ريشة في الهواء

قبل أن يصبح الركود ركودا!

| أحمد جمعة

كان‭ ‬سابقا‭ ‬عند‭ ‬سن‭ ‬رسوم‭ ‬جديدة،‭ ‬يتم‭ ‬الإعلان‭ ‬عنها‭ ‬بخجلٍ‭ ‬وأسلوب‭ ‬هادئ‭ ‬وبعيد‭ ‬عن‭ ‬الضجة،‭ ‬وقبل‭ ‬الآن‭ ‬كان‭ ‬المواطن‭ ‬يعلن‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬سخطه‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬الأسعار‭ ‬بكل‭ ‬المواد‭ ‬وخصوصا‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬كالطعام،‭ ‬ويبدو‭ ‬أنه‭ ‬توقف‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬لفقده‭ ‬الأمل‭ ‬وخيبته‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتابع‭ ‬ويرصد‭ ‬الأسعار‭ ‬ويقدم‭ ‬المتلاعبين‭ ‬للتحقيق،‭ ‬وقبل‭ ‬الآن‭ ‬كانت‭ ‬الدوائر‭ ‬والوزارات‭ ‬الخدمية‭ ‬تحتوي‭ ‬قسما‭ ‬أو‭ ‬زاوية‭ ‬صغيرة‭ ‬يرد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬موظف‭ ‬صغير‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يطرح‭ ‬بالصحافة‭ ‬استجابة‭ ‬لطلب‭ ‬المسؤول‭ ‬بالتفاعل‭ ‬مع‭ ‬الصحافة‭ ‬ووسائل‭ ‬الإعلام،‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الردود‭ ‬عادة‭ ‬مكررة‭ ‬ولا‭ ‬تجيب‭ ‬على‭ ‬التساؤلات،‭ ‬وأنا‭ ‬شخصيًا‭ ‬تحدثت‭ ‬مع‭ ‬مسؤولين‭ ‬بقسم‭ ‬خدمات‭ ‬المستهلكين‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬ونقلت‭ ‬لهم‭ ‬شكاوى‭ ‬واضحة‭ ‬وجلية‭ ‬المعالم‭ ‬ولا‭ ‬غبار‭ ‬عليها‭ ‬بشأن‭ ‬التلاعب‭ ‬بالأسعار،‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬جواب‭ ‬تلقيته‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬فرض‭ ‬أسعار‭ ‬محددة‭ ‬على‭ ‬السلع‭ ‬لأن‭ ‬لكل‭ ‬سوبرماركت‭ ‬سياسته‭ ‬الخاصة‭!‬

عموما‭ ‬الموضوع‭ ‬ليس‭ ‬محصورا‭ ‬بالسوبر‭ ‬ماركت‭ ‬والسلع،‭ ‬والأسواق،‭ ‬الموضوع‭ ‬الأهم‭ ‬الوزارات‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الرسمية‭ ‬الحكومية‭ ‬التي‭ ‬بدأت‭ ‬سياسة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬فرض‭ ‬رسوم‭ ‬سرية‭ ‬ودون‭ ‬إعلان،‭ ‬وبلا‭ ‬ضجة،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬مفاجآت‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬لفت‭ ‬الأنظار،‭ ‬فالبريد‭ ‬ورسوم‭ ‬صناديق‭ ‬البريد‭ ‬تم‭ ‬رفع‭ ‬الرسوم‭ ‬فيها‭ ‬وتسجيل‭ ‬السيارات‭ ‬أيضا،‭ ‬ورسوم‭ ‬البلدية‭ ‬على‭ ‬أكياس‭ ‬القمامة‭ ‬قائمة‭ ‬رغم‭ ‬عدم‭ ‬توفر‭ ‬الأكياس‭ ‬بغالبية‭ ‬الوقت‭ ‬والمواطن‭ ‬يدفع‭ ‬ويدفع‭ ‬الرسوم،‭ ‬وهناك‭ ‬رسوم‭ ‬في‭ ‬المطار‭ ‬ورسوم‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬ورسوم‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬تذهب‭ ‬إليه،‭ ‬وفوق‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬ضريبة‭ ‬القيمة‭ ‬المضافة،‭ ‬وفوق‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬يقال‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬تطبق‭ ‬نظام‭ ‬الضرائب،‭ ‬هل‭ ‬بقي‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬راتبه‭ ‬ليدفعه‭ ‬رسوما‭ ‬للضرائب؟

ليس‭ ‬لدي‭ ‬اعتراض‭ ‬على‭ ‬فرض‭ ‬الرسوم،‭ ‬ففي‭ ‬كل‭ ‬بلاد‭ ‬الدنيا‭ ‬هناك‭ ‬رسوم‭ ‬وضرائب،‭ ‬لكن‭ ‬يرافق‭ ‬هذه‭ ‬الرسوم‭ ‬والضرائب‭ ‬شرطان،‭ ‬الأول‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الأسعار‭ ‬وعدم‭ ‬ترك‭ ‬الأسواق‭ ‬تتلاعب‭ ‬بالمستهلك،‭ ‬والثاني‭ ‬رفع‭ ‬الرواتب‭ ‬بين‭ ‬حينٍ‭ ‬وآخر،‭ ‬كل‭ ‬عدة‭ ‬سنوات،‭ ‬والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يئس‭ ‬المواطن‭ ‬منه‭ ‬منذ‭ ‬متى‭ ‬لم‭ ‬تشهد‭ ‬الرواتب‭ ‬حركة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬بمستوى‭ ‬حركة‭ ‬السلحفاة؟

أدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬الذي‭ ‬أكتبهُ‭ ‬وكتبه‭ ‬الزملاء‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الصحافة‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬رد‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬رسمية،‭ ‬وأكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬سيظل‭ ‬الحديث‭ ‬في‭ ‬الأسعار‭ ‬والرواتب‭ ‬والرسوم‭ ‬قائماً،‭ ‬طالما‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬تأخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬وتحرك‭ ‬السوق‭ ‬وتنشط‭ ‬القوة‭ ‬الشرائية‭ ‬لدى‭ ‬المواطن‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬انخفاضا‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬وبالتالي‭ ‬خلق‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بالركود‭ ‬الذي‭ ‬من‭ ‬مظاهره‭ ‬أن‭ ‬المواطن‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬يغريه‭ ‬الشراء‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬التخفيضات‭ ‬80‭ % ‬وهذه‭ ‬علامة‭ ‬سيئة‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬يجب‭ ‬تأملها‭ ‬ودراستها‭ ‬ومعالجتها‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصبح‭ ‬الركود‭ ‬روتينياً‭.‬

 

تنويرة‭: ‬

كثرة‭ ‬العثرات‭ ‬تفرض‭ ‬عليك‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬طريقك‭.‬