مقامات “أبو الحديد”... في أمنيات العام الجديد

| سعيد محمد

حدثنا‭ ‬الولي‭ ‬الصالح‭ ‬صاحب‭ ‬المجد‭ ‬العتيد،‭ ‬والتاريخ‭ ‬التليد،‭ ‬والمناقب‭ ‬المأثورة‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭.. ‬السعيد‭ ‬المجيد‭ ‬بن‭ ‬أبي‭ ‬الحديد،‭ ‬عن‭ ‬أبواب‭ ‬هي‭ ‬للأمنيات‭ ‬والآمال‭ ‬والطموحات‭ ‬مفتوحة،‭ ‬ونوافذ‭ ‬تطل‭ ‬على‭ ‬أسعد‭ ‬المقامات‭ ‬في‭ ‬“الجية‭ ‬والروحة”،‭ ‬وعما‭ ‬يملأ‭ ‬القلوب‭ ‬والنفوس‭ ‬والأرواح‭ ‬من‭ ‬أمنيات‭ ‬العيش‭ ‬في‭ ‬بحبوحة،‭ ‬فقال‭ ‬أعلى‭ ‬الله‭ ‬مقامه،‭ ‬وهو‭ ‬يستعد‭ ‬لبدء‭ ‬دوامه،‭ ‬ويستعيذ‭ ‬بالله‭ ‬العلي‭ ‬العظيم‭ ‬من‭ ‬الشيطان‭ ‬الرجيم‭ ‬ومن‭ ‬النفس‭ ‬اللوامة،‭ ‬إن‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬الخير‭ ‬صائرة،‭ ‬وما‭ ‬على‭ ‬بني‭ ‬البشر‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يكونوا‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬العزائم‭ ‬والنوايا‭ ‬الصابرة‭.‬

خاطب‭ ‬الولي‭ ‬الطيب‭ ‬أبي‭ ‬الحديد‭ ‬الناس‭ ‬عن‭ ‬أمنيات‭ ‬العام‭ ‬الجديد،‭ ‬فبدأ‭ ‬أول‭ ‬ما‭ ‬بدأ‭ ‬بالشتيمة،‭ ‬وابتعد‭ ‬عن‭ ‬الملافظ‭ ‬الكريمة،‭ ‬واستغرب‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬دهشة،‭ ‬فكيف‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬كلام‭ ‬صاحب‭ ‬الأقوال‭ ‬الحكيمة؟‭ ‬لكنهم‭ ‬على‭ ‬هون‭ ‬صبروا،‭ ‬وانتظروا‭ ‬حتى‭ ‬ينهي‭ ‬خطابه،‭ ‬فلعل‭ ‬في‭ ‬خاتمته‭ ‬ما‭ ‬يسعد‭ ‬أحبابه،‭ ‬أو‭ ‬فيه‭ ‬من‭ ‬الخلاصة‭ ‬ما‭ ‬ينفع‭ ‬لبابه‭.. ‬فواصل‭ ‬الكلام‭ ‬في‭ ‬غضب،‭ ‬كأنه‭ ‬والحال‭ ‬نار‭ ‬تشتعل‭ ‬في‭ ‬كومة‭ ‬من‭ ‬الحطب،‭ ‬وزاد‭ ‬قوله‭ ‬“هذا‭ ‬هو‭ ‬العام‭ ‬الجديد‭ ‬قد‭ ‬أتى‭ ‬يجر‭ ‬أذياله‭.. ‬فلا‭ ‬ترسلوا‭ ‬التهاني،‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬نغمة‭ ‬الأماني‭.. ‬سئمت‭ ‬مما‭ ‬تملأون‭ ‬الجيب‭ ‬من‭ ‬أحلام،‭ ‬بأن‭ ‬يعم‭ ‬الخير‭ ‬والسلام،‭ ‬ويسعد‭ ‬الأنام،‭ ‬فكل‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬مكرور‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬الزمان،‭ ‬وكرور‭ ‬الأيام،‭ ‬ونسمع‭ ‬الناس‭ ‬تلوكه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭.. ‬وذاك‭ ‬أسوأ‭ ‬السواد،‭ ‬حين‭ ‬نمني‭ ‬النفس‭ ‬والعباد‭.. ‬بأن‭ ‬عامنا‭ ‬الآتي‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬جميل‭.. ‬وفيه‭ ‬يحلو‭ ‬النغم‭ ‬الأصيل‭.. ‬وفيه‭ ‬الفرج‭ ‬المفرح‭ ‬للقصير‭ ‬والطويل،‭ ‬لن‭ ‬نسمع‭ ‬الصراخ‭ ‬والعويل‭.. ‬بل‭ ‬كلما‭ ‬فيه‭ ‬بعون‭ ‬الله‭ ‬يملأ‭ ‬النفوس‭ ‬بالحمد‭ ‬وبالشكر‭ ‬الجزيل”‭.‬

وواصل‭ ‬الحديث‭ ‬“قبل‭ ‬قليل‭ ‬قلت‭ ‬والحال‭ ‬على‭ ‬رأسي‭ ‬كما‭ ‬النفيخ‭.. ‬وحالكم‭ ‬كما‭ ‬العطشان‭ ‬يعدو‭ ‬في‭ ‬رمال‭ ‬من‭ ‬زخيخ‭.. ‬لا‭ ‬تخدعوا‭ ‬أنفسكم،‭ ‬فلا‭ ‬سلم‭ ‬ولا‭ ‬غنى‭ ‬ولا‭ ‬رفاه‭ ‬ولا‭ ‬بطيخ‭.. ‬في‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬نتمنى‭ ‬تنتهي‭ ‬الحروب‭.. ‬ونقطع‭ ‬الدروب‭.. ‬بلا‭ ‬خوف‭ ‬ولا‭ ‬هلع‭ ‬يسكن‭ ‬في‭ ‬القلوب‭.. ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الحروب‭ ‬مستمرة‭.. ‬فأين‭ ‬أمنياتكم‭ ‬بأن‭ ‬يحل‭ ‬ذلك‭ ‬السلام؟‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الضرائب‭ ‬الثقيلة‭ ‬مستقرة،‭ ‬فأين‭ ‬ذلك‭ ‬الرفاه‭ ‬والوئام؟‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬اشتعال،‭ ‬لا‭ ‬ترحم‭ ‬الآباء‭ ‬والعيال،‭ ‬وها‭ ‬هي‭ ‬الديون‭ ‬فوق‭ ‬ظهرنا،‭ ‬تقطع‭ ‬منا‭ ‬شهقة‭ ‬وزفرة،‭ ‬كأننا‭ ‬المخنوق‭ ‬بالحبال”‭.. ‬ثم‭ ‬بكى‭ ‬أبو‭ ‬الحديد‭ ‬في‭ ‬ألم‭.. ‬لكنه‭ ‬قال‭ ‬وفي‭ ‬عينيه‭ ‬دمعة‭ ‬لماعة‭.. ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬يا‭ ‬جماعة‭.. ‬استقبلوا‭ ‬عامًا‭ ‬جديدًا‭ ‬بالدعاء،‭ ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬ولا‭ ‬تثريب‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬لكم‭ ‬وداعة‭.. ‬ستنتهي‭ ‬الحروب،‭ ‬وتنتهي‭ ‬المجاعة،‭ ‬وتصبح‭ ‬الأسعار‭ ‬في‭ ‬قائمة‭ ‬الشفاعة‭.. ‬فلتحلموا‭ ‬بالخير‭ ‬تحصدوه‭.. ‬وعامكم‭ ‬سعيد‭.. ‬تذكروا‭.. ‬قال‭ ‬أبو‭ ‬الحديد‭.. ‬في‭ ‬خطبة‭ ‬جميلة‭ ‬بيوم‭ ‬هادئ‭ ‬ومنعش‭.. ‬تفاءلوا‭ ‬بالمشمش‭.‬