من يصنع “فوبيا الامتحانات”؟

| أحمد عمران

مع‭ ‬بدء‭ ‬الامتحانات‭ ‬تبدأ‭ ‬المعسكرات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬المنازل،‭ ‬حيث‭ ‬تخيم‭ ‬على‭ ‬أجوائها‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التوتر،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حالياً‭ ‬عند‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأسر‭ ‬التي‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬قلق‭ ‬وترقب‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الامتحانات‭ ‬التي‭ ‬يعتبرونها‭ ‬فترة‭ ‬معاناة‭ ‬مع‭ ‬أبنائهم،‭ ‬خصوصاً‭ ‬مع‭ ‬وجود‭ ‬الأجهزة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬وصعوبة‭ ‬فك‭ ‬الارتباط‭ ‬بها‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬المذاكرة،‭ ‬حيث‭ ‬إنها‭ ‬تعتبر‭ ‬السارق‭ ‬الأكبر‭ ‬للوقت،‭ ‬وبلاشك‭ ‬هناك‭ ‬أسباب‭ ‬عديدة‭ ‬تقف‭ ‬خلف‭ ‬تحويل‭ ‬الامتحانات‭ ‬من‭ ‬أداة‭ ‬لقياس‭ ‬مستوى‭ ‬التحصيل‭ ‬لدى‭ ‬الطالب‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬كابوس‭ ‬يخيف‭ ‬الطلبة‭ ‬ويقلق‭ ‬أولياء‭ ‬أمورهم‭.‬

أحد‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬غياب‭ ‬الاستعداد‭ ‬المبكر‭ ‬والتخطيط‭ ‬الجيد‭ ‬للمذاكرة،‭ ‬فكلما‭ ‬زاد‭ ‬الاستعداد‭ ‬قلت‭ ‬المخاوف‭ ‬والعكس‭ ‬صحيح،‭ ‬لأن‭ ‬الطالب‭ ‬يكون‭ ‬حينها‭ ‬واثقاً‭ ‬من‭ ‬نفسه‭ ‬وقلبه‭ ‬مطمئن‭ ‬لا‭ ‬يعتريه‭ ‬خوف‭ ‬أو‭ ‬قلق،‭ ‬وكذلك‭ ‬أيضاً‭ ‬غياب‭ ‬ثقافة‭ ‬إدارة‭ ‬الامتحانات‭ ‬بشكل‭ ‬سليم‭ ‬عند‭ ‬الطلبة،‭ ‬فوجودها‭ ‬يضمن‭ ‬إجابات‭ ‬صحيحة‭ ‬ويبعدهم‭ ‬عن‭ ‬حالة‭ ‬التوتر‭ ‬والقلق‭ ‬التي‭ ‬تزعزع‭ ‬الثقة‭ ‬وتشتت‭ ‬التفكير،‭ ‬فالتهيئة‭ ‬النفسية‭ ‬قبل‭ ‬دخول‭ ‬قاعة‭ ‬الامتحان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬مهم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفاله،‭ ‬وكيفية‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬أسئلة‭ ‬الامتحان‭ ‬وإدارة‭ ‬الوقت‭ ‬فيه،‭ ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬فتوقعاتهم‭ ‬العالية‭ ‬نحو‭ ‬أبنائهم‭ ‬في‭ ‬التحصيل‭ ‬الدراسي‭ ‬تجعل‭ ‬الأبناء‭ ‬يشعرون‭ ‬بضغط‭ ‬هائل،‭ ‬وخوف‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬تحقيق‭ ‬آمال‭ ‬آبائهم،‭ ‬لذلك‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬التوقف‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬وأن‭ ‬لا‭ ‬يرفعوا‭ ‬سقف‭ ‬توقعات‭ ‬النجاح،‭ ‬وإظهار‭ ‬تقبلهم‭ ‬لنتائج‭ ‬أبنائهم‭ ‬أياً‭ ‬كانت،‭ ‬فالقدرة‭ ‬على‭ ‬التحصيل‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬لآخر،‭ ‬ويجب‭ ‬عليهم‭ ‬الإيمان‭ ‬بطاقات‭ ‬وقدرات‭ ‬أبنائهم‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬المستمر‭ ‬دون‭ ‬تحميلهم‭ ‬ضغوطا‭ ‬إضافية‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬نتائج‭ ‬سلبية‭. ‬

الآباء‭ ‬يقع‭ ‬على‭ ‬عاتقهم‭ ‬التوجيه‭ ‬والتشجيع‭ ‬والتخطيط‭ ‬المسبق‭ ‬للمذاكرة‭ ‬وزرع‭ ‬الثقة‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬أبنائهم‭ ‬وتنمية‭ ‬قدراتهم‭ ‬ضمن‭ ‬حدود‭ ‬إمكانياتهم‭ ‬وطاقاتهم؛‭ ‬فهذه‭ ‬الأمور‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬تحقيقها‭ ‬الآباء‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول‭ ‬وبغيابها‭ ‬فإنهم‭ ‬يضعون‭ ‬أبناءهم‭ ‬تحت‭ ‬الضغط‭ ‬الذي‭ ‬يصنع‭ ‬“فوبيا‭ ‬الامتحانات”‭ ‬التي‭ ‬يصاب‭ ‬بها‭ ‬الأبناء‭ ‬والتي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬إضعاف‭ ‬قابليتهم‭ ‬للتعليم‭ ‬وتقلل‭ ‬تركيزهم‭ ‬وبالتالي‭ ‬تبعدهم‭ ‬عن‭ ‬أجواء‭ ‬الإبداع‭ ‬والابتكار‭.‬