أمّا الطلب فهو أن تأذنوا لي بالاتصال بمؤسسته للتأكد من صحة الإنجازات التي ذكرها. ملاحظتي أنه كثير الكلام، وهو ليس بمستمع جيد. ثم أن تأكيده بالدوام معنا خلال 3 أيام فقط يثير بعض الاستغراب خصوصا أنه في منصب قيادي. أصرّ الرئيس على رأيه وتم التعيين.
بعد مرور 6 شهور طلب نائب الرئيس من مسؤول الموارد البشرية إنهاء عقده مبرّرًا أن هذا الشخص وخلال تلك المدة لم يكن له أي إنجاز يذكر، بل كان يردّد وباستمرار أن لديه رؤية واستراتيجية وأهدافًا ستنقل المؤسسة إلى مصاف تلك الأكثر تقدمًا ولكننا في الواقع لم نلمس شيئًا. نحمد الله قارئي الكريم، أن الكلامنجية لم تصل إلى مستوى الظاهرة وإلا أصبحت المؤسسات كالسفينة التي قبطانها الريح. ما رأيك سيدي القارئ؟