وداعـًا عـام 2019

| عبدعلي الغسرة

نحن‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬وعلى‭ ‬مشارف‭ ‬2020م،‭ ‬ينتهي‭ ‬عام‭ ‬بأشهره‭ ‬وأحداثه‭ ‬الوطنية‭ ‬والدولية،‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬فالبعض‭ ‬منا‭ ‬رأى‭ ‬أيامه‭ ‬عابرة‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وأن‭ ‬الأيام‭ ‬القادمة‭ ‬ستستمر‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الزمان،‭ ‬ومنا‭ ‬مَن‭ ‬يتبصر‭ ‬فيها‭ ‬ويستلهم‭ ‬مما‭ ‬حدث‭ ‬له‭ ‬فيها‭ ‬ليستفيد‭ ‬من‭ ‬عِبرها‭ ‬ويتخطى‭ ‬آلامها‭ ‬وينهض‭ ‬بذاته‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬سنة‭ ‬أفضل،‭ ‬كذلك‭ ‬الدول‭ ‬كالأفراد،‭ ‬فبعض‭ ‬الدول‭ ‬ترى‭ ‬أنها‭ ‬سنة‭ ‬رحلت‭ ‬بمرِها‭ ‬وحلوها‭ ‬وتستعد‭ ‬لسنة‭ ‬قادمة‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأفضل‭ ‬لها‭.‬

عام‭ ‬2019م‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬الأعوام‭ ‬السالفة،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نتمنى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬2020م‭ ‬أفضل‭ ‬منه،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬استمرت‭ ‬المعارك‭ ‬والحروب‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بسنوات‭ ‬ولم‭ ‬يحل‭ ‬السلام‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المتحاربة،‭ ‬بل‭ ‬الاختلافات‭ ‬والتدخلات‭ ‬الخارجية‭ ‬زادت‭ ‬نيرانها‭ ‬التي‭ ‬راحت‭ ‬الشعوب‭ ‬ضحية‭ ‬لها،‭ ‬وزادت‭ ‬مساحة‭ ‬الصراع‭ ‬واشتد‭ ‬النزاع‭ ‬بين‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفصائل‭ ‬السياسية‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬استبدلت‭ ‬الحوار‭ ‬بالدم‭ ‬والأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬بالفوضى‭ ‬والخراب‭ ‬فخسرت‭ ‬الأوطان‭ ‬كل‭ ‬شيء،‭ ‬بجانب‭ ‬العمليات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وفواجع‭ ‬وحوادث‭ ‬الطبيعة‭ ‬من‭ ‬فيضانات‭ ‬وسيول‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬مناطق‭ ‬العالم‭.‬

وسيرحل‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬ومازالت‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬ترابنا‭ ‬العربي‭ ‬تحت‭ ‬الاحتلال‭ ‬والسيطرة‭ ‬الأجنبية‭ (‬إقليم‭ ‬الأحواز،‭ ‬لواء‭ ‬الإسكندرون،‭ ‬فلسطين‭ ‬والجزر‭ ‬العربية‭ ‬الثلاث‭)‬،‭ ‬ومازالت‭ ‬جامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬سباتٍ،‭ ‬وملفات‭ ‬أزماتنا‭ ‬العربية‭ ‬تتولاها‭ ‬دكاكين‭ ‬التجارة‭ ‬السياسية‭ ‬الغربية،‭ ‬نملك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬الاقتصادية‭ ‬من‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية‭ ‬وطبيعية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬دولنا‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬المديونية‭ ‬وعجزها‭ ‬المستديم،‭ ‬وخيرات‭ ‬وطننا‭ ‬العربي‭ ‬الكبير‭ ‬تنساب‭ ‬إلى‭ ‬الخارج‭ ‬لتتعاظم‭ ‬اقتصاديات‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬وتبقى‭ ‬أقطارنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬العوز‭ ‬والحاجة‭.‬

ومع‭ ‬أوجاع‭ ‬عام‭ ‬2019م‭ ‬الذي‭ ‬مازال‭ ‬البعض‭ ‬ينزف‭ ‬من‭ ‬آلامه‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬سنستقبل‭ ‬2020م‭ ‬وسنغتنم‭ ‬أوقاته‭ ‬الفاضلة‭ ‬وسنواجه‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬نستطيع‭ ‬أوقاته‭ ‬العصيبة،‭ ‬وسنمد‭ ‬أنفسنا‭ ‬ووطننا‭ ‬منه‭ ‬بالأعمال‭ ‬الصالحة،‭ ‬لنعيش‭ ‬معًا‭ ‬في‭ ‬أمنٍ‭ ‬وسكينة‭ ‬وتعايش‭ ‬ومحبة،‭ ‬فهل‭ ‬سيتحمل‭ ‬2020م‭ ‬هذه‭ ‬التركة‭ ‬المتراكمة‭ ‬والثقيلة‭ ‬من‭ ‬المآسي‭ ‬والأحداث‭ ‬لما‭ ‬سلف‭ ‬من‭ ‬السنين،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬سيأتي‭ ‬سيكون‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وأكثر‭ ‬تأزمًا‭ ‬مما‭ ‬سبق؟‭ ‬

في‭ ‬ظل‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬ويحدث‭ ‬نأمل‭ ‬جميعًا‭ ‬أن‭ ‬يحل‭ ‬السكون‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬القتال‭ ‬المتعددة،‭ ‬وأن‭ ‬يحدث‭ ‬الانفراج‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬مصالحها‭ ‬ومصالح‭ ‬شعوبها،‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬قادرين‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬أزماتنا‭ ‬وإدارتها‭ ‬وإدارة‭ ‬ثرواتنا،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يذهب‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬مخذولا‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬السنين‭ ‬السابقة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬من‭ ‬تحت‭ ‬ركام‭ ‬الأحداث‭ ‬وأنقاض‭ ‬الفواجع‭.‬