العمق الآسيوي

| د. عبدالله الحواج

هي‭ ‬بصيرة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬الوطن‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬ارحب،‭ ‬واجتلاء‭ ‬ذلك‭ ‬الذي‭ ‬يفتح‭ ‬الآفاق،‭ ‬ويمهد‭ ‬السبل‭ ‬نحو‭ ‬حياة‭ ‬أفضل‭ ‬للشعوب‭ ‬وأيام‭ ‬أجمل‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭. ‬هو‭ ‬بالتحديد‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان،‭ ‬وسياسته‭ ‬الخارجية‭ ‬هي‭ ‬الولادة‭ ‬البسيطة‭ ‬لمشروعه‭ ‬الحكيم‭ ‬“الجوار‭ ‬البعيد”،‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يفطن‭ ‬قائد‭ ‬قبله‭ ‬بأن‭ ‬عالم‭ ‬المحاور‭ ‬قد‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬التجمعات‭ ‬الأممية‭ ‬المتلاصقة،‭ ‬وأن‭ ‬البديل‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬أو‭ ‬المضاف‭ ‬الحكيم‭ ‬لابد‭ ‬وأن‭ ‬يتجلى‭ ‬هنا‭ ‬في‭ ‬سياسة‭ ‬جديدة‭ ‬يعرفها‭ ‬الساسة‭ ‬المخضرمين‭ ‬بـ‭ ‬“الجوار‭ ‬البعيد”‭. ‬

وبالفعل‭ ‬ومنذ‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬بدأ‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬حفظه‭ ‬الله‭ ‬ورعاه‭ ‬في‭ ‬انتهاج‭ ‬تلك‭ ‬السياسة،‭ ‬واضعًا‭ ‬نصب‭ ‬أعينه‭ ‬ذلك‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الملفت‭ ‬لدول‭ ‬“الآسيان”‭ ‬أو‭ ‬النمور‭ ‬الآسيوية،‭ ‬وعلى‭ ‬الفور‭ ‬توجه‭ ‬سموه‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬الفلبين‭ ‬وتايلند‭ ‬وغيرهما؛‭ ‬باعتبارهما‭ ‬منطلقا‭ ‬لدول‭ ‬التجمع‭ ‬المشرق‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬الازدهار‭ ‬الجديد‭. ‬وها‭ ‬نحن‭ ‬اليوم‭ ‬نشهد‭ ‬العلاقات‭ ‬المتميزة‭ ‬بيننا‭ ‬وبين‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬وهي‭ ‬تؤتي‭ ‬ثمارها،‭ ‬اتفاقيات‭ ‬على‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى،‭ ‬تبادل‭ ‬تجاري‭ ‬وتأثير‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬دعم‭ ‬في‭ ‬قضايانا‭ ‬الإقليمية‭ ‬والمحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬أخيرا‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬تلقى‭ ‬الرئيس‭ ‬القائد‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬الرئيس‭ ‬الفلبيني‭ ‬تسلمها‭ ‬بالنيابة‭ ‬عن‭ ‬سموه‭ ‬مستشار‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬ونجله‭ ‬الوفي‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬خليفة‭ ‬وفقه‭ ‬الله‭ ‬تضمنت‭ ‬تعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬الصديقين‭ ‬وحرص‭ ‬جمهورية‭ ‬الفلبين‭ ‬الصديقة‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬بهذه‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬آفاق‭ ‬أرحب،‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أن‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬زعماء‭ ‬العالم‭ ‬سيظل‭ ‬بمثابة‭ ‬العمل‭ ‬الدؤوب‭ ‬الذي‭ ‬يتخذ‭ ‬منه‭ ‬سموه‭ ‬موقعا‭ ‬حصينا‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬قضايانا‭ ‬العادلة،‭ ‬والذود‭ ‬عن‭ ‬مقدراتنا‭ ‬الصامدة،‭ ‬والوفاء‭ ‬بأحلام‭ ‬شعوبنا‭ ‬المساندة‭. ‬

إنها‭ ‬ملحمة‭ ‬قائد‭ ‬ملهم‭ ‬يتقن‭ ‬مفرداتها‭ ‬مثلما‭ ‬يدرك‭ ‬أبعادها،‭ ‬يفهم‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬تفاصيلها‭ ‬ويوجه‭ ‬أمته‭ ‬وأجهزته‭ ‬المعنية؛‭ ‬كي‭ ‬تتابع‭ ‬وتتحرك‭ ‬باتجاه‭ ‬توثيق‭ ‬أعمق‭ ‬لعلاقات‭ ‬مع‭ ‬الأشقاء‭ ‬والأصدقاء‭ ‬وتبادل‭ ‬أوسع‭ ‬للأفكار‭ ‬والمطارحات،‭ ‬وتعاطي‭ ‬أكثر‭ ‬تركيزًا‭ ‬مع‭ ‬قضايانا‭ ‬المحورية،‭ ‬وهمومنا‭ ‬التاريخية‭ ‬وسياستنا‭ ‬الخارجية‭. ‬إنها‭ ‬قدرة‭ ‬رئيس‭ ‬على‭ ‬صون‭ ‬حقوق‭ ‬بلاده‭ ‬في‭ ‬العيش‭ ‬الكريم‭ ‬مع‭ ‬الآخر؛‭ ‬تعزيزا‭ ‬لمنهج‭ ‬وطن،‭ ‬وتطويرا‭ ‬لإنجازات‭ ‬أمة‭.‬